الجزائر

الجمهورية الثانية، المخاض العسير



جمهورية ثانية في إطار دولة مؤسسات وقانون صارم يمتد تطبيقه إلى الجميع ، و ترفع الحصانة عن الجميع أيضا احقاقا لدولة المؤسسات ، جمهورية ثانية كان تحقيقها في كل مرّ تشوبه شائبات ، ففي انتفاضة 88 تنبأ العديد بانطلاق جمهورية ثانية لكن المؤسسة العسكرية دخلت على الخط ، و خلال تعديل الدستور في فبراير 2016 و نظرا لجملة التغيّرات التي أتى بها و فتحه الباب لعديد الصلاحيات للبرلمان و الحكومة تنبأ أيضا الكثيرون بجمهورية ثانية ، عقدوا عليها الآمال إلّا أنّ عدم تطبيق مواد الدستور و بقاءه حبرا على ورق أفشل المشروع أيضا ، و بقيت صناعة القرار في يد زمرة معيّة من أصحاب السلطة . و اليوم و بعد الحَراك الشعبي الذي أطلقه الجزائريون و توصل إلى حدّ الآن إلى تحقيق عديد المطالب ، يتطلّع الجزائريون إلى جمهورية جديدة تحدث القطيعة مع ممارسات الماضي و تعيد السلطة إلى الشعب وفقا للدستور الذي يؤكد أنّ الشعب هو مصدر السلطة ، و هي المواد التي لا يراد بقاؤها مجرّد شعارات جوفاء يتم التلويح بها في الشدائد . الجمهورية الثانية في المنظور الديمقراطي يجب أن تفضي إلى دولة اجتماعية قائمة على الحريات وعلى توافق وطني وعلى السيادة، وهذه مبادئ ليس تحقيقها بمعجزة. و رغم أنّ موازين القوة نظريا في صالح مشروع جمهورية ثانية و جديدة نظرا للزخم الذي ظهر به الحراك الشعبي ، فالمتربصون بها أيضا موجودون من أذناب قوى خارجية لا تريد الخير للشعب من منطلق مركبات نفسية و تاريخية و إيديولوجية و استراتيجية في محاولة لإفشال الهبّة الشعبية و أيضا استمالتها ، فالحراك يريده البعض كورقة ضغط يستعملها في المناداة بجمهورية ما بعد التغيّر. و يذهب كثير من المنظرين للجمهورية الثانية إلى تحديد شروط قيامها و أهمها ضرورة اختفاء النظام الحالي بشكله و مضمونه و تخليه عن السلطة بعد أن تأكد عدم قدرته على المواكبة و تحقيق مطالب الشعب ، و هي السلطة التي يجب أن تسلّم إلى الشباب الذين لا يقلون كفاءة عن غيرهم و لا يجب احتقارهم تحت أيّ مسمّى ، و أيضا إعادة تشكيل الساحة السياسة لاسيما الحزبية ، فقد أظهرت تجربة التعددية أن الأحزاب لم تصنع رأيا عاما بل نأت بنفسها عن المشاكل و الصدامات مع السلطة ثم وجدت نفسها تسير وراء الحراك الشعبي بدل الدعوة إليه و تهيئة ظروف قيامه و استمراره. و تقتضي الجمهورية الثانية تعميق الإصلاحات بالإجهاز على رؤوس الفساد من كل القطاعات و إطلاق المحاسبة حتى لا تتكرر السيناريوهات الحالية ، و بالتالي احداث القطيعة النهائية مع الممارسة المستمرة منذ الاستقلال.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)