الجزائر

التهويلات الأمريكية وحرب الاتصال زاوية حرة



إنه لمن الوهم الفاضح والسذاجة المفرطة أن يظن أحد بأن السياسة الأمريكية في العالم كانت في يوم من الأيام تنظر إلى مصالح خارج مصالحها وبعيدا عن إستراتيجيتها المسطرة على أساس من الهيمنة وتوسيع دائرة نفوذها، وهذه هي الحقائق التي لا يختلف حولها اثنان ولا يتحاور في شانها متحاورون، وأمريكا هي لا تتبدل ولا تتغير إلا كما يتبدل جلد الأفعى في تقلبها ولون الحرباء في تلونها، والتناقضات واضحة في كل ما تعلنه أو تخفيه، فالقاعدة لها وهي من اختراعها ومبتكراتها الحديثة وهي وإن كانت تلعب بعقول الأغبياء والجهلة إلا أن الإمعان قليلا من ذوي الفطنة يجعل المرء متنبها لبعد مراميها وسوء نواياها، فهي بالأمس تعلن وسط هالة من الضجيج المفتعل بأن سفاراتها باتت مهددة بما وصفته بالأعمال التخريبية المحتملة من تنظيم القاعدة، ومن ثم يتضح أن الأمور تحت السيطرة وأن الخلايا قد تم ” اكتشافها ” وهذا الكلام مبني أصلا على الخيال الكاذب والتوهم والتصنع وإذا ما أعلنت أمريكا عن تنفيذ عملية لما تسميه القاعدة فإن هذه ”العملية ”تكون مصطنعة وهي لن تتجاوز بالتالي فرقعات الأعياد التي يستعملها الصغار في المناسبات، ولكن المخابرات تكون جاهزة وهي ماهرة لتغطيها بهالة إعلامية وضجيج لن يكلفها شيئا وما على الناس عندئذ إلا أن يرغموا على التصديق، وحتى يتضح صدق ما نحن ذاهبون إليه ما علينا إلا الإنتظار قليلا، ولكن لا ينبغي أن يغيب عنا التخطيط الذكي للمخابرات الأمريكية فهي عندما تشدد على خطورة الأمر يكون في جعبتها أهداف مبيتة وخطط جاهزة، ففي العراق مثلا أخذت أمريكا تصيح وتصرخ وتحذر من خطورة تهديدات القاعدة التي تأتمر بأوامرها أصلا، ثم لم تلبث أن أفصحت عن نواياها ومقاصدها ومراميها فإذا بها تتجسد في مطلب صغير بنظرها وخطير جدا على أرض الواقع، حيث طالبت ببسط نفوذها على اتصالات مطار بغداد بحجة أنها تريد استباق الحدث عن طريق مراقبة القاعدة وإلى هنا كما يبدو تنتهي الحكاية، ولكن من حيث تبدأ، إذن اتضحت الرؤيا وهي في اليمن صنعت نفس الصنيع عندما زار الرئيس اليمني غير المنتخب واشنطن ولنفس الهدف والبقية عند المعارضة اليمنية التي أعلنت عن رفضها للزيارة من أساسها لما أسفرت عنه، ونعود هنا للمربع الأول الذي انطلقنا منه وهو أن أمريكا هي التي لا تفكر إلا فيما يهمها ويهم صنيعتها إسرائيل ومن والى إسرائيل، وهي بالتالي أفعى وحرباء في نفس الوقت وهي وإن كانت لا تخدع أحدا إلا أن لديها من الآليات ما تستطيع بها أن تفرض ما تريده على الآخرين شأن القوي مع المستضعفين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)