الجزائر - A la une

"الجزائر فرنسية" جملة فضحت زيف المسؤولين الجزائريين




بوتفليقة أكثر من تلاعب بمشاعر الجزائريين في موضوع تجريم الاستعمار"الجزائر فرنسية" ثقافة متأصلة في نفوس المسؤولينينتفض المسؤولون في الجزائر ويظهرون "وطنيتهم المتجذرة" كلما صدر من فرنسا تصريح أو موقف أو تصرف "يخدش السيادة الجزائرية"، فيتسابقون إلى الرد وتذكير فرنسا بماضيها "الاستعماري الإجرامي". نفس الذين يمارسون المزايدة في إظهار كراهيتهم لفرنسا هم أكثر المرتبطين بها ثقافيا. يبذلون الجهد للحصول على وثائق الإقامة في فرنسا، ويسعون إلى تسجيل أبنائهم للدراسة في المدارس الفرنسية بالجزائر وفي الجامعات بفرنسا، ويفضلون استعمال اللغة الفرنسية عندما يكونون خارج البلاد، فهل أخطأت "جانفييف دوفانتوناي" عندما "زل لسانها" ناطقا بالحقيقة؟ أثبتت السلطات الجزائرية في تعاملها مع موضوع “تجريم الاستعمار”، منذ مجيء عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، أن ما يعبر عنه المسؤولون من استياء تجاه فرنسا ليس هو ما يعتقدونه، وتفضحهم في ذلك دائما تصرفاتهم التي تعكس في الغالب تأصل الثقافة الفرنسية في النفوس.عبارة “الجزائر فرنسية” التي نطقت بها “صاحبة القبعة”، فأغضبت المسؤولين ودفعت وزير الشباب إلى إصدار بيان تنديد، لم يكن تجنيا منها على قطاع من الجزائريين، وليس كلهم. فقد أطلقت وصفا تؤمن به النخبة المتنفذة صاحبة القرار في البلاد، وفي مقدمتها الرئيس بوتفليقة. والشواهد على ذلك كثيرة ومتنوعة. بوتفليقة هو من عطَل مسار مقترح قانون تقدم به نواب من الأغلبية البرلمانية مطلع 2010 بهدف تجريم الاستعمار الفرنسي ومتابعة قادة الإدارة الاستعمارية الفرنسية، ممن لازالوا أحياء، في المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وتعلم تنظيمات الأسرة الثورية وجبهة التحرير الوطني التي صدر منها مقترح القانون ذلك جيدا، ولكن لا أحد تجرأ وندد ببوتفليقة.مارس بوتفليقة الشعبوية ولعب على مشاعر الجزائريين إلى أبعد الحدود في موضوع الاستعمار وجرائمه وفي طلب الاعتذار عن فظائعه إبان فترة استعمار الجزائر. الرئيس هو من عقد مقارنة بين التقتيل الذي راح ضحيته سكان الشرق الجزائري في 8 ماي 1945، والأفران التي فتحها النازي هتلر ليحرق فيها اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. كان ذلك في خطاب في ماي 2005، وبعدها ب7 أشهر نقل إلى مستشفى فال دوغراس ليطلب الخدمة الطبية الفرنسية، لإيقاف النزيف الذي أصابه في المعدة. وسمع بوتلفليقة أثناء فترة علاجه الأولى بباريس من سياسيين فرنسيين ما جعله يتفادى تكرار موضوع التجريم وطلب التوبة عن الجرائم. سمع من مسؤول فرنسي يقول له “أنت تكره فرنسا والفرنسيين، ولكنك تحب الأطباء الفرنسيين والمستشفيات الفرنسية وتطلب خدماتها”. ومنذ رحلة العلاج تلك، لم يعد بوتفليقة إلى موضوع التجريم إطلاقا.دليل آخر على أن بوتفليقة لم يؤمن أبدا بضرورة تجريم المستعمر. في بداية حكمه زار فرنسا وألقى خطابا في برلمانها بلغة موليير، وزار عدة بلدان في أوروبا وخاطب مسؤوليها بنفس اللغة. أما عندما زار شيراك الجزائر في 2005، خاطب بوتفليقة وأعضاء حكومته وخاطب الجزائريين من وهران بالفرنسية. وقرأ ساركوزي خطابا في قسنطينة نهاية 2007 بالفرنسية، وصفع بوتفليقة على المباشر عندما قال له “لا ينبغي أن نطلب من الأبناء أن يعتذروا عن أفعال صدرت عن آبائهم”.وخاطب هولاند الجزائريين عبر برلمانهم في نهاية 2012 بلغته الرسمية، وأقصى ما قدمه لبوتفليقة في موضوع التجريم أن وصف الاستعمار ب “الظالم”. وتم التعامل مع ذلك من طرف “مزامير” السلطة على أنه “خطوة عملاقة” بشأن الاعتراف بالجريمة الاستعمارية. رئيس إيران سابقا محمد خاتمي تكلم بلغته الفارسية لما جمع له بوتفليقة غرفتي البرلمان خلال زيارته الجزائر قبل 10 سنوات. والأمثلة كثيرة عن قادة أجانب زارونا مثلما زاروا بلدانا كثيرا فتحدثوا بلغتهم وكلهم فخر واعتزاز. ثم أليس بوتفليقة هو من جمد قانون التعريب وكان ذلك أول الإجراءات التي اتخذها في بدايات حكمه؟ أليست كل هذه الأمثلة شواهد على أن “الجزائر فرنسية” ثقافة متأصلة في المسؤولين الجزائريين؟سلوكهم الشخصي يفضح زيف خطابهم الرسميحكاية “العشق الممنوع” بين فرنسا وحكام الجزائر!يلوك كبار المسؤولين في الدولة خطابا معاديا لفرنسا الاستعمارية في الظاهر، لكنهم مازالوا في أعماقهم مرتبطين بتركات هذا الماضي ومخلفاته. ذلك ما يتجلى في فرارهم كلما ضاقت بهم إلى الجزائر التي صنعوا واقعها الأليم بأيديهم، إلى ملجئهم الثاني فرنسا، قصد التداوي في مستشفياتها أو تمضية العطل في عاصمتها، أو الاستثمار في عقاراتها أو تدريس الأولاد في جامعاتها!لم يعد الجزائريون يجدون صعوبة بالغة في تفكيك معالم التناقض في سلوك مسؤوليهم تجاه مستعمريهم السابقين، فهم يبدون مواقف رسمية تظهر “سيادة مفرطة” أحيانا كلما تعلق الأمر بموضوع يمس العلاقات بين البلدين، لكن سلوكهم الشخصي يفضح تمجيدهم لكل ما هو فرنسي، علما وثقافة وطريقة عيش، حتى إن التقارير الرسمية الآتية من الضفة المقابلة للمتوسط بدأت تفضح حجم العقارات المهولة التي يتهافت عليها كل من يمر بمنصب مسؤولية حساس في الدولة الجزائرية.لكن من الظلم اتهام من هم في مراكز المسؤولية فقط بذلك، فحتى من الساسة المعارضين للنظام أو المفكرين العروبيين ممن يجاهرون بالعداء لكل ما هو “فرانكوفيلي – فرانكوفوني”، تجدهم يتسابقون لقضاء مصالحهم في هذا البلد الممجوج في خطاباتهم. فهذا زعيم حزب إسلامي، بنى مشروع حياته على مقاومة الاستلاب الفكري، يعالج ابنه في مستشفيات فرنسا. وذاك مفكر عروبي تنضح كتاباته بالعداء لمن يسميهم أبناء فرنسا الذين يحكمون الجزائر، يُمضي شهورا طويلة من السنة في فرنسا. وزعيم حزب آخر يقوم على تمجيد الثورة التحريرية، لا يلبث أن يأتي من فرنسا حتى يشد الرحال إليها من جديد.ولعل أخطر ما بدا من هذا السلوك الذي يفضل أصحابه ممارسته بعيدا عن الأنظار، تصريح وزير الخارجية الجزائري السابق مراد مدلسي، حين قال أمام لجنة تابعة للبرلمان الفرنسي إن “التاريخ لو اختار مسارا آخر لكنا نحن الجزائريين أوروبيين”. وهو تصريح يفضح حنينا مستترا لتلك الفترة، حتى إن الرجل ما زال يُقَلب في ذهنه احتمالات مبنية على فرضية “ماذا لو بقيت فرنسا في الجزائر!؟”.لكن هذا التصريح الذي كان كفيلا بإسقاط حكومة في أي بلد يحترم نفسه، ناهيك عن بلد لا يوجد ما يفاخر العالم به سوى تاريخه وثورته على المستعمر، مرَّ مرور الكرام على الرئيس وحكومته، وبقي الوزير في منصبه دون أن يُسائله أحد، ما يعني أن ما قاله لم يكن تصريحا شاذا، بل هو حقيقة متأصلة في أعماقه وأعماق من عيَّنه. وللجزائريين أن يتساءلوا لو أن مسؤولا فرنسيا قال يوما “لو أن التاريخ اختار مسارا آخر، لكنا نحن الفرنسيين ألمان”، ماذا كان ليحدث حينها في الإكزاقون؟!أمام كل ذلك، يبقى الشاب الجزائري البسيط الذي درس تاريخ الثورة في المدرسة الجزائرية حاملا في مكنوناته رفضا لفكرة التبعية للمستعمر القديم، مستغربا من هذا السلوك الذي لا يجد له تفسيرا. وحتى الفرنسيون أنفسهم باتوا يبدون استغرابا من كون أعدائهم القدامى أصبحوا يختارون أن يقضوا ما تبقى من آجالهم على أسرة المستشفيات الباريسية. ويقولون إن ذلك من سخرية القدر (إيروني دو ليستوار)!الجزائر: محمد سيدموحوارالأستاذ الباحث والمحلل السياسي رشيد تلمساني ل“الخبر” “مجموعات في الجزائر تستعمل العداء لفرنسا كسجل تجاري”كيف قراءتك لتصريحات منظمة مسابقات ملكة جمال فرنسا بالجزائر والجدل الذي أحاط بها؟ من ناحية منهجية وشخصيا لا أفهم لماذا نظمت الجزائر مثل هذا الاحتفال القائم والموجه لنوع محدد من الجنس، ولا أخفي عليكم أني ضد هذا الطابع من المهرجانات. ومن ناحية ثانية: ما صدر عن ضيفة الشرف الفرنسية “جونييف دوفانتوناي” يبين أن لها عقدة من الوطنية الجزائرية، وبيان على تغلل الفكر المتطرف والشوفيني لدى نخب فرنسية، بما في ذلك الذين ولدوا بعد استقلال الجزائر.لكنها اعتذرت وقالت إنها مقربة من الحزب الاشتراكي الفرنسي، وأن ما صدر منها زلة لسان.. هي تحدثت بعقلها الباطن وهذا الأهم، ومثلما ذكرت سابقا هي تنتمي فكريا إلى منظومة ثقافية فرنسية لها ارتباط قوي بفكرة الجزائر الفرنسية، هذه النخب أنتجت قانون تمجيد الاستعمار في سنة 2005.أعضاء في الحكومة كانوا في قاعة الاحتفال غادروا القاعة احتجاجا، ما تعليقك على هذا التصرف؟ أولا هذه السيدة جاءت إلى الجزائر بأموال جزائرية، وحصلت على أموال بالعملة الصعبة من المال العام. وهؤلاء المنظمون الذين أشرفوا على المسابقة لهم علاقة نيو-استعمارية أي الاستعمار الجديد، والذي يترجم في ميدان الثقافة والفن.وبالنسبة للذين غادروا القاعة من الرسميين، فهم مارسوا سياسة الهروب إلى الأمام، ولم يتحملوا مسؤوليتهم، وهذا شيء خطير، في حين كان يتوجب عليهم أن يصعدوا للمنصة ويأخذوا الكلمة ويردوا ليصححوا الوضع لا أن يهربوا من المواجهة.الحساسية التي قوبلت بها زلة لسان ملكة جمال فرنسا، تعكس أيضا تعقيد العلاقات الجزائرية الفرنسية. هل توافق هذا الطرح؟ هناك مجموعات في الجزائر تستعمل هذه العداء لفرنسا كسجل تجاري، لقد طورت هذه المجموعات خطابا معاديا لفرنسا، في حين يرسلون أولادهم هناك ولهم بطاقة إقامة وجنسية فرنسا أيضا، ثم يتغنون بالوطنية عندنا. هم يريدونها علاقات معقدة وغامضة لأنهم المنتفع الوحيد من هذا الغموض.هذا نفاق سياسي. أليس كذلك؟ نعم هذا نفاق معروف، لأنهم يشتمون فرنسا، ولكنهم كما قلت لا يتردون في إرسال أولادهم للدراسة بها بعدما كسروا المدرسة العمومية، ثم يمنحونهم مناصب في الدولة، هذا تمييز اجتماعي خطير.كيف يمكن بناء علاقات سليمة بين البلدين في رأيك؟ يصعب ذلك ما دامت العلاقات أسيرة شبكات ومجموعات تنتفع منها وحدها، ولا تفكر بالمصلحة الوطنية. الجزائر: حاوره ف. جمالالقيادي بحركة النهضة فاتح ربيعي ل“الخبر” “فرنسا المتعالية تتحكم في مركز القرار الجزائري”عاد خطاب الجزائر الفرنسية بمناسبة حفل ملكة جمال الجزائر، ما يعكس الصعوبات القائمة في العلاقات بين البلدين ما رأيك؟ الذي يتحكم في العلاقات الجزائرية الفرنسية ناتج عن تصرف وإدراك الطرف الفرنسي من جهة لهذه العلاقة، وإدراك الطرف الجزائري من جهة أخرى لهذه العلاقة. الفرنسيون ينظرون إلى الجزائر كمستعمرة فرنسية لم تخرج عن وصايتهم، وساعدهم على التصرف سلوك المسؤولين الجزائريين الذي يرددون أن اللغة الفرنسية غنيمة حرب، ويعانون من استلاب ثقافي وسياسي، ويفضلون السلع والمنتجات الفرنسية، وقد ساعد في ترسخ هذه الممارسات هشاشة المؤسسات والحكم غير الديمقراطي في بلادنا، وعدم تجاوبه مع مطلب تجريم الاستعمار.وكيف تنظر إلى تصرف المسؤولين الحكوميين الذين كانوا موجودين لحظة ترديد الجزائر الفرنسية خلال الحفل؟ أفسر سلبية رد فعل الذين كانوا في القاعة من الرسميين بكونهم يفكرون لحظتها في ضمان العلاج والإقامة ودراسة أولادهم بفرنسا مستقبلا فقط، وبالتالي لم يواجهوا الطرف المعتدي ولم يردوا عليه. هذا يفضح تناقض الخطاب الرسمي، فالمسؤولون يطلقون عادة تصريحات حامية، وحين يأتي الجد يندحرون، وهذا ما تم عند قبر قانون تجريم الاستعمار الذي دعمه 152 عضو بالبرلمان.لماذا نطالب فرنسا بالاعتذار، فقد قهرها الجزائريون في حرب التحرير وانتزعوا استقلالنا، ثم المنطق يقول إن المنتصر لا يطلب من المنهزم أن يقدم اعتذارا له.. حتى تعود العلاقات سليمة بين الدولتين يجب الاعتذار الذي هو مبدأ قائم في العلاقات الإنسانية وبين الأمم والشعوب. وقد ارتكب الاستعمار عدوانا ومجازر وتسبب في خراب، ولهذا عليه أن يعتذر كما فعل الألمان لغيرهم من الشعوب والإيطاليون لليبيين، ودون الاعتذار يستمر الحقد وسوء التفاهم. ورفض فرنسا الرسمية الاعتذار عن جرائم الاستعمار يعود إلى نظرتها الدونية والمتعالية والمهيمنة، وهي للأسف تتحكم في بعض مراكز القرار في بلادنا، الدولة الفرنسية تحوز على امتيازات في الجزائر لا يحصل عليها غيرها.هناك غضب رسمي معلن مما صدر عن ضيفة شرف حفل ملكة الجمال، وبالمقابل السلطة تقبل بسياسة الاحتواء التي تمارسها فرنسا على الجزائر. ألا يبين هذا وجود تناقض بين الخطاب والممارسة؟هذا الغضب ورد الفعل الغاضب يتناغم مع المشاعر والانتفاضية التي يريدها الجزائريون، وفي الواقع هي متناقضة مع الواقع الحقيقي، نحن لم نتحرر كلية، ولهذا تتعامل فرنسا معنا بتعالٍ، والعقل الباطن الفرنسي يتحدث بذلك، أي أن الجزائر لازالت فرنسية للأسف. الجزائر: حاوره ف. جمال




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)