الجزائر

الجيش الوطني الشعبي..جزائر مهابة الجانب برجال لا ينامون



الاستعراض العسكري في ستينية الاستقلال.. لحظة فارقةإحباط كل مخططات الإرهاب والجريمة المنظمة
سمحت الظروف الاستثنائية التي عرفتها البلاد في السنوات الثلاث الماضية، ببروز المفهوم الشامل للأمن القومي، كواقع معيش وممارسة يومية، بفعل ازدياد الوعي الجماعي الوطني بشكل غير مسبوق، كل منجزات الجيش الوطني الشعبي تمت تحت العناية الفائقة والمتابعة الدقيقة لرئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني عبد المجيد تبون.
هذه الظروف، نجمت عن محاولات التطويق الاستراتيجي للبلاد، عبر تأزيم الأوضاع في الساحل الإفريقي جنوبا، وليبيا شرقا، ثم خرق الاحتلال المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار مع الجمهورية الصحراوية غربا.
وأضيف إلى هذه التهديدات، تفشي فيروس كورونا، وتسببه في صعوبات اقتصادية واجتماعية بالغة التعقيد، ما جعل سيناريو فقدان الأمن ماثلا للعيان، خاصة مع انكشاف مخططات التخريب التي تحرك خيوطها الخلايا النائمة في الداخل ومن الخارج.
وبالرغم من كل هذا، نجح الجيش الوطني الشعبي في إنجاز مهامه على كافة الجبهات. وأكثر من ذلك، واصل السير نحو تحقيق أهدافه الإستراتيجية في امتلاك «مكامن القوة الرادعة» للدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الشعبية، «وهذه حقيقة ماثلة على نجاح جيشنا على درب التطور المستمر»، مثلما يؤكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة.
رئيس الجمهورية: العرفان والوفاء
يؤكد الرئيس تبون، في كل مرة، أنه الحامي الأول لقداسة الجيش وللرابطة التي تجمعه بالشعب الجزائري، من خلال الضرب بيد من حديد لكل متطاول عليه من جهة، ومن خلال تهيئة برامج طموحة للتكوين والعصرنة، والصناعة العسكرية من جهة أخرى.
وينبع مشروع رئيس الجمهورية، لمواصلة مسار تطوير الجيش، من الوفاء والإكبار للتضحيات الجسام لكافة منتسبي المؤسسة العسكرية، حيث وفّى بالتزامه لمعطوبي ومتقاعدي الجيش، بمراجعته قانون المعاشات العسكري والقانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين.
وقال في مارس 2021، أثناء دراسة مشروع النص، بمجلس الوزراء: «إن التكفل التام بالانشغالات المعبر عنها، يأتي عرفانا لتضحيات منتسبي الجيش»، ووجه بتخصيص معالجة «عادلة ومنصفة» لكل العرائض المطروحة الخاصة بمختلف أشكال العجز أو العطب أو التسريح من الخدمة.
وصدر المرسومان الرئاسيان المتضمنان قانون المعاشات العسكرية والقانون الأساسي في الجريدة الرسمية في ديسمبر من العام الماضي، ليعالجا بشكل نهائي ملفا طالما استغل لأغراض سيئة من قبل بعض محترفي الاتجار بالقضايا الوطنية.
عرفان رئيس الجمهورية لمجهودات المؤسسة العسكرية والأدوار التي أدتها منذ الاستقلال، تجسد في إقرار يومي وطني للجيش الوطني، يصادف 04 أوت من كل سنة، وتم الاحتفاء به لأول مرة الصيف الماضي، وخصص لتكريم صناع ملحمة الحرب الشاملة على الإرهاب.
هذه المبادرة التي تعد سابقة في تاريخ البلاد، لقيت ثناء واسعا من قبل الرأي العام الوطني، كونها تدعم خصال الوفاء وعدم نكران الجميل، التي طالما ميزت تقاليد الدولة الجزائرية.
الاستعراض العسكري
بعد تفكيك الألغام، واحدا تلو الآخر، لاقت الجزائر ستينية استرجاع السيادة الوطنية، وهي في حالة تعافي اقتصادي واستقرار اجتماعي، والأهم من ذلك، بمشروع وطني محدد الأهداف، على رأسه «استعادة أمجاد الأمة».
ولم يكن الحفل المقام في 05 جويلية الماضي، عاديا، إذ شهد حدثا خاصا، أثلج صدور الجزائريين وأبهج الأصدقاء والأشقاء، وأعيا في الوقت ذاته الكائدين والحاقدين والمتطفلين الذين جفت أقلامهم وهم يحاولون فهم وتفكيك رسائله.
هذا الحدث، هو الاستعراض العسكري، الذي نظم، لأول مرة، بعد غياب قارب 30 سنة، وجرى أمام باحة مسجد الجزائر الأعظم، نفذته كامل القوات والوحدات بدقة متناهية واحترافية عالية.
الأداء المتناسق لمختلف المربعات والأطقم المشاركة، ظل على كل لسان وما يزال ماثلا، بدءاً من خيالة الحرس الجمهورية إلى زئير القوات الخاصة، وفخر البحرية الغواصة جرجرة إلى سرب نسور الجو «سو-30» رمز القوة المفرطة، ناهيك عن القطع الحربية الأخرى التي أظهر عناصر الجيش الوطني الشعبي تحكما مذهلا في تكنولوجياتها، خاصة وأن أغلب المدرعات تم تعديلها وتطويرها محليا.
رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، احتفى مطولا بعظمة المشهد الذي صنعته مختلف القوات أمام ضيوف الجزائر من قادة الدول الشقيقة والصديقة وتحت أنظار الجزائريين كافة وقال: «إنه مشهد مهيب نجدد فيه تقدير الأمة، لدرع الجزائر، الجيش الوطني الشعبي، حامل لواء جيش التحرير الوطني، الذي نشهد معه ما أحرزه من تقدم وإنجازات عظيمة».
واعتبر ما تخلل العرض «لحظات بمغزى عميق، يقف فيها الشعب على ما وصل إليه الجيش من احترافية وتحكم في العلوم والتكنولوجيا».
وردا على التساؤلات، ومئات المقالات التي أرادت إعطاء دلالات للاستعراض المهيب، أكد الرئيس تبون أن الجزائر ليست في حاجة إلى توجيه رسائل للآخرين، وتساءل: «كل الدول العظمى تقيم استعراضات عسكرية، لماذا لا يتساءلون عن رسائلها؟ أم يفعلون فقط عندما تقوم بها الجزائر؟».
وتابع: «هناك تقاليد للدول، والجزائر من الدول التي تحررت بالسلاح، ولا أحد منحها استقلالها مجانا، بل دفعنا ثمنا لذلك ملايين الشهداء»، وأكد أنه «من حقنا أن نبين العلاقة بين الجيش والشعب، فهو جيش أمة، لا يعتدي على الغير ولا يغزو أراضي ليست له».
وأضاف: «الجزائر دولة عظمى في إفريقيا، ودولة لها وزن في البحر الأبيض المتوسط، والأحداث تثبت ذلك»، مفيدا بأن الاستعراض «هو إحياء لتقليد، انتظره الشعب الجزائري طويلا».
وأشاد بنجاح الاستعراض، بدليل أن الأمة الجزائرية «احتضنته وفرحت به، واستعادت به النخوة والأمل على أساس أنه جيشها يحميها ويجسد قاعدة جيش قوي بشعب قوي».
إحاطة بالمتغيرات..
يمكن إيجاز كل ما تحقق في السنوات الثلاث الأخيرة، على صعيد إعادة البناء المؤسساتي للدولة، في استعادة هيبة الدولة وتعزيز تلاحم وقوة الجبهة الداخلية.
وبات واضحا، أن وضع الجزائر ما بعد الاستعراض العسكري لا يشبه ما قبله.
والمؤكد أن الرؤية الجديدة الرامية إلى وضع البلاد في مدار الدول سريعة النمو والمهابة الجانب، تمتلك أحد المقومات الرئيسية والمتمثلة في احترافية وقوة الجيش إلى جانب الحنكة الدبلوماسية، في انتظار اكتمال عناصر النماء الاقتصادي الذي يسير بخطى حثيثة نحو تحقيق التغيير الجذري.
في السياق، يسهم الجيش الوطني الشعبي، بشكل واضح، في إسناد مبادئ السياسة الخارجية، من خلال عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام السيادة الترابية لها، في وقت يقدم نموذجا رائدا في الصناعة العسكرية والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من المجالات.
ويضع الجيش الجزائري نصب عينيه التحولات الدولية المتسارعة وأكد في أزيد من مناسبة، أنه يجيد حسابات تموقع الجزائر في الخارطة الجيوسياسية المقبلة.
وسبق لرئيس الأركان الفريق أول السعيد شنقريحة، أن أكد بأن «الجيش الوطني الشعبي لا يشك إطلاقا، تحت قيادة رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، في اجتياز امتحان التكيف مع التداعيات والتأثيرات لتغيرات كبرى من خلال ترسيخ استقلال الجزائر الجيوسياسي».
وباشرت الجزائر، تحت قيادة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدّفاع الوطني، عمليات عصرنة برامج التكوين والتحضير القتالي مع مقتضيات الحروب الهجينة، خاصة الحرب الإلكترونية من خلال إرساء صناعة متينة وصلبة في مجال الاتصالات والإشارة.
وينطلق مسعى تعظيم قدرات الجيش الوطني الشعبي، من خلفية تاريخية قوية، تتمثل في تضحيات الشهداء ومجاهدي جيش التحرير الوطني، والماضي المجيد للبحرية الجزائرية للمتوسط.
في السياق، سبق لرئيس الأركان، الفريق أول السعيد شنقريحة، التأكيد على أن «الرفع من القدرات القتالية والعملياتية للقوات البحرية، يرمي إلى إعادة الاعتبار للبحرية الجزائرية التي عاشت فترة ذهبية في تاريخنا المجيد وكانت تمثل، دون منازع، سيدة البحار الأولى، يحسب لها ألف حساب في البحر الأبيض المتوسط».
يذكر، أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يضع التزامين (52 و53) من بين التزاماته 54، ينصان على مواصلة تحقيق أهداف تحديث وعصرنة قدرات القوات ورفع درجة احترافيتها وجاهزيتها، وترقية صناعة الدفاع في خدمة الأمن والدفاع الوطنيين والتنمية الاقتصادية.
وقال رئيس الأركان، في إحدى زيارته التفقدية هذه السنة: «إن رفع القدرات القتالية للجيش الوطني الشعبي، انشغال دائم للقيادة العليا وعلى رأسها رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، القائد الأعلى للقوات المسلحة عبد المجيد تبون».
إحباط كل المخططات
تبنّي المؤسسة العسكرية لسياسة اتصالية واضحة وصريحة، اعتمدت على المكاشفة والمصارحة بالحقائق، أكدت للشعب الجزائري حجم ما يتربص بالبلاد من مخاطر، لولا الحضور الدائم للجيش والأجهزة الأمنية.
ولقد كانت نهاية 2020، شاهدة على عمليات نوعية للجيش الوطني الشعبي، بإلقاء القبض على إرهابيين خطيرين تسللا إلى التراب الوطني من مالي، بعد إطلاق سراحهما في صفقة مشبوهة. وتم إيقاف الأول بتلمسان والثاني ببرج باجي مختار.
وبعد 8 أسابيع قليلة، ألقي القبض على إرهابي خطير، في عملية نوعية بدائرة العنصر بولاية جيجل، وبحوزته تسبيقا أوليا بمبلغ إجمالي قدره 80 ألف أورو مصدره الجماعات الإرهابية الناشطة بمالي.
المخطط الجهنمي، كان يرمي إلى إعادة بعث العمل الإرهابي في الجبال من خلال ضخ أموال للتجنيد والتعبئة واقتناء السلاح، لكن النتيجة جاءت عكسية تماما، إذ أعطى إشارة بداية المعركة الحاسمة ضد الإرهاب واجتثاث جذوره إلى الأبد.
ومن جيجل إلى تيزي وزو فتيبازة، ضربت آخر جحور الإرهاب وردمت عن آخرها، ليكون شهر مارس 2022، شاهدا على تطهير الشريط الساحلي الجزائري من دنس الإرهابيين، بعملية نوعية بسكيكدة، إذ تم القضاء على 07 إرهابيين والقبض على 07 آخرين، كانوا ضمن المجموعة نفسها.
وتنقل الفريق أول السعيد شنقريحة، إلى موقع العملية الخاصة، أين نقل للوحدة العسكرية التي أنجزت المهمة تحيات وتشجيعات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأكد أن النتيجة المحققة «تبين أن هذه المجموعة الإرهابية، انتهت.. كلها دمرت».
وقال شنقريحة، مطلع هذا الشهر، من وهران: «إذا كنا خرجنا من معركة الاستقلال منتصرين، وإذا كنا قد خرجنا من معركة الإرهاب مؤزرين، فإن ذلك كله ليس إلا سلاحا في أيدينا، علينا أن نثمنه ونستعمله بذكاء وفطنة لخوض معركة الحفاظ على الهوية وإثبات الذات في عالم مضطرب».
وإلى جانب الحرب الشاملة على الإرهاب والمخربين، يواصل الجيش الوطني الشعبي التصدي لكافة أشكال الجريمة المنظمة، من خلال تأمين الحدود، وحجز آلاف الأطنان من المخدرات التي يحاول نظام المخزن إغراق الجزائر بها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)