التصادم الثقافي في العمل الصناعي

إن العمل الصناعي ھو الأكثر دینامیكیة من حیث التبدل و التغیر من أي عمل آخر أو أي نشاط إنساني آخر، إذ یتطلب باستمرار من العامل و من الجماعة الإنتاجیة خاصة و عموم المجتمع أحسن و أسرع التكیف مع أي مستحدث تكنولوجي، مع أسالیب التسییر، مع أشكال توزیع العمل و غیرھا من العوامل. بید أن بلوغ ھذا التكیف لیس دائما بالیسیر خاصة في المجتمعات النامیة ذات العمالة القلیلة الخبرة بالعمل الصناعي، التطور التكنولوجي البطيء لیس ھذا فقط، بل أیضا بسبب الخصائص الروحیة و المادیة، و العادات و التقالید الوطنیة لھذه المجتمعات. ھذه العوامل لوحدھا تقف وراء التصادم الثقافي و ھو الموضوع الذي یناقشھ ھذا المقال، لیس فقط بسبب العودة القویة لعامل الثقافة في تفسیر الكثیر من الظواھر الاجتماعیة و الاقتصادیة أو ارتباطھ بالتنظیم الصناعي للمؤسسات، و إنما أیضا بسبب الفتور إن لم نقل توقف جھود التنمیة في البلدان النامیة واتساع الفوارق بینھا و بین الدول المتقدمة. إن ھذا المقال الذي یعالج التصادم الثقافي یحاول أن یفند و یحدد حصص الآراء و التحالیل القائلة بأن التكنولوجیا أو التصنیع یقضیان على إمكانیات التشتت في الآثار و النتائج الاجتماعیة، بحیث تظل واحدة في كل المجتمعات. و في ھذا الصدد یوجد رأیان، الأول ینفي أي تأثیر للنظام الاجتماعي الاقتصادي على المشكلات الاجتماعیة للعمل. و الثاني یعتبر النظام الاجتماعي الاقتصادي ذو تأثیر كبیر لیس فقط على مضمون ھذه الظاھرة بل و كذلك على تحدید الأسالیب و الطرق العلمیة الموثوقة و الكفیلة بالوصول إلى كشف ھذا المضمون.