الجزائر

التغيير.. إلاّ لمن أبى واستكبر



انتهى الموعد المحلي ليوم 27 نوفمبر 2021، لتكون آخر محطة في مسيرة ومسار التغيير والإصلاحات والبناء المؤسساتي الهادف إلى بناء الجزائر الجديدة، ومع هذه النهاية التي ما هي إلاّ بداية، انتهى عهد التزوير وتضخيم الأرقام، وسقط بُعبع شراء الذمم بالمال الفاسد و"الشكارة" التي دفنتها الإرادة الشعبية للأبد.الأبواب مفتوحة الآن بقوّة للمنتخبين الجُدد من أجل الانخراط في مسعى ومهمة التغيير، شريطة أن يكون التنفيذ بالتي هي أحسن بعيدا عن العقليات البائدة، الهاربة والمهرّبة من العهد البائد الذي أسقطه الحراك الأصلي والأصيل، والحال أن ممثلي الشعب دخلوا امتحانا حقيقيا، فإمّا سيكرّمون أو يهانون بعد انتهاء عهدته أو ربما خلال سنواتها الخمس.
لقد اختار المواطنون ممثليهم بكلّ حرية وسيادة وشفافية، ومارست الأحزاب و"الأحرار" وآلاف المترشحين حقهم وواجبهم في المراقبة وحراسة الصناديق، وبإجماع هؤلاء وأولئك كانت العملية الانتخابية مثل التشريعيات وقبلهما استفتاء الدستور ورئاسيات 12 ديسمبر 2019، نزيهة أنتجت مؤسسات "حلال" على حدّ تعبير رئيس السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات.
التزوير وعقلية التكسير أضحت جزءا من الماضي، ولذلك من الضروري تغيير ذهنيات التسيير والتدبير البالية، وتلك التي أكل عليها الدهر وشرب، وهذا مسلك صحيح من المسالك التي ينبغي اتباعها لتفكيك الألغام المتبقية، وتفادي فضائح ومهازل وفساد ورداءة و"بريكولاج" و"صابوطاج" السنوات المريضة التي فرملت كلّ شيء.
أبواب المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، البلدية والولائية، وكذلك نوافذها وكلّ مداخلها ومخارجها، مفتوحة الآن على مصراعيها لتنفيذ التغيير والإصلاحات، حتى يكون بناء الجزائر الجديدة من القاعدة أيضا، وقد انطلق بالسرعة القصوى من القمّة بقرارات جريئة وإجراءات ثورية وتاريخية، كفيلة بإنجاح المسعى الوطني الذي يريده ويحلم به كافّة الجزائريين والخيّرين.
انتهى عهد النّهب والسلب و"الحلب"، الذي حوّل للأسف خلال سنوات طويلة، المنتخبين المحليين بالبلديات والولايات، إلى "بزناسية" وسماسرة ومفسدين، في نظر الأغلبية الساحقة والمسحوقة من المواطنين الذين كرهوا الانتخابات نظرا لهذا السبب والمبرّر، فكانت المقاطعة والقطيعة مع ممثلين مزيّفين ووهميين للشعب لعقود من زمن مضى ولا يرغب الجميع في عودته.
على الفائزين في انتخابات 27 نوفمبر 2021، أن يفوا بوعودهم وعهودهم والتزاماتهم، ولا تكون خطابات خلال الحملة مجرّد "أغنية" موسمية مشروخة، لن يسمع المواطن مثيلها إلاّ عندما تعود الانتخابات، وليعلم المنتخبون الجُدد أن العصر تغيّر، وأن الشعب تغيّر، وأن الدولة تغيّرت كذلك، ولم تعد متفرّجا أو متواطئا بالسكوت مثلما كان ساريا لفترة طويلة، ضربت سمعة المؤسسات المنتخبة في الصميم ووأدت الثقة في مقبرة العشوائية والفوضى.
مهما كانت القراءات والتأويلات والتفسيرات المرافقة للنتائج الأولية وبعدها الرسمية لنتائج الانتخابات المحلية، فإن الخارطة السياسية تغيّرت من دون شك، ولم تعد بتلك الصورة النمطية والكلاسيكية السابقة، ويبقى الرهان في المرحلة القادمة، على "الأميار" ورؤساء المجالس الولائية، وكذا كلّ المنتخبين من مختلف الأحزاب والمستقلين أن يغيّروا ما بأنفسهم حتى تتغيّر الأمور.
نعم، التغيير لا يكون بمطالبة الآخر فقط بالتغيير، وإنّما أيضا بالانخراط في هذا التغيير ليكون قولا وفعلا وعملا، هنا وهناك وليس في هذا "مزيّة" أو "هديّة"، ولا يجب على المرجّفين والمشككين والمقامرين انتظار جزاء أو شكورا، ما لم تصدق نواياهم وتنظف قلوبهم من كلّ وسواس خنّاس وشيطان رجيم!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)