الجزائر

“الجزائر نيوز" تجولت ليلا بين مقار الأحزاب المشاركة يوم الاقتراع.. التصويت الجماعي للأسلاك النظامية يثير حفيظة أحزاب



“الجزائر نيوز

أثارت مسألة التصويت الجماعي للأسلاك النظامية، لا سيما أفراد الجيش، خلال الانتخابات المحلية ليوم 29 نوفمبر 2012، حفيظة أحزاب المعارضة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، ولقد لمست “الجزائر نيوز" خلال جولة قامت بها يوم الاقتراع بمقار بعض الأحزاب المشاركة، امتعاضا كبيرا لدى قياديي ومناضلي هذه التشكيلات
السياسية لا سيما حزبي حمس والأفافاس. وعموما، فإن هيئات أركان الأحزاب التي تجولت “الجزائر نيوز" في مقارها - يوم الاقتراع - كانت كلها فيما يشبه حالة طوارئ وسط حضور كبير للقياديين والمناضلين، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لحمس والأفلان والأرندي.
عند وصولنا إلى مقر حركة مجتمع السلم بالمرادية في حدود الساعة الخامسة ونصف مساء، كان عناصر خلية المتابعة التي شكلها الحزب، للتعاطي مع معطيات العملية الانتخابية ونتائجها، لا يزالون منهمكين في مهامهم في قاعة فسيحة توجد في الطابق الثاني، وهي القاعة نفسها التي خصصت لجلوس قياديي الحركة ومن ضمنهم رئيس الحزب أبو جرة سلطاني الذي أدلى بتصريح صحفي خلال فترة الظهيرة أكد فيه أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات مع حلول الفترة المشار إليها لم تتجاوز 6 بالمائة.
وتكلم أبو جرة سلطاني أيضا عن مسألة التصويت الجماعي للأسلاك النظامية ضمن حديثه عن “تساؤلات عن تجاوزات" حدثت، معبرا عن اعتقاده بكون هذه الانتخابات ستكون الأسوأ في تاريخ الجزائر.
وفي الواقع، فإن وجود عناصر خلية المتابعة وعدد من إطارات الحزب والمختصين في المسائل القانونية بنفس القاعة التي كان يجلس فيها قياديو الحزب، شكل ما يشبه “الكنز" بالنسبة إلينا للحصول على المعلومات. وعلى هذا الأساس، فقد أكد لنا مصدر حزبي، فضّل عدم الكشف عن هويته، احتمال انسحاب أحزاب تكتل الجزائر الخضراء، ومن بينها حمس، من المجالس المحلية بالنظر إلى “التجاوزات الكثيرة" التي تخللت عملية الاقتراع، مشيرا إلى كون ذلك، إذا حدث، سيكون قرارا سياسيا يتم اتخاذه على أعلى مستوى قيادات أحزاب التكتل، فضلا عن كون الإعلان عنه لن يتم قبل الإعلان عن النتائج النهائية والرسمية لعملية الاقتراع من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية.
ورغم أن سيد أحمد بوليل، عضو المكتب الوطني في الحزب ونائب الهيئة الوطنية لمتابعة الانتخابات، قد استبعد حدوث عملية انسحاب للتكتل من المجالس المحلية، إلا أنه أكد من جانب آخر أن الموقف سيكون قويا جدا في حالة وجود تلاعبات كثيرة تؤثر على النتائج، وأن ذلك لن يحدث قبل الإعلان عن النتائج الرسمية، مشيرا إلى كون رئيس الحركة أبو جرة سلطاني - الذي كان في تلك الفترة خارج مقر الحزب - بصدد التشاور مع رؤساء أحزاب التكتل الأخرى - النهضة والإصلاح الوطني - بهذا الخصوص ولكن “ليس في مقر حمس" بالمرادية.
غادرنا مقر حركة مجتمع السلم نحو مقر حزب جبهة القوى الاشتراكية على بُعد مسافة قصيرة نسبيا وهناك، وبينما كنا بصدد البحث عن المكلف بالإعلام في الحزب، صادفنا خروج الأمين الوطني الأول للحزب علي العسكري، والأمين الوطني و العضو في الهيئة الوطنية للحملة الانتخابية يوسف بوشيش، وعندها فقط فضّل علي العسكري إحالتنا على بوشيش من أجل التحدث بخصوص الانتخابات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أهمية منحنا بيانا صحفيا أصدرته هذه الهيئة السياسية بخصوص سير عملية الاقتراع.
وتضمن البيان - الذي تحوز “الجزائر نيوز" على نسخة منه - إشارة صريحة إلى كون عملية الاستحقاق الانتخابي ليوم 29 نوفمبر بعيدة عن الاستجابة للمعايير الدولية في مجال النزاهة والمصداقية، وقد بنى الأفافاس ملاحظته هذه “قبل ساعتين من نهاية عملية الاقتراع"، وفق ما يشير إليه البيان الذي تضمن أيضا الإشارة إلى عدة تجاوزات من بينها وجود صناديق انتخابية غير مغلقة ووجود أوراق تصويت قبل أيام من انطلاق عملية الاقتراع، فضلا عن مسألة انتخاب أفراد الجيش والأسلاك النظامية الذي اعتبرها الحزب، أكثر التجاوزات خطورة.
وقد أشار يوسف بوشيش إلى أن الحزب، ومن خلال ممثليه المحليين، سجل تجاوزات في جميع الولايات ال 48، مشيرا إلى كون الانتخاب الجماعي للأسلاك النظامية وأفراد الجيش أعقبته ردود فعل غاضبة في بعض الولايات مثلما حدث في حيزر ولاية البويرة عندما قام مواطنون بغلق مركز انتخابي مؤقتا، وفق ما أكده يوسف بوشيش الذي قال أيضا إن الانتخاب الجماعي المشار إليه حدث بالرغم من التطمينات بهذا الخصوص الصادرة عن الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الداخلية دحو ولد قابلية “عند اللقاء بهما" في وقت سابق.
غادرنا مقر الأفافاس نحو المقر الوطني للأفلان بحيدرة أعالي العاصمة، وهناك كان المكان يغص بالقياديين والمناضلين الذين أتى بعضهم من ولايات أخرى كما لاحظت “الجزائر نيوز".
ولاحظنا وجود قيادي الأفلان ووزير النقل عمار تو، الذي فضّل عدم إعطائنا أي تصريح بخصوص الانتخابات مكتفيا بالإشارة ضمنيا، وابتسامة عريضة تعلو محياه، أنه ينبغي الاعتماد على تصريح الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم، ولما سألنا عمار تو فيما إن كان متفائلا بنتائج الانتخابات أجابنا بثلاث كلمات “لولا فسحة الأمل" في إشارة منه إلى العبارة المأثورة “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".
وفي الواقع، فإن القاعة الفسيحة التي خصصت لاستقبال الصحفيين و"المهتمين بالعملية الانتخابية"، على حد التعبير الذي يستعمله عبد العزيز جوهري عضو اللجنة المركزية ومدير الإدارة والمالية بالحزب.. كانت عند وصولنا إليها في حدود الساعة الثامنة تقريبا تعيش على وقع الوصول المرتقب للأمين العام عبد العزيز بلخادم.. وهي التي كانت تضم أيضا عدد غير قليل من أعضاء خلية الأنترنيت التابعة للحزب، التي قال لنا أحد أعضائها إن هذه الخلية تعمل تحت الإشراف المباشر للأمين العام للحزب وأن أحد مهامها تتمثل في إيصال مضامين خطاباته إلى مرتادي الفايس بوك خصوصا.
وقد سنحت لنا الفرصة للالتقاء بالأمين العام للحزب حتى قبل دخوله القاعة، وذلك عندما كنا بصدد الدردشة في بعض المواضيع ذات الصلة بالانتخابات مع عبد العزيز جوهري والمكلف بالإعلام بالحزب قاسة عيسى، بين الطابقين الأرضي والأول... لقد كان عبد العزيز بلخادم بصدد النزول، من مكتبه على ما يبدو، حيث تحدث إلينا عن الظروف المناخية “الصعبة" التي صاحبت عملية الاقتراع، مشيرا إلى كون نسبة المشاركة التي سجلت - وبلغت أكثر من 36 بالمائة بالنسبة للمجالس البلدية و قرابة ال 38 بالمائة بالنسبة للمجالس الولائية في حدود الساعة الخامسة مساء وفق وزارة الداخلية - كانت ستكون أكثر لولا هذه الظروف، وفق بلخادم، الذي تحدث في هذا الإطار عن نسب 50 أو 55 بالمائة لولا هذه الظروف، كما قال.
كما أشار بلخادم أيضا إلى أنه عدا بعض الاستثناءات التي حدثت في بعض الولايات، ذكر منها جيجل، فإن الأمور - حسبه - كانت عادية في ما يخص السير العام للانتخابات، ولما سألناه عما إذا كان هذا الحضور المكثف على مستوى مقر الحزب هو دليل على التفاؤل لتحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات، أجاب بلخادم بقوله “لدينا الأغلبية - يقصد في البرلمان - ولابد أن نتميز.. ليس من خلال التواجد الكثيف ولكن من حيث الأسلوب وطريقة العمل".
تركنا مقر الأفلان عندما بدأ بلخادم يدردش مع بعض الحاضرين في القاعة المخصصة للصحفيين والضيوف، وفي طريقنا إلى مقر الأرندي ببن عكنون أعالي العاصمة، كانت عبارات المكلف بالإعلام في الأفلان قاسة عيسى حول أهمية “تحديد المسؤولية التنفيذية للقائمة الفائزة" لا تزال تلامس ذاكرتنا وعندما وصلنا مقر حزب أحمد أويحيى كان وجود حرسه الخاص في مدخل أحد طوابق المقر يؤشر على وجوده هناك بعد الساعة الثامنة مساء، وأن قيادات الأرندي تتابع مجريات العملية الانتخابية على قدم وساق.
وفي الطابق الثامن حيث خصصت قاعة فسيحة لمتابعة معطيات عملية الاقتراع واستقبال الصحفيين، وجدنا أعضاء خلية الإعلام والاتصال لا يزالون هناك، حيث أكد أحدهم أن عملية سير الاقتراع سارت عموما شكل جيد عدا ما سجل - حسبه - في بلديتين إثنتين بولاية عين تموشنت حيث سجل “عدم وجود أوراق التصويت" وتم “حل المشكل بسرعة"، وفقه دائما. أما الناطق الرسمي للحزب ميلود شرفي، الذي تحدث إلينا هو الآخر على مستوى المقر، فقد اعتبر أن ظروف سير الانتخابات كانت عادية وأنه - كما قال - “لم تسجل تجاوزات"، مشيرا إلى كون سير الانتخابات تم على نحو يتماشى مع توقعات الحزب بهذا الخصوص، وقبل أن يعبّر شرفي عن تفاؤله أيضا، أكد لنا بقوله عندما كانت الساعة في حدود الثامنة ونصف مساء “نحن ننتظر النتائج الأولية".
عندما وصلنا بعد ذلك مقر حزب “عهد 54" قرب البريد المركزي وسط العاصمة، لم نجد رئيس الحزب فوزي رباعين، حيث أكد لنا بعض الحاضرين من إطارات الحزب أنه سيعود قريبا بعد أن غادر منذ لحظات قليلة مقر الحزب الذي بدت به الحركة قليلة في تلك الفترة من المساء، حيث أحسسنا باشتداد درجة البرودة، وقد أكد لنا أيضا عماروش جمال الأمين الوطني المكلف بالتنظيم في الحزب، أن هناك عزوفا في الانتخاب قياسا إلى ما تم تسجيله في التشريعيات الماضية، وذلك رغم أن الانتخابات المحلية - كما قال - تكتسي طابعا خاصا من حيث العلاقات المباشرة وغير المباشرة التي تربط بين “الناس الذين ينتخبون وبين المنتخبين" المفترضين ولا سيما في الانتخابات البلدية.
كما أكد المتحدث ذاته أن الحزب يملك حظا كبيرا في 90 بالمائة من البلديات التي يملك فيها قوائم انتخابية، بواقع 130 قائمة بلدية و12 قائمة ولائية، مشيرا إلى أنه ورغم كل شيء، فإن مشاركة الحزب في الاستحقاقات الانتخابية هي “مشاركة نضالية" قبل كل شيء في معرض حديثه عن عدم تحقيق الحزب نتائج كبيرة في الانتخابات السابقة التي شارك فيها.
لما سألنا عماروش - الذي اعتبر أن نفس تجاوزات التشريعيات الماضية قد سادت المحليات - عن سبب غياب خلية لمتابعة معطيات عملية الاقتراع، كما هو الشأن بالنسبة للأحزاب التي تجولنا في مقراتها، أول أمس، أكد لنا المتحدث ذاته أن هذه الأحزاب المشار إليها هي بمثابة “أجهزة حقيقية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المسألة في هذا الإطار تبقى مسألة “لوجيستيك"، كما قال عماروش، الذي أضاف بأن ممثلي الحزب على المستوى المحلي سيوافون القيادة المركزية بالنتائج بعد الساعة العشرة مساء، منتقدا بشدة في الوقت نفسه مسألة الانتخاب الجماعي للأسلاك النظامية، حيث أن “المواطنين وممثلي الأحزاب عارضوا العملية هذه المرة في بعض البلديات" وفق تعبير المتحدث ذاته.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)