الجزائر

الحقيقة التي تزعج الولايات المتحدة



الحقيقة التي تزعج الولايات المتحدة
لم يرق خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام الجمعية العامة الأممية الادارة الأمريكية، وذهبت إلى حد وصفه بالجارح والمهين لا لسبب إلا لأنه قال الحقيقة والحقيقة كثيرا ما تجرح كما يقول المثل.وبالعودة الى الخطاب الذي انتظره الفلسطينيون طويلا فإنه لم يأت بشيء جديد غير تكرار تصريحات ما انفك يؤكد عليها في كل مرة بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.ولم يعد سرا بأن الفلسطينيين يريدون إقامة دولتهم التي تضمنتها اتفاقيات أوسلو قبل عشرين عاما، وقبلت بها إسرائيل وزكتها الولايات المتحدة وأصرت على رعايتها لوحدها بدلا عن اللجنة الرباعية.والأكثر من ذلك لماذا تثور ثائرة الادارة الأمريكية ولم يفعل الرئيس عباس، سوى التأكيد على تجسيد مبدأ إقامة الدولتين تتعايشان جنبا الى جنب في سلام ووئام.فإذا كان الرئيس الفلسطيني تبنى هذا المبدأ فما الذي يزعج واشنطن مادام الرئيس الفلسطيني يؤيد مقاربة الدولتين التي كانت أول من طرحها رغم أن الطرف الآخر يعمل على تجاهلها ولا يفوت مناسبة إلا وأكد انه يرفض قيام هذه الدولة إلا وفق تصوره الخاص.فهل تأكيد الرئيس عباس، على استقلال فلسطين يحرج الى هذه الدرجة رغم أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما، سبق وان أكد حتى قبل انتهاء عهدته الأولى انه لن يغادر البيت الأبيض دون أن يحقق هذا المكسب الذي يخلد اسمه في البيت الأبيض عبر انجاز عجزت عن تحقيقه كل الإدارات الأمريكية التي سبقته.وإذا سلمنا أن خطاب الرئيس الفلسطيني تحريضي وتهجمي ضد الولايات المتحدة كما زعمت جنيفر بساكي، فإن الرئيس الامريكي سبقه الى ذلك مادام قد طالب بقيام الدولة الفلسطينية وبطريقة آلية إنهاء الاحتلال.والمفارقة أن إدارة الرئيس الامريكي استاءت من تصريحات لن يخرج "صداها" من بين جدران مقر الأمم المتحدة، ولكنها لم تر ولم تسمع وأصيبت بالخرس تجاه ما تقوم به حكومة الاحتلال من سلب ونهب لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم وتقتيلهم بالآلاف وجرائمها في قطاع غزة مازلت ظاهرة للعيان.وإذا كان محمود عباس، أراد من خلال طلبه بضرورة "إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين" تمرير رسائل مشفرة باتجاه الادارة الأمريكية، بأنها فشلت في مهمة رعاية عملية السلام عبر مفاوضات ظاهرها البحث عن السلام وحقيقتها تكريس الاحتلال ومنطق إسرائيل على الفلسطينيين فإنه لم يقل سوى الحقيقة المرة التي أزعجتها.وما لم يقله الرئيس عباس ربما احتراما لدولة بحجم الولايات المتحدة أنها لم تسع يوما لتحقيق السلام كما زعمت، بل عملت على عرقلته بشتى الطرق والأساليب بالتزامها الصمت تجاه مواقف التعنت التي تتخذها حكومات الاحتلال حتى ضد إرادة واشنطن، رغم امتلاكها القدرة على قول "لا" في وجه الاحتلال والاستيطان ورفض حتى جوهر مفاوضات السلام.وما يدفع الى الاستغراب أكثر أن الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، انتقدت التصريحات "غير البنّاءة" للرئيس عباس وذهبت الى حد اتهامه بالعمل على إفشال الجهود المبذولة من اجل إيجاد أجواء مناسبة لاستعادة الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.فهل بعد عشرين سنة من العراقيل الإسرائيلية والصمت المتواطئ للولايات المتحدة مازال هناك مجال للقول بوجود جهود أو حتى نية لتفعيل عملية سلام تأكد أنها تسير وفق التصور الإسرائيلي لابتلاع الأرض الفلسطينية وتهويد القدس وكتم أنفاس سكان قطاع غزة.ويبقى فقط سؤال يطرح لماذا لم تفعل الادارة الأمريكية شيئا لوقف نهب آلاف الهكتارات في الضفة الغربية وعمليات الهدم في القدس؟فإذا وجدت الإجابة بطل الانشغال وانقشع ربما جزءا من الغمام ولكنها إجابة لن تأتي مادام التواطؤ قائما والغايات الأمريكية والإسرائيلية واحدة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)