فقدت أول أمس السينما الجزائرية الباحث والناقد والأكاديمي والصحفي محمد بن صالح الذي وافته المنية عن عمر ناهز 80 سنة بعد معاناة طويلة مع مرض العضال، وقد شكّل رحيله صدمة قوية لأهله وأصدقائه ومُحبيه، وأثار حزنا عظيما وسط الفنانين الذين لم يصدقوا نبأ موته، خصوصا أن الفقيد كان دائم الابتسامة والمرح والنشاط، يعمل بجد وإخلاص وتفان، ولا يدخر جهدا في الإبداع والعطاء وتكوين الشباب الذين طالما اعتبروه الأب الروحي، والداعم الأول لهم في مشوارهم الفني، لقد كان الراحل يؤمن بأهمية السينما والثقافة ككل، ومدى قدرتها على إحداث التغيير وتصحيح الأفكار ومعالجة المواقف، كما أسهم خلال مسيرته العبقة وتجربته الناجحة الثرية في صناعة الوعي وترسيخ أسس العمل السينمائي الهادف والصحيح،.
ووسط أجواء كئيبة قدم الفنانون الجزائريون تعازيهم الخالصة لعائلة الفقيد، وعدّدوا عبر صفحاتهم الافتراضية مناقب الراحل محمد بن صالح وخصاله الحميدة، وتحدثوا بحب عن مهنيته وحبه الكبير لبلده، وعن أهم الأعمال التي قدمها للسينما الجزائرية، وخاض من خلالها تجربة جادة أكسبته الكثير من الاحترافية والتميز، كما أشادوا بحرصه الكبير على تمثيل الجزائر في المحافل الدولية والمهرجانات العالمية، فحمل على عاتقه مسؤولية تطوير القطاع السينمائي والدفع به نحو مراتب أسمى من خلال تكثيف الورشات التكوينية وإنتاج الكثير من الأفلام، وتوجيه الفنانين الشباب والطلبة في الجامعات، كما كرّس الفقيد حياته في دعم السينما الوطنية بالدرجة الأولى وإبراز التنوع الثقافي والفني للجزائر.
ولد السينمائي محمد بن صالح يوم 14 جانفي 1944 بولاية معسكر، تخرج من المعهد العالي للفنون البصرية في بروكسل، بدأ رحلته السينمائية بإخراج أفلام قصيرة مثل "تيهان" سنة 1968، و"لازم لازم!" سنة 1970، وأول فيلم طويل له كان "البعض، الآخرون" عام 1972، الذي أخرجه في بروكسل وفاز من خلاله بجائزة في مهرجان "كنوك-لو-زووت" في بلجيكا، عمل كمساعد لعدة مخرجين مشهورين مثل مارسيل هانون وجاك لامبرت، بعدها انضم إلى التلفزيون الجزائري وأخرج مسلسلا اجتماعيا من 6 حلقات، ومسرحيتين، و3 أفلام تلفزيونية من بينها "الطفيلي"و"اليقظة!" وذلك بين سنتي 1974 و1976، بالإضافة إلى سلسلة من 7 حلقات بعنوان "زووم على الفن السابع".
كان الفقيد محمد بن صالح عضوًا في المجلس الأعلى للسمعي البصري، ومستشارًا في الاتصال لدى الوزير الأول، وأستاذًا للسينما في الجامعة الجزائرية، حرّر مجموعة من الكتب والمنشورات العلمية، وشارك في العددي من لجان التحكيم في المهرجانات السينمائية الدولية في "مونبلييه"، وتطوان وقرطاج، وواغادوغو وغيرها، كان أستاذًا في جامعة وهران، وباحثا في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية " كراسك وهران"،كما كان كاتبًا صحفيًا، حيث نشر حوالي 800 مقالا في "الكوتيديان" و"الوطن" و"الجمهورية"،والجزائر الأسبوعية.
كان محمد بن صالح عضوا في اللجنة التوجيهية للمهرجان الثقافي الوطني السنوي للفيلم الأمازيغي، ومندوبا في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية، وأيضا رئيسا شرفيا لمهرجان وهران للفيلم العربي في طبعته السابعة، آخر ما أصدره الفقيد كان كتابا بعنوان "سينما البحر الأبيض المتوسط: جسر بين الثقافات" والذي ترُجم إلى عدة لغات. رحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر والسلوان.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/06/2024
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : علياء بوخاري
المصدر : www.eldjoumhouria.dz