الجزائرية للمياه توقف تزويد المواطنين نتيجة المخاوف من تلوثه
قام، أمس، ولليوم الثاني على التوالي العشرات من سكان بلدية الحرملية بولاية أم البواقي بالاحتجاج والتجمهر أمام مقر البلدية لمطالبة السلطات المحلية المعنية بالتدخل العاجل قصد حل مشكلة اختلاط الماء الشروب بالمياه القذرة والتي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لأرواحهم.
تدخل العضو الثاني بالمجلس الشعبي البلدي رفقة عضو آخر وتم أخذ عينة من الماء للمخبر قصد تحليلها للتأكد من عملية اختلاط الماء الصالح للشرب بالصرف الصحي. وقد كانت النتائج إيجابية وأثبتت أن المياه ملوثة وغير صالحة للشرب، وهو الأمر الذي يهدد سكان البلدية بالتيفوئيد، وكحل سريع ومؤقت تم إخطار المواطنين بعدم شرب المياه التي لا تزال بحوزتهم، فيما أقدمت شركة الجزائرية للمياه إلى وقف تزويد المواطنين بالمياه إلى حين الوصول إلى مكمن الخلل وتصليحه وبعد ذلك تعود المياه إلى مجاريه، فيما ذكرت مصادر طبية أن مستشفى سليمان عميرات بعين مليلة تم استقبال أولى الحالات التي يُعتقد أنها مصابة بحمى التيفوئيد ويبلغ عددها حتى الآن 20 شخصًا تتراوح أعمارهم ما بين 3 و65 سنة.
وقد ظلت سكنات بلدية الحرملية لسنوات عديدة تعتمد على مياه الآبار الجوفية كأهم مصدر للمياه النقية البعيدة عن التلوث، نتيجة لما تقوم به التربة من ترشيح لمياهها، لكن هذا الاعتقاد بدأ يتغير قبل نحو خمسة أعوام بعد أن تدخلت عوامل أخرى أصبحت مصدراً لإفساد هذه المياه مسببة الكثير من الأمراض، والتي اعترفت بشأنها السلطات الصحية والمحلية بالمدينة مؤخرًا.
الوضع الآن، حسب مصادر متطابقة ل”الفجر”، يشير إلى تفشي أمراض التيفوئيد والمسالك البولية والنزلات المعوية بنسبة معتبرة، أي بين كل خمسة مرضى يصلون إلى المستشفى هنالك مريض مصاب بأحد هذه الأمراض، يضاف لها ارتفاع عدد العمليات الجراحية الناتجة عن الإصابة بالفشل الكلوي بين السكان، وأخيراً فقدان الثقة في السلطات المحلية في شأن توفير الخدمات نتيجة لعدم استجابتها لنداءات المواطنين المتكررة لحل المشكلة.
“الفجر” كانت هنالك بعد أن استنجد بها مواطنو بلدية الحرملية الذين حفيت أقدامهم في طريق البحث عن حل دون أن تجد استغاثاتهم آذانًا صاغية. كانت البداية مع الحاج (العيفة غرسي) وهو شيخ تجاوز السبعين من عمره، وحسب ما ذكر أنه عانى كثيراً ولفترات طويلة من آلام في بطنه، وبعد أن أجرى الفحص اتضح له إصابته بالتيفوئيد، قال له الطبيب أنه كان نتيجة لشربه مياهًا ملوثة، ويذهب بعدها في سرد معاناتهم مع تلوث المياه والتي كما قال بدأت منذ شهر رمضان الماضي عندما تغير طعم المياه ولونها وأصبحت ذات مذاق ورائحة كريهة، ويذهب الحاج العيفة إلى أن محطة توليد المياه بالمنطقة بها مشكلة، فهي تنقل المياه مباشرة من البئر إلى الشبكة نتيجة لتعطل مولد الصهريج بجانب حدوث ثقب في الصهريج نفسه، ويؤكد أنهم مؤخراً لجأوا إلى نقل المياه من الأحياء المجاورة بعد أن أنهكتهم الأمراض. ويؤكد ما ذهب إليه الحاج العيفة عمي (سليمان عجرود) قائلا أن أطفاله يعانون من مغص معوي مستديم بجانب معاناة أخته من الفشل الكلوي، ويذكر أن أقاربه الذين قاموا بزيارتهم مؤخراً أصيب بعضهم بنزلة معوية، مؤكدًا أن فحوصات الطبيب أكدت لهم أن السبب تلوث المياه، أما الأستاذ (رشيد لوز) الذي سكن المنطقة حديثًا ولم تتجاوز مدة سكناه الشهر فيقول عن تجربته الشخصية : أنه فور شربه لمياه المنطقة أصيب بإسهال حاد، ما جعله يقوم بجلب المياه من منطقة مجاورة قبل أن يفكر في مغادرة المنطقة، ويشير إلى أن هذه المشكلة إذا لم تجد طريقها للحل سيلجأون للقضاء بالنظر للضرر الواقع عليهم إلى جانب دفعهم لفاتورة المياه بشكل منتظم.
مصدر طبي: نسبة المصابين بالتيفوئيد ببلدية الحرملية مرشحة للارتفاع
تنقلنا إلى مستشفى سليمان عميرات للوقوف على آثار التلوث من قبل المختصين فيما يخص عدد المصابين ممن يترددون على المستشفى، هنالك التقينا بالطبيب المناوب سمير. ك، طبيب في علم الأوبئة والطب الوقائي، والذي أكد أن معظم الأمراض التي ترد إليهم تشمل النزلات المعوية ويشكل مرض التيفوئيد نسبة كبيرة بين المرضى، ويضيف أن هذا المرض طبياً يرتبط بصورة أساسية بتناول أطعمة أو مشروبات ملوثة، ويشير إلى أن معظم الفحوصات إيجابية بالنسبة للتيفوئيد والالتهابات والنزلات المعوية وتتفق جميع حالات التيفوئيد في صداع دائم وحمى وآلام في البطن، يضيف الدكتور.
وكشفت دراسة علمية صادرة عن جامعة العربي بن مهيدي مؤخرًا أن تلوث المياه يعد المصدر الرئيسي للأمراض المستعصية والأوبئة المنتشرة بين مواطني ولاية أم البواقي والتي تفاقمت معدلاتها بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.
وأكدت الدراسة التي قام بها أساتذة جامعيون ومختصون في البيئة والصحة وجمعيات محلية أن 55٪ من السكان يعانون من أمراض تتعلق بتلوث المياه، وأن 40٪ من السكان يعيشون في مناطق ينتشر فيها التيفوئيد الذي يفتك بأكثر من 8 أشخاص سنوًيا معظمهم من النساء والأطفال، كما تصيب الدفتيريا أكثر من 20 شخص سنويًا، ويعاني أكثر من ثلاثة آلاف آخرين من التهاب الكبد الفيروسي بمستوياته المختلفة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/08/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عمار قردود
المصدر : www.al-fadjr.com