إن مِن أغلظ ما يُساء من الظن بالشعر: أنه بمعزل عن الحجاج! يأباه ويتحاماه ولا يكاد يسيغه، كأن الذي يطلبه عنده، يتطلّب جذوة في ماء، أو ظلامة في سراج؛ وهذه المساءة من الظن تحجِّر من الشعر واسعا، فلو أنك شققتَ عن التشبيه الذي هو دم وتينه، وعن الاستعارة والكناية، وهما منه بالمكان المعلوم المعتبر، لوجدتَ منشطا حجاجيا، لا يغمه عن صريح الصورة الاستدلالية سوى إضمار بعض قرائنه، واستتار بعض وجوهه؛ فإذا قلت مثلا: زيد أسد، وهذا ضرب من القول هو مرعى للشعراء، لكنت صاحب قياس، أنت ذاكر منه أقلَّه، وكاتم أكثره، ثقةً بالسامع أنه يعرفه، إذ يلزم عن أسدية زيد شجاعته، استنادا إلى ما هو مشهور عن شجاعة الأسد. ولو قلت على سبيل الكناية: زيد يستكتب ألف محبرة، للزم عن قولك أن له مجلس علم يغشاه ألف طالب، ثم للزم عن ذلك أنه عالم مأتي.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/02/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - السعيد أهرو
المصدر : فصل الخطاب Volume 2, Numéro 2, Pages 11-22 2013-04-30