تحل اليوم الذكرى ال29 لملحمة خيخون، الذكرى التي زلزل فيها منتخبنا الوطني عرش الكرة العالمية بقهره أحد أقوى وأعتى المنتخبات العالمية لكرة القدم ونعني به المنتخب الألماني·أقول في مثل هذا اليوم السادس عشر من شهر جوان من عام 1982 تمكن شبان الجزائر بقيادة الأسطورة لخضر بلومي من إلحاق هزيمة أكثر من مفاجئة بهزم المنتخب الألماني الغربي بهدفين لواحد، في أول ظهور للنخبة الوطنية في أكبر تجمع عالمي، مونديال كرة القدم، الذي جرى في بلاد الأندلس إسبانيا، في الجولة الأولى من الدور الأول·
هاهي 29 سنة تمر عن ذلك الفوز، لكن ملامح ذلك الفوز لن يمحى ولن يندثر من أرشيف كرة القدم العالمية، بل من ذاكرة الجزائريين، حتى الذين لم يعايشوا تلك المباراة التاريخية إلا أنه الكثير منهم يحفظ على ظهر قلب تشكيلة المنتخب الوطني التي قهرت "البعبع" الألماني، وبما أن هاته المباراة تبقى خالدة في مسيرة كرتنا ومسيرة الكرة العربية والإفريقية التي غيرت نظرة الأوروبيين إلى كرة القدم تجاه القارة السمراء والعالم العربي، ارتأينا أن نعيد عليكم شريط أحداث اللقاء، تماشيا مع الذكر الحكيم "فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين"·
الجزائر في المجموعة الرابعة بزعامة ألمانيا
أوقعت قرعة المونديال الثاني عشر 1982، التي سحبت في منتصف شهر ديسمبر 1981 بمدريد منتخبنا الوطني في المجموعة الرابعة إلى جانب ألمانيا الغربية، والنمسا والشيلي·
لكن القلة القليلة من رشّح منتخبنا الوطني لقول كلمته في هذا المونديال، فهؤلاء وبعد إعادة دراستهم لطريقة والأداء والنتيجة التي كسب بها زملاء النجم رابح ماجر تأهلهم إلى الأدوار النهائية لكأس العالم، وضعوا اسم الجزائر ضمن خانة المنتخبات التي قد تفعل فعلتها، وهو الذي حدث، لكن قبل بداية ساعة الحقيقة، ماهي أهم المباريات التي خاضها الفريق الوطني، خلال المدة الفاصلة بين إجراء عملية القرعة وبداية المونديال·
الخيبة في ليبيا والتألق أمام البيرو وإيرلندا الجنوبية وريال مدريد
لعب الفريق الوطني خمس مباريات في نهائيات كأس أمم إفريقيا التي جرت وقائعها بليبيا في شهر مارس 1982، ثلاثة منها في الدور الأول، تفوق في الأولى على المنتخب النيجيري بطل الدورة الأخيرة 2-1، وبنفس النتيجة فاز على المنتخب الزامبي 2 - 1، وهو الفوز الذي سمح لأشبال المدرب خالف محيي الدين من بلوغ الدور نصف النهائي، الأمر الذي جعلهم يخوضون اللقاء الأخير أمام المنتخب الإثيوبي بدون جهد، حيث انتهت المواجهة بين المنتخبين بالتعادل السلبي، ليلتقي الفريق الجزائري في الدور نصف النهائي المنتخب الغاني، لكن الحظ حالف الجزائريين في بلوغ اللقاء النهائي بعد خسارته المباراة بثلاثة أهداف لاثنين بعد الوقت الإضافي·
بعد عودة الفريق الوطني إلى أرض الوطن بمعنويات منحطة، خص الراحل شريف مساعدية اللاعبين الجزائريين بلقاء طالب فيه زملاء ماجر بنسيان إخفاقهم في كأس أمم إفريقيا بليبيا وحفزهم ماليا·
من بين أهم اللقاءات لتي لعبها منتخبنا الوطني بعد نهائيات كأس أمم إفريقيا التي كانت ضد كل من البيرو وإيرلندا الجنوبية وريال مدريد، وجميع هذه اللقاءات لعبت بملعب 5 جويلية الأولمبي، فبعد تعادله أمام المنتخب الإيرلندي الجنوبي فاز على المنتخب البيروفي ليقهر في اللقاء الثالث الفريق الملكي ريال بنتيجة 3 - 2·
قائمة ال22 لاعبا المشاركين في المونديال
فور انتهاء لقاء ريال مدريد كشف الناخب الوطني آنذاك خالف محيي الدين والمدير التقني رشيد مخلوفي عن قائمة ال 22 لاعبا المشاركين في المونديال، وتضمنت القائمة كل من الأسماء التالية:
- في حراسة المرمى: مهدي سرباح ورشيد عمارة وياسين بن طلعة·
- في الدفاع كل من شعبان مرزقان، ومحمود قندوز، وفوزي منصوري، ونور الدين قريشي، وصالح لرباس، ومصطفى كويسي وعبد القادر حر·
- في الوسط كل من كريم ماروك، ولخضر بلومي ومصطفى دحلب وعلي فرقاني وعلي بن شيخ وحسين ياحي·
- في الهجوم كل من رابح ماجر وصالح عصاد وجمال تلمساني والتاج بن سحاولة وجمال زيدان، وبوربو·
وقد أحدث الكشف عن هؤلاء الأسماء استياء بعض التقنيين في الجزائر، خاصة بعد أن خلت القائمة من بعض الأسماء نخص بالذكر كل من رابح قموح ومحمد قاسي السعيد، وهي العناصر التي كانت قد لعبت جل المباريات الإقصائية للمونديال·
قبل أن يطير منتخبنا الوطني إلى إسبانيا أجرى زملاء بلومي آخر تربص تحضيري إعدادي بأرض الجزائر، كان بمركب سرا يدي بعنابة دام أسبوعا كاملا، وخلال تواجد الفريق الوطني بمدينة خيخون واوفيدو لعب ثلاث مباريات ودية مع أندية محلية، كانت بمثابة آخر فرصة للطاقم الفني لتدارك النقائص التي كانت تعاني منها التشكيلة الوطنية·
لم يظهر المنتخب الوطني خلال مبارياته الودية الأخيرة
أثناء تواجده بمدينة اوقيدو وخيخون الكثير، الأمر الذي جعل زملاء رابح ماجر محل سخرية الألمان، حيث راح لاعبو هؤلاء بما فيهم مدربهم دورفال يعدون جماهيرهم بتسجيلهم أثقل نتيجة خلال مشاركتهم في المونديال، ومما قاله على سبيل المثال كارل هانز رومينيغي: (سأسجل العديد من الأهداف وسأهدي هدفا لزوجتي والآخر لكلبي فيما قال المدرب دورفال (إذا خسرت لقاء الجزائر سأمتطي أول قطار من مدريد إلى ألمانيا)·
لقاء العمر ···
الجزائر 2 ألمانيا 1
في تمام الساعة الرابعة والربع من عصر يوم 16 جوان من عام 1982، وبملعب مولينون بمدينة خيخون بإسبانيا وأمام 20 ألف متفرج أعطى الحكم البيروفي لابو صافر البداية لأول لقاء لمنتخبنا الوطني في نهائيات كأس العالم·
ودخل الفريقان بالتشكيلة التالية:
الجزائر: سرباح، مرزقان، مصوري، قريشي، قندوز، فرقاني، ماجر وعوضه لرباس، دحلب، زيدان عوض بالتاج بن سحاولة، بلومي، عصاد· المدرب حالف محيي الدين
ألمانيا: شوماخر، كالتز، بريغل، فورستر، ستيليكي، مغات، ليتبارسكي، برايتنار، دريملر، روباش، رومينيغي· المدرب جوب دورفال
كم كانت فرحة الجمهور الرياضي كبيرة بعد انتهاء المرحلة الأولى بالتعادل السلبي دون أهداف، فهذه النتيجة كانت بمثابة انتصار باهر، كيف لا وأن المنافس اسمه ألمانيا بطل أوروبا وصحاب التتويجين لكأس العالم 1954 و1974، زد على ذلك أن العناصر التي ستشكل منها المنتخب الألماني تعد من بين الأحسن على المستوى العالمي، ويلعبون لنوادي عملاقة، فيما عناصرنا كانت بالنسبة لهواة كرة القدم لا تساوي شيئا أمام الماكينات الألمانية·
بداية الشوط الثاني لم يختلف عن الأول، سيطرة حقيقة من جانب الألمان، لكن استماتة الدفاع الجزائري بقيادة الرباعي رزقان ومصوري وقريشي وقندوز ووراءهم الحارس مهدي سرباح بارتماءاته التي حيرت كل من كان يتابع اللقاء·
لكن الدقيقة الثامنة من هذا الشوط غيرت موازين القوة بين المنتخبين، ففي الوقت الذي كان فيه الألمان إن لم نقل كل الجمهور في مختلف بقاع العالم ينتظر هدفا من جانب الألمان، وإذ بشباك هذا الأخير هي التي تهتز، بواسطة رابح ماجر وياله من هدف·
"يا للروعة يا للجمال، بلومي ماجر والهدف الأول للجزائر" عبارة رددها المعلق الجزائري محمد صلاح أكثر من مرة، حتى حفظها الجزائريون على ظهر قلب، هدف كان بمثابة الزلزال الذي هزّ بلد الجرمان·
الضغط الألماني جسدها القائد رومينيغي بهدف التعادل في الدقيقة ال68 من اللقاء، لكن فرحة الألمان لم تدم أكثر من دقيقة، ففور هدف التعادل راح شبان الجزائر وأمام دهشة الألمان ينسجون هجمة من 11 تمريرة من عصاد ···(يا سلام يا سلام روعة بلومي عصاد بلومي عصاد) هكذا صرخ صلاح المعلق الرياضي وسط دهشة بيكنباور الذي كان يتابع اللقاء بالقرب من المعلق الجزائري محمد صلاح، مرت العشرين دقيقة المتبقية على العناصر الوطنية وعلى جميع الجزائريين ببطء شديد، فكانت ثوانيها أشبه بالساعات، وكم كانت فرحة الجزائريين حين أعطى الحكم البيروفي لابو صافرة النهاية·
فور انتهاء اللقاء خرج الجزائريون إلى الشوارع كبيرا وصغيرا حتى النسوة منهن والجنس اللطيف شاركن في احتفالات الفوز التاريخي على ألمانيا، وراح حينها الكثير من شعوب المعمورة الذي لم يكن يسمع من قبل عن اسم الجزائر يبحث عن مكان بلدنا العزيز على الخارطة السياسية·
من دموع الفرح أمام ألمانيا إلى دموع الخسارة أمام النمسا
خمسة أيام بعد الفوز التاريخي على المنتخب الألماني بهدفين لواحد، التقى منتخبنا الوطني نظيره النمساوي بملعب تارتيرو بمدينة أوفيدو أمام جمهور قدر ب17 ألف متفرج، وتحت قيادة الحكم الأسترالي بوسكوفيتش، دخل الفريق الوطني اللقاء ينفس العناصر التي لعبت اللقاء الأول أمام ألمانيا وهي:
سرباح، مرزقان، منصوري، قريشي، قندوز، فرقاني، ماجر، دحلب عوضه تلمساني، زيدان، بلومي عوضه التاج بن سحاولة، عصاد· المدرب حالف محي الدين·
فيما دخل المنتخب النمساوي اللقاء بالأسماء التالية:
كونسيليا، كراوس، اوبرماير، جيورجي، بيزي، هاتنبارغر، شاشنار، بروهاسكا، كرانكل، هيترماير، بومايستر· المدرب شميدت
على غرار لقاء ألمانيا أنهى الفريق الوطني الشوط الأول من لقاء النمسا بالتعادل السلبي، لكن الشوط الثاني انقلبت فيه الأوضاع، حيث تلقت شباك الحارس مهدي سرباح هدفين الأول كان في الدقيقة العاشرة بواسطة شنايشير، فيما سجل الهدف الثاني اللاعب كرنكل بعد 12 دقيقة من الهدف الأول، وقد حاول بعدها زملاء عصاد الرد عن هذين الهدفين لكن دون جدوى، نظرا للطريقة التي طبقها النمساويون، التي شلت جميع المحاولات التي قام بها كل من ماجر، ولم تشكل التغييرات التي قام بها المدرب خالف محيي الدين بتعويض دحلب بجمال تلمساني وبلومي بالتاج بن سحاولة، حيث بقيت النتيجة على حالها إلى غاية نهاية اللقاء بفوز النمسا بهدفين دون رد·
في اليوم الموالي ثار المنتخب الألماني من خسارته أمام الجزائر وفاز على منتخب الشيلي بثلاثة أهداف دون رد، الأمر الذي جعل الريادة من نصيب المنتخب النمساوي بأربع نقاط من فوزين، وفي الصف الثالث كل من ألمانيا والجزائر بنقطتين بزائد اثنين لألمانيا وناقص واحد للجزائر، فيما حل المنتخب الشيلي في الصف الأخير دون نقطة من خسارتين أمام النمسا وأمام ألمانيا·
وعلى ضوء هذا الترتيب ونتائج المنتخبات الأربعة في المبارتين الأوليتين، كان الفريق الوطني مطالب بالفوز على الشيلي ب3 - 0 للتأهل إلى الدور القادم، على أن تبقى التأشيرة الثانية محل صراع بين ألمانيا والنمسا·
مواجهة العار بين ألمانيا والنمسا بخرت فرحة الجزائريين
اللقاء الثالث خاضه منتخبنا الوطني أمام نظيره الشيلي يوم 24 جوان بملعب اوقيدو، كان يكفي كما سبق الذكر أشبال الثنائي خالف محيي الدين ورشيد مخلوفي الفوز بثلاثة أهداف دون رد للتأهل إلى الدور الموالي، مهما تكن نتيجة لقاء ألمانيا بالنمسا التي لعبت في اليوم الموالي·
دخل الفريق الوطني مواجهة الشيلي الذي أداره الحكم مانداز من غواتيمالا بالأسماء التالية:
سرباح، مرزقان، لرباس، قريشي، قندوز، منصوري، بوربو، فرقاني، بن سحاولة وعصاد وماجر، وقد تم تعويض منصوي بدحلب وبوربو بحسين ياحي·
فيما لعب منتخب الشيلي اللقاء بالأسماء التالية:
اوسبان، غاليندو، فالينزويلا، فيوغيروا، بيغورا، ديبو، بونفالي، ، وتم تويضه بسوتو، نايرا، ياناز، كاسيزلي وتم تعويضه بلايليرا، موسكوزو· المدرب : سانتي بانيز·
شن الفريق الوطني ضغطا رهيبا على دفاع منتخب الشيلي، جسده اللاعب عصاد بهدف جميل في الدقيقة السابعة، وهو الهدف الذي ضاعف من ضغط اللاعبين الجزائريين، مكن مسجل الهدف الأول صالح عصاد من إضافة هدفا ثانيا في الدقيقة ال31، هذا زاد من معنويات زملاء بن سحاولة، حيث أضاف هذا الأخير هدفا ثالثا، كان بمثابة مفتاح التأهل إلى الدور الثاني، لو بقيت النتيجة على حالها خلال الشوط الثاني، فالغرور وأشياء أخرى وقعت بين اللاعبين الاحتياطيين، كانت كافية للمنتخب الشيلي أن يعود من بعيد خلال هذا الشوط ويسجل هدفين الأول في الدقيقة ال59 لنايرا والثاني بواسطة لايتلاير في الدقيقة ال73، وقد نجا المنتخب الوطني فيما تبقى من عمر هذا الشوط من أهداف أخرى لولا براعة الحارس مهدي سرباح الذي أنقذ مرماه من عدة أهداف حقيقية·
الهدفان اللذان سجلهما منتخب الشيلي وضع المنتخب الوطني في وضعية لا يحسد عليها للتأهل إلى الدور الثاني، كون اللقاء الذي لعب في اليوم الموالي من لقاء الجزائر بالشيلي بين النمسا وألمانيا، كان يكفي هذا الأخير هدف واحد ليرافق جاره النمسا إلى الدور الثاني، وهو الذي حدث في لقاء وصف بمواجهة العار، وقد أحدث رد فعل قوي، اضطر الاتحاد الدولي إلى تغيير بعض من قوانين مباريات كأس العالم، فبعد الذي حدث بين ألمانيا والنمسا، الذين تواطؤوا على منتخبنا الوطني، تقرر أن تلعب جميع مباريات الجولة الأخيرة من أي منافسة دولية في وقت واحد، تفاديا لترتيب نتيجة اللقاء·
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/06/2011
مضاف من طرف : archives
صاحب المقال : كريم مادي
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com