بمرور 17 أفريل انتهت قصة العملية الانتخابية التي ظلت الأعناق مشرئبة نحوها تنتظر حدوث المستحيل، لكنه لم يحدث، لأنه مستحيل طبعا، والذين يحلمون بالنهايات السعيدة لم يمكنهم المخرج من ذلك وترك النهاية مفتوحة "open end"، و من جانب آخر الذين أخافونا من الغول لم يكونوا يفعلون ذلك إلا من أجل أن ينام الأطفال كما كانت الجدات تحكي الأساطير أيام زمان، فيمر الليل ويستفيق الأطفال في صباح 18 أفريل فلا الحكايات الجميلة حقيقة ولا الغول قبيح المنظر مكشرا أنيابه، إن هو إلا يوم كالأيام وحياة كالحياة. الذين راهنوا على أن يأتي التغيير وفق منطق أحلام اليقظة واهمون لأن هذا مخالف لسنن الله في الكون، ولا شك أنهم أدركوا حجم التخريب الذي أصاب المجتمع ومؤسساته مما يتطلب مدى زمنيا لا يُستهان به وقدرا عاليا من النضال والبناء حتى نعيد الإنسان إلى رشده لإيصاله إلى نقطة التفريق بين ما يضره وما ينفعه، فقد تنطبق علينا الحكمة الشعبية القائلة " الناس ماديهم الواد وهم يقولوا ما احلاها عومة "... هذا بالنسبة للذي يعتقد أننا في أفضل حال، أما في الضفة المقابلة فقد دب العجز بحيث أصبح التفكير في معجزة تحدث في ليلة من الليالي تغيّر الوضع من حال إلى حال دون أدنى جهد أو حراك هو المنطق المسيطر.أفلح إن صدققال أصحاب العهدة الرابعة إننا نعد بتعديل دستوري عميق، ونعد بمرحلة انتقالية يسلم فيها المشعل من الذين طاب جنانهم إلى فئة الشباب، ولا ندري أي فئة من الشباب يقصدون، ونعد بإصلاح المناخ السياسي بحيث ترقى الطبقة السياسية إلى المشاركة الفعالة و و و ، وهذه كلها أشياء لا يمكن أن تتحقق في خمس سنوات لأن الذي عجز عن تحقيقها في 52 سنة منها 25 سنة تعددية لا يمكنه أن يدعي فعل ذلك في خمس سنين، ومع ذلك فإن هذه التعهدات يمكن أن تكون التزامات وأرضية تتفق أصوات المعارضة للمطالبة الدائمة بها، وتذكير السلطة بها لأنها هي من وعدت بذلك، لكن الخوف كل الخوف أن ينتهي زمن الشرعية الثورية ليستولي على المشعل الأثرياء الجدد الذين تسلقوا دواليب السلطة بواسطة المال الفاسد، أو الذين تورطوا في حقبة الدجل السياسي... حراك ... عن ماذا يتمخض ؟رفع خصوم العهدة الرابعة سواء المشاركون منهم أو المقاطعون سقف الأحلام إلى درجة كبيرة، ثم استفاق الناس وهم يسقطون من شاهق، و لكن من حسنات هذه الانتخابات بالنسبة للجزائر أنها فتحت فسحة أمل في إمكانية إيجاد طبقة معارضة يمكن أن تتقوى شيئا فشيئا لتحدث التوازن الذي لن يكون إلا في صالح الجزائر، فالرابحون في الانتخابات ليس من مصلحتهم ولا من مصلحة الجزائر وجود معارضة ضعيفة، لأن المعارضة الضعيفة لا يمكنها أن تدفع إلى التغيير ولا تشكل ضغطا على من بيده زمام الأمور من أجل أن يحسن من أداءه، فهل أدرك القائمون على أمرنا أن تكسير عظام المعارضة يعني بالضرورة خراب الجزائر...، لكن على المعارضة أن تقتنع أن الاستفاقة المتقطعة والمناسباتية لا يمكنها أن تصنع قاعدة صلبة وليست سبيلا لصناعة التغيير وإحداثه، وقد يكون الحجر الأساس لعملية صناعة التغيير تطهير صفوف المعارضة وتجديد ما تآكل منها، وليبدأ التغيير من صفوف المعارضة ذاتها التي قدمت للاستحقاقات السابقة نفس الوجوه التي يجب أن تقتنع أنها لم تعد مقنعة وأنها هي بدورها "طاب جنانها" وهي أولى بالتغيير. هل من أمل ؟الضغط الآن على السلطة ومحيطها أكثر من المعارضة، فبأي منطق وحجة يمكن أن تقنع الناس بعد زمن العهدة الرابعة، لا شك أن ذلك يعتبر تحديا كبيرا للسلطة، التي قد يخرج من بين صفوفها من هو مقتنع حقيقة بضرورة التغيير من الداخل، لأن الهروب إلى الأمام لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، ومنطق الأشياء يدفع إلى "إما أن تغير أو تتغير"، وفي الجانب الآخر ظهرت بوادر لوعي متنامي في ظل انتشار المعلومة وسيطرة الوسائط الاجتماعية وتقارب للمعارضة، في وقت لم تكن تقبل مجرد التفكير في الالتقاء، صارت تلتقي وتنسق وتبحث عن نقاط التقاطع بل وتنظم فعاليات مشتركة وهذا كله في صالح الجزائر سلطة ومعارضة، لأن تقارب المعارضة يعني التخلي عن الأنانية والتفكير في صالح الجزائر، وهذه كلها تشكل إضاءات لأفق ليس كله مظلما.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : إنفو
المصدر : www.djelfa.info