إن الحديث عن التنظيمات الإدارية في العالم العربي عموما وفي الجزائر خصوصا كمن يتحدث عن ظاهرة موجودة وغير موجودة في آن واحد، موجودة من حيث الهياكل التنظيمية أي تصميم الهياكل التنظيمية وما يتصل بها من خرائط تنظيمية وما يرتبط بها هي الأخرى من علاقات رئاسية إلى تحديد الاختصاصات والسلطات لكل منصب من المناصب وصولا إلى توصيف الوظائف الإدارية وما تتطلبه هذه العملية. وغير موجودة لانعدام فاعلية هذه الهياكل وكأنها وحدات متناثرة لا علاقة تربط بينها، كل وحدة مستقلة عن الأخرى وقائمة بذاتها مما عطل إلى درجة شل حركية هذه الهياكل بصورة تامة. هذه المشكلة أثرت سلبا وبشكل بارز على أدائها لدورها الذي أنشئت وصممت من اجله هذه الحقيقة الماثلة للعيان والتي تتلخص في فشل الكثير من المشاريع الإنمائية، وكذلك فشل الكثير من المؤسسات الإنتاجية والخدمية، كل ذلك راجع إلى فشل الأجهزة الإدارية المكلفة بإدارة وتسيير هذه المؤسسات، إلى جانب هذا الفشل في عملية التسيير نلحظ تفشي ظاهرة اختلاس المال العام من قبل الأجهزة الإدارية، هذه الاختلاسات التي فاقت كل التصورات راجعة في أساسها إلى المفارقة الموجودة بين ما يحمله الإداري المسلم من قيم أخلاقية نابعة من دينه، وبين ما تحمله هذه النظم الإدارية المفروضة من قيم مادية مفرغة من محتواها الأخلاقي، مما جعل الإداري في الدول العربية يعيش انفصاما وازدواجية في شخصيته، شخصية دينية أخلاقية يظهر بها في أماكن العبادة، وشخصية مكيافيلية تظهر في أماكن العمل تستند في ذلك إلى قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/02/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - لعلى حناشي
المصدر : الإحياء Volume 11, Numéro 1, Pages 209-218