لم تتحقق لكثير من الجزائريات والجزائريين كثير من الأحلام التي راودتهم في السنة التي ودّعناها، والتي انتحر فيها أكثـر من 30 شخصا حرقا، في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب، ولم يغيّر فعل المنتحرين واقع الناس في الجزائر، كما حصل بعد الذي فعله البوعزيزي في نفسه في تونس، التي صار فيها رئيس منتخب ليس على الطريقة ''النايجلانية''.
في الجزائر، يباشر الناس السنة الجديدة بأحلام كثيرة، لم تتحقق العام الماضي وما قبله من أعوام، سيتمسكون بها في العام الجديد، ولا شك بعده أيضا. وهي في الحقيقة بسيطة، لأنها تتحقق لغيرهم من سكان المعمورة دون أن يلجأوا إلى حرق أنفسهم.
من هذه الأحلام مثلا، وليس كاتب هذه الكلمات وصيا على الجزائريات والجزائريين، ألا يضطر الناس إلى نصب خيم في الشوارع، لأن العدالة، التي كلف رئيس الجمهورية ''مستخدميها'' بمراقبة انتخابات الربيع القادم، أصدرت قرارات بطردهم من مأواهم في عز الشتاء البارد، وهذا حتى لا يستحي الجزائري من كونه جزائريا في .2012
ويأمل كثيرون أن يحققوا سنّة الحياة، قبل أن ''تبور'' الفتيات ويشيخ الشبان، لأن لجان توزيع السكنات الاجتماعية انشغلت بأفراد عائلات أعضائها، ولأن القائمين على وكالة ''عدل'' وأنظمة السكن المدعم لم يستطيعوا مقاومة ''الأوامر'' التي ترِد إليهم لتفضيل المحظوظين.
ويحلم الجزائريون في يوم من هذه السنة الجديدة، ألا يصادفوا طفلا يقلب قمامة حيّهم في الصباح الباكر بحثا عن شيء يؤكل. ولا يصادفون في الشوارع عشرات الأيدي الممدودة للصدقة. ويحلمون أيضا بأيام لا تنقطع فيها حركة المرور وتحرق فيها العجلات المطاطية، لأن غيرهم ثاروا ضد توزيع غير عادل للسكنات، أو انقطاع للكهرباء أو الماء، أو للمطالبة بممهلات لأن سيارة مجنونة أزهقت روح طفل أو طفلة وهو في طريقه إلى المدرسة.
في الجزائر يحلم الناس بأن يغادروا منازلهم للعمل أو النزهة، وعندما يعودون إليها يجدون متاعهم وأغراضهم في مكانها، ولا يضطرون إلى التوجه إلى كتيبة الدرك أو محافظة الأمن ليقدموا شكوى ضد ''مجهول'' راقب تحركاتهم ليسطو عليها. ويحلمون بسنة تقضي فيها الدولة فعلا على الإرهاب الذي جعل الشكوك تحوم حول كل من يحمل جواز السفر الأخضر عندما يسافر إلى الخارج. سنة لا يباغت فيها إرهابيون مواطنين آمنين ويزهقون أرواحهم ويسلبونهم ممتلكاتهم.
أحلام كثيرة تراود الجزائريين منذ سنوات طوال، لم تتحقق العام الماضي، وسيواصلون الحلم بها رغم أنهم ينتمون إلى بلد ثار الذين حرروه لأنهم يفضلون أكل العشب على مواصلة العيش مذلولين. لكن سنة 2011 انقضت بعد أن طوى الجزائريون 49 سنة من عمر الاستقلال دون أن يحققوا الكثير من أحلامهم.
يحلم كثير من الجزائريات والجزائريين مع مطلع السنة الجديدة 2012 ألا يخجلوا من كونهم جزائريين، لأن أشياء كثيرة غير جميلة تحدث وهم أحياء في بلد حر وغني.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/01/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : لحسن بوربيع
المصدر : www.elkhabar.com