الجزائر

الجبهة لا تخسر في الخمسين



الجبهة لا تخسر في الخمسين
في العيد الخمسين لاستقلال الجزائر لم يكن ممكنا أن تخسر جبهة التحرير الوطني، بأي حال من الأحوال، الانتخابات التشريعية في الجزائر، فقد كان من المهم أن تطعن النتائج كوشنير وساركوزي في القلب، وتذكر الفرنسيين، على عتبة خمسينية خسارة الفردوس الجزائري، بأن الجبهة مازالت واقفة، ومن باب الصدفة أن ظلت أغنية إشهارية تحت عنوان ''مازال واقفين'' تصدح في التلفزيون عشية الانتخابات، لتذكر الجميع، في الداخل والخارج، أن ''الجبهة مازالت واقفة'' وأن ''علي يموت واقف''.
وفي العيد الخمسين للاستقلال أيضا لم يكن ممكنا للجزائر، في نظر مراكز القرار، أن تنعطف إلى التغيير، فالسلطة التي تفكر باسم الشعب الجزائري، وتخطط لعيشه وتدير اقتصاده ويومياته، تعتقد أن وقت التغيير لم يحن بعد، وأنه مازال مبكرا للجزائريين أن يخلدوا إلى نظام سياسي آخر غير الذي يدير البلاد منذ الاستقلال، فللجزائر وحدها، دون باقي الدول، شعار خالد يقول ''التغيير في ظل الاستمرارية''.
ومهما يكن فإن النتائج التي سجلتها الانتخابات البرلمانية تطرح أكثر من لغز وأكثر من سؤال، فقد فازت الجبهة في خمسينية الاستقلال، لكن الشعب لم يشاركها فرحتها بالفوز، وغضبت كل الأحزاب السياسية التي كانت تطمح إلى التغيير، وبعضها هدد بحل نفسه كحزب الحرية والعدالة، وآخرون هددوا بالانسحاب من البرلمان، كأحزاب تكتل الجزائر الخضراء، ولم يشاركها الشعب هي الأخرى في حزنها، ذلك أن الشعب يدرك تماما أنه لا يستفيد مع الفائزين، ولا يتحمل الوزر مع الأحزاب السياسية الخاسرة، التي لا تملك الجرأة، السياسية والعملية، الكافية لاتخاذ موقف.
ففي انتخابات عام 5991 تحدث الجميع عن تزوير الانتخابات لصالح المرشح اليامين زروال، وقال المرشح محفوظ نحناح حينها إن الرئاسة سُرقت منه، لكنه يفضل ألا يفسد عرس الجزائريين في عز الجرح الوطني. وفي انتخابات عام 7991 شقشقت الأحزاب كثيرا عندما تم تزوير الانتخابات لصالح التجمع الوطني الديمقراطي، وأثبت التزوير بتقرير للجنة التحقيق البرلمانية، ثم قبلت الأحزاب بالأمر الواقع، وبررت الموقف بالظروف الاستثنائية التي كانت تعيشها البلاد، وجاءت انتخابات عام 9991 وانسحب ستة من المرشحين قبالة مرشح الإجماع آنذاك عبد العزيز بوتفليقة، وقبل الجميع لاحقا الأمر الواقع. وجاءت انتخابات 2002 وفرضت السلطة منطقها، ورفعت من رفعت، وأنزلت من أنزلت، وقبل الجميع الأمر الواقع. وجاءت بعدها رئاسيات 4002، ثم تشريعيات 7002، وقبلت الأحزاب بالأمر الواقع، بعد هدير من البيانات وأيام من الغضب.
ولأنه في كل هذه الاستحقاقات السالفة كانت السلطة ''تحشم شوي على روحها''، وكان بها بعض الحياء والاستحياء، فكانت تلعب ولا تخسّر، وتطعن ولا تضر، وتغمز ولا تهمز، ولا ''تجوّع الذيب ولا تبكي الراعي''، وتترك على مائدة الانتخابات ما يهضم ويخفف وطأة الحزن على الأحزاب المهضومة، لكنها في هذه المرة هربت بالمائدة وما عليها.
وإذا كانت النتائج، بالنسبة لكل الأحزاب السياسية، لا صلة لها بالواقع، وتحقق، بشأنها، إجماع سياسي برفضها، فإن الأمر يتطلب موقفا، تاريخيا ومسؤولا، يحفظ للجزائر استقرارها، وبما لا يزج بها في مغامرات الشعب كله في غنى عنها.

lahiani42@yahoo.fr




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)