تولي السّلطات العمومية انشغالا متزايدا لملف لطالما أرهق الجماعات المحلية، ألا وهو إزالة مادة «الأميونت» نهائيا من البنايات ذات المنفعة العامة والخدماتية، وحتى على مستوى المؤسّسات التّربوية وغيرها لم ينتبه لتركيبة الأجهزة المستعملة إلاّ في أوقات متأخّرة جدّا إثر تسجيل حالات مرضية خطيرة.هذا التّشخيص الحتمي النّاجم عن السّرعة أحيانا في إنجاز مشاريع معيّنة في ظروف خاصة واستثنائية في مناطق داخلية استدعت ذلك، ومع مرور الوقت تحوّلت تلك النّعمة إلى نقمة بعد اكتشاف إصابات لدى العديد من الأشخاص، الذين كانوا عرضة لمتاعب صحية دون أن يشعروا بذلك إلا بعد فترة طويلة.
وبالرّغم من هذا الواقع المعقّد سارعت الجهات المهتمّة إلى الشّروع في التّقليل من هذا الخطر، والتوجه نحو محول كلي من الوسط العمراني، من خلال إغلاق جميع الهياكل التي تحتوي على هذه السّموم الضّارة بالإنسان.
هذا العمل كان صارما ودقيقا لتفادي المزيد من التّداعيات النّاجمة عن ملازمة تلك المواقع الصّعبة، غير أنّه لم يكن مهيكلا ومنظّما في إطار واضح ضمن خطّة وطنية شاملة ومحكمة تراعي كيفية التّكفل ومتابعة هذا الملف بشكل دائم مرجعية تسييره النّصوص التّشريعية، وهذا ما تمّ بالفعل مؤخّرا، بتقييم نشاط فوج العمل المختص المكلّف بهذه المهمّة، والذي قرّر وضع آلية عملية يرافقها باحثون ومكاتب الدّراسات.
ونظرا لما خلّفته هذه المادة القاتلة وما تتطلّبه من مواجهة تكون في مستوى أخطارها خلال الفترات القادمة، ستوضع استراتيجية وطنية بأدوات قائمة بذاتها، تعزّزها تجارب الوزارات الرّائدة في هذا المجال مع إنشاء مكاتب للدراسات للكشف عن «الأميونت»، تدعّم بإمضاء اتّفاقيات مع المعاهد الوطنية المختصّة والجامعة لوضع الدّراسات والخبرة، يضاف إلى كل هذا الرّفع من الكفاءة الوطنية في نزع المادة ومعالجتها مع إصدار النّصوص التّطبيقية لتأطير هذه العمليات التّقنية.
وسنحاول من خلال فتح هذا الملف الحسّاس أن نطّلع على نماذج حيّة من الجزائر العميقة، والإجراءات المتّخذة لوضع حدّ للأضرار الصحية التي تسبّبها هذه المادة للنّاس عبر مراسلينا في عين المكان، الذين يوافونا بتفاصيل ما تبقّى من تلك البنايات، وما سبّبته من مشاكل جسمانية للمتردّدين عليها، وإعادة طرح هذا الموضوع على مستوى السّلطات المحلية يدل دلالة واضحة على أنّ هناك إرادة خالصة في توقيف زحف مخلّفات هذه المادة على الإنسان بواسطة إدراج ذلك ضمن اهتمامات المسؤولين حتى يكون هناك تكفّل جدي قائم على تصوّر واضح من جميع الجوانب يعتمد على حلول فعّالة وجذرية، تكون خلاصتها في نهاية المطاف عدم استعمال هذه المادة بتاتا، ومنع اللّجوء إليها بأي حال من الأحوال للتّخلّص منها نهائيا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/11/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : جمال أوكيلي
المصدر : www.ech-chaab.net