الجزائر

التضامن الشكلي لا يزيل عواقب الانسداد



بعد أربعة أشهر من عمر الحراك الشعبي , بدأت التساؤلات التي كنا قد طرحناها منذ بدايته تطرح على أكثر من مستوى و من مختلف النخب التي استيقظت على احتجاجات هنا , و اعتصامات هناك , و اعتراض مسؤولين على أداء مهامهم هنا و هناك , فضلا عن مطالب اجتماعية و مهنية و تنموية لا حصر لها عبر ربوع الوطن , و هذا في وجود طاقم حكومي و رئيس دولة يحظيان بالشرعية الدستورية , و بكافة الصلاحيات القانونية لاتخاذ القرارات و الإجراءات الكفيلة بمواجهة هذه الأوضاع على الأقل في حدود ما تسمح به إمكانيات البلاد , فكيف لو تم استبدال هيئات السلطة الانتقالية , بأخرى توافقية , و كأن التوافق أصبح بديلا عن الشرعية الدستورية و القانونية , لكن بدون ما تفرضه هذه «الشرعية البديلة» من المسؤوليات المدنية و الجزائية عما تتخذه من قرارات و إجراءات ؟ و هكذا كشف تأخر «الحل السياسي», مدى الحاجة إلى السلطة الانتقالية التي أتاحت للوزير الأول المبادرة بوضع « جهاز حكومي متعدد القطاعات لمتابعة النشاطات الاقتصادية والمحافظة على أدوات الإنتاج ومناصب الشغل»خلال اجتماع للمجلس الوزاري المشترك المنعقد خصيصا لهذا الغرض , و قد أسند لهذا الجهاز برئاسة وزير المالية «مهمة مهمة دراسة وضعية كل مؤسسة إنتاج على حدى واقتراح التدابير العملية والقانونية ذات الصّلة». لاشك أن المرشحين «للاستوزار» في «حكومة توافقية» كثيرون و خاصة ضمن مكونات الحراك , و لاشك أن مهمة أي شخصية سياسية مستقلة «يمكن التوافق عليها بمعجزة سياسية» ستكون صعبة إن تم تكليفه بتشكيل مثل هذه الحكومة , بحكم اتساع مجال الاختيار و تباين مواقف المرشحين المحتملين.مهمات صعبة
غير أن حكومة التوافق الوطني هذه ليست بمنأى عن مواجهة عقبات عاجلة «من أحزاب المعارضة نفسها « تخص آليات تسيير الأعمال الجارية , و التعامل مع التزامات الدولة الجزائرية الداخلية و الخارجية , و مشاكل آجلة , قد تنجم عما تتخذه مثل هذه الحكومة من قرارات و إجراءات , و تصطدم برفض الأجهزة التنفيذية للدولة بتطبيقها و أخذها بعين الاعتبار بحجة «انعدام التأسيس الشرعي و القانوني لها» , بل حتي عند تجاوز هذه العقبات , فإن الرئيس المنتخب شرعيا , قد يجد فيما اتخذته «الحكومة الانتقالية» من تدابير , يتنافى و برنامجه السياسي و الانتخابي , فيلغيها بقرار رئاسي , يزيد من تعقيد الأوضاع بمخلفات القرارات الملغاة ؟؟؟ إن مواقف من استهلكوا 4 أشهر في التجاذبات السياسية العقيمة دون أن يتنازلوا حتى عن كبريائهم للجلوس حول طاولة الحوار مع خصومهم السياسيين للتفاهم حول أنجع السبل لانتخاب رئيس للبلاد يضع حدا لمعرض المبادرات و خطوطها الحمراء من هذا الفريق أو ذاك ؛ إن مواقف هؤلاء من « صرخة عمال مجمع وقت الجزائر الإعلامي» لإنقاذ منصب عملهم , تكشف أن «التضامن بأضعف الإيمان» هو كل ما في إمكان السياسيين , و النشطاء الحقوقيين و سائر مكونات الحراك , منحه لهؤلاء الباحثين عن طوق نجاة لمورد رزقهم ؟ لقد سمعنا عبارات تضامن و مساندة مؤثرة خلال الوقفة التي نظمها هؤلاء العمال , مع بعض الاقتراحات , كدعوة الدولة إلى تفعيل حق الشفعة لضم هذه المؤسسات إلى القطاع العمومي , أو كدعوة المستثمرين الجزائريين للدخول كمساهمين في هذه الشركات , و لكن لا أحد اقترح وضع اليد في الجيد للدعم الفعلي لهؤلاء العمال ؟ و من حسن حظهم أن هناك «سلطة مؤقتة» , قد تحملت مسؤوليتها , رغم ما تواجهه من رفض شعبي , و هو رفض بدأت بعض بلاطوهات الفضائيات تتساءل عن جدواه في ظل استمرار حالة الانسداد و تزايد الحاجة إلى سلطة فعلية لتأمين دخول اجتماعي هادئ ومنظم عماده الحوار الاجتماعي المسؤول، وتلبية حاجيات ومطالب الجبهة الاجتماعية بمختلف فئاتها وقطاعاتها. و لمواجهة تبعات حملة مكافحة الفساد و محاكمة الفاسدين . ندعو المثقفين والأكاديميين الجزائريين إلى المساهمة في النقاش الفكري والسياسي الذي يساهم في التقريب وجهات النظر , و في كشف كل أبعاد أي مبادرة سياسية اتجاوز الأزمة , بما فيها كل العواقب المحتملة بعد وضعها محل التنفيذ وفي بناء التوافق الذي يراعي مختلف الجوانب القانونية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و غيرها , مما يسهل عملية الانتقال الديمقراطي التي يطالب بها الجميع , و يختلف حول آلياتها الجميع .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)