الجزائر

الحرفية في فن الخزف فتيحة شحاميتحب الابتكار وتخشى الاندثار




كان الرسم موهبتها الّتي بزغت في الوسط المدرسي.. وفي سن الـ ,16 أدركت تماما أنّ في أناملها ثمة طاقة للرسم لابد أن تنفجر.. وتحت تشجيعات الأهل، كانت الإنطلاقة نحوعالم الديكور بألوانه الزاهية والمتعددة، لتشكل مشاهد تحكي عن أصالة الماضي.. هكذا فقط صنعت فتيحة شحامي اسما في مجال الأعمال الفنية التقليدية.
في صالون الخزف الفني وصناعة الزجاج المنظم من طرف وزارة السياحة والصناعة التقليدية مؤخرا، كان اللقاء مع حرفية تبدع في إسقاط الخيال على اللوحات والخزف، خيال يبحر إلى عصور غابرة ليستمد منها الروح الحضارية الممزوجة بروح العصر.
.. كان منظر غروب الشّمس أوّل ما تفننت في رسمه، وهي ما زالت رغم مرور السنين وخبرة التكوين الّذي صقل موهبتها، تعتبرها أفضل لوحة زيتية على الإطلاق.
عندما شعرت بأنّ موهبتها اكتملت، قررت أن تسير في طريق الفن، مواصلة مشوار إنجاز لوحات زيتية تتغنى بالماضي العريق.. ثمّ اكتشفت ولوعها بالزخارف الفنية على الخزف، فقررت أن تنمي موهبتها أكثر بالإستفادة من تكوين على يد مختص في صناعة الرخام، فنالت بموجب ذلك شهادة في فن الزخرفة على الرخام.
فالطين في النهاية مادة قابلة لنقل الأحاسيس والأفكار عبر أسس التقنيات المتوارثة؛ ومادة قادرة على احتواء صورة حياتنا وحياة أسلافنا باتخاذ أشكال مختلفة؛ قد يتجسَّد إناء، أو قلة أو شيئا آخر، لكنّه في الأخير يتميز عن سواه من الفنون بأنّه أكثر اِلتصاقاً بصانعه، ذلك أنّه قبل أن يكون عبارة عن مزيج من المعرفة والخبرات المكتسبة، هو أداة تكشف المكنونات في أعماق مبدعه.
تعمل محدثتنا الحرفية في ورشة منزلية، وتحاول دائما تدبر أمورها لإكمال مشوارها الفني الذي تعترضه قلة الامكانيات اللازمة لشراء المواد الأولية، حيث تستنجد في بعض الأحيان بالاقتراض من الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، للتنقل واقتناء ما يلزمها من مواد أولية.
تقول هذه الحرفية؛ إنّها تعتمد كثيرا على المشاركة في المعارض لتسويق منتجاتها الّتي تستقطب جمهورا ذواقا يحب أن يكون محاطا بجوّ من التقاليد في منزله. لكنّ الإنتعاش الّذي تشهده تجارتها في المعارض سرعان مّا يتحول إلى ركود تكرسه ظروف غير ملائمة.
رحلة العمل الخزفي بين الفكرة الواردة في الخيال والتجسيد الذي يعتمد على لمسات اليد رحلة طويلة محفوفة بالمصاعب، ولا تهُون إلاّ على خزاف متمرِّس يعرف ما يريد.. وهنا تقر الخزافة أنّ الصعوبات لا تثنيها عن  الاجتهاد في عملها سعيا نحو ترك بصمات خاصة على منتجاتها الفنية حتّى لا تشبه الآخرين.. غير أنّ التفاني في العمل كثيرا ما تحوم حوله مخاوف مرتبطة بمستقبل هذه الحرفة. وتضيف الحرفية فتيحة شحامي قائلة: ''صعوبة مهمة الإبتكار الفني والعثور على التميز المنشود، يخطف مّني نصيبا كبيرا من الراحة النفسية بسبب افتقاري لمحل يساعدني على الاستقرار في العمل، وتطوير منتجاتي الفنية وفقا لما يمليه علي الحس الفني''.
وفي هذا السياق، تشير الحرفية المختصة في فن الخزف وصناعة قطع الديكور إلى أنّ التسويق الذي يضطرها للتنقل بحثا عن زبائن، كثيرا ما يعرض بضاعتها للتلف كونها هشة.. بل وأنّ عزيمتها تتقهقر أحيانا إلى درجة التفكير في مقاطعة أشغال فنية تكن لها حبا جذوره ضاربة في الطفولة... ومع كل هذا، مازال بريق الأمل يلوح في سماء حياتها عسى تتحقق أمنيتها في أن تستجيب الجهة الوصية إلى مطلبها ومطلب المئات من الحرفيين ممّن ينشدون إنشاء سوق خاصة بالحرفيين.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)