السفارة الجزائرية تجهل وجودهم ووزير الداخلية التونسي يرفض الحديث عن الأمر ترك فرار الرئيس المخلوع، بن علي، إلى المملكة العربية السعودية وشما لن ينساه التونسيون والجزائريون على مدى التاريخ، فبعد أن رحل، كما يصفه أبناء وطنه، الديكتاتور، بدأت فضائحه تظهر واحدة تلو الأخرى، خاصة فيما تعلق بالتعذيب وانتهاك حريات الأفراد وتقتيلهم.
بعد مرور 23 سنة من الحكم بالحديد والنار، يكشف ضباط أمن بوزارة الداخلية التونسية عبر جريدة الخبر عن اعتقال عدد من الجزائريين الإسلاميين خلال الـ17 سنة الماضية أثناء تواجدهم بتونس، في الوقت الذي يعتقد أهاليهم في الجزائر أنهم مفقودون.
اتصلت بالسفارة الجزائرية لأسأل عن أماكن تواجد السجناء الجزائريين الموقوفين على الأراضي التونسية، فتحصلت على معلومات كانت كافية بالنسبة لي لأن أنطلق في رحلة البحث عن أماكن تواجد بها الجزائريون أو تلك التي فر منها البعض الآخر.
عائلات جزائرية تنتظر ذويها بعد الإعلان عن العفو
توجهت إلى سجن الناظور بولاية بنزرت الذي سجل عمليات شغب ومحاولة فرار على غرار باقي السجون الأخرى، لم تزد المسافة عن 70كلم، ولما وصلت من حاجز الشرطة، لا يبعد عن الباب الرئيسي لمبنى السجن إلا بأقل من 50 مترا، بعد أن قدمت نفسي لأعوان الأمن على أنني صحفي أجنبي تم اقتيادي إلى غرفة خاصة بالتفتيش والتدقيق في الوثائق التي أحملها. سألني مسؤول من السجن عن سبب قدومي إلى السجن، فأخبرته أن الأمر يخص الإطلاع على أحوال السجناء الجزائريين الموقوفين في سجن بنزرت وغيره، لكن رده كان سلبيا ومنعني من الدخول.
قبل أن نغادر المكان، قال لي أحدهم انتهى لتوه من زيارة قريبه في السجن لقد اكتوينا في عهد بن علي بالحديد والنار، مثلنا مثل بقية السجناء الآخرين، أنا كنت ضابط شرطة من قبل وأعرف ما أقول .
وأضاف: أنا مستعد أن أدلي بحقائق عن أبناء بلدك سجناء الرأي، الذين كانوا اعتقلوا من قبل في زنزانات وزارة الداخلية وبقية السجون والإصلاحيات الأخرى . اسمه الكامل الحبيب عثمان البوبكيري يقطن بالضاحية الجنوبية الغربية لتونس، كان يعمل مفتش شرطة ومنتسبا لوزارة الداخلية، قبل أن يتم اعتقاله من طرف ما يعرف بالشرطة السياسية، سنة 2000، وتمت إدانته بالحبس النافذ.
ضابط أمن تونسي يكشف عن سجناء الرأي الجزائريين
وكشف ضابط الأمن في حديثه لـ الخبر ، أنه تم توقيف هؤلاء الإسلاميين خاصة الذين فروا سنوات التسعينات إلى الأراضي التونسية، في حين لا تعلم عائلاتهم أو ذووهم أي معلومات عنهم، حيث كانت التحقيقات معهم تعتمد على محاولة الوصول إلى إيجاد صلة تربطهم مع الإسلاميين في تونس .
وأضاف ذات المسؤول الأمني السابق: بعد أن تم توقيفي سنة 99 أودعوني السجن المدني بالعاصمة تونس، مع عدد من مساجين الرأي الجزائريين في قاعات مخصصة فقط لنا، من أساتذة ورجال أمن سابقين وسياسيين وإسلاميين، إضافة إلى أني كنت أعلم قبل دخولي السجن بتواجد آخرين بزنزانات وزارة الداخلية وكذا السجون الأخرى .. معلومات أكثر أهمية من ذلك يقول محدثنا عنها، أن بعض الجزائريين بلغت مدة محكوميتهم أزيد من 46 سنة، والعشرات منهم تجاوزت عقوباتهم العشر سنوات، وهم ينحدرون من مختلف مدن الجزائر كوادي سوف وعنابة وتبسة .
وعن هوياتهم فيقول المعني إنه لا يذكر الكثير من الأسماء، سوى البعض منهم كعائلة حميدة امعمر من وادي سوف وصديقه من نفس الجهة الجزائري تواتي أحمد نبيل، علما أن بعضهم قدم هويات وأسماء جزائرية مزيفة.
أسماء لجزائريين فُقدوا وهم موقوفون في سجون تونس
توجهت بعدها إلى السجن المدني ببرج العامري، كانت الأجواء هادئة، وكان اليوم مبرمجا للزيارة، وجدت هناك 3 سيارات مركونة تحمل الترقيم الجزائري لولايات تبسة وعنابة والجزائر، سألت أصحابها عن سبب تواجدهم هنا في هذه الأوضاع، فقالوا إن لديهم أفرادا من عائلاتهم موقوفين بهذا السجن الذي عرف عملية فرار جماعية على غرار سجن برج الرومي، غير أنهم يجهلون الوضع الحقيقي لهم منذ ما يزيد عن 10 أيام.
وعن سجناء الرأي الجزائريين الذين اختفى أثرهم في الجزائر، فقال أحد التونسيين، سجين رأي سابق بـ المورنقية : الجزائريون تجاوز عددهم الستة عشر ممن أعرفهم، كان بعضهم هنا والبعض الآخر حُوّل إلى سجون أخرى، من بينهم إسماعيل بلخيري وتالي محمد الطيب والعياشي الطويل من الطارف، وغيرهم ممن لم أذكر أسماءهم .
الشهادات أكدت أن العديد من الجزائريين الذين فُقدوا سنوات التسعينات كانوا نزلاء الزنزانات وسجون الداخلية في تونس، مع أن الكثير من الحقوقيين، على غرار المحامي الهادي الشمانقي، لم يستبعد أن يكون النظام السابق متورطا في أبشع من القبض على الجزائريين الإسلاميين وإخفاء أمرهم عن السلطات الجزائرية.
حاولنا بدورنا طرح هذه القضية على وزير الداخلية التونسي، أمس، بقصر الحكومة، إلا أنه رفض الإجابة، كما أن الدبلوماسية الجزائرية أكد مصدر رسمي منها أنه لا علم لها من خلال القنوات الرسمية بتواجد سجناء الرأي الجزائريين لدى مصالح الأمن التونسية، سوى الذين يتم الإعلان عن القبض عليهم في قضايا المخدرات والقانون العام، ولم يتجاوز عددهم في سجن المورنقية 12 جزائريا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/01/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : تونس: مبعوث الخبر ياسين. ب
المصدر : www.elkhabar.com