إنّ ذِكر القضاء والقَدَر والتّذكير به عند الشّدائد والبَلايا والمصائب لا بأس به، وهو احتجاج على النّفس، وليس احتجاجًا لها، لأنّ العبد المُبتَلى والمصاب إذا علم والمصاب إذا على أنّ المُبتلَى له هو ربُّه الرّحيم، وأنّه بذلك البلاء سبق عليه الكتاب من الله -تحقّق وأيقن أنّ في ضمن ذلك صلاحًا وخيرًا كثيرًا، فيحمله العلم بذلك على الرِّضا والتّسليم لله الحكيم العليم- فقد وضح وتبيّن لك أنّ الاحتجاج بالقدَر عند الأمر والنّهي محظور ومذموم، فاحذره، وعند البلاء والمصائب نافع، ولكن لمَن يعقل عن الله تعالى، قال الله تعالى: ''ما أصاب من مُصيبة في الأرض ولا في أنفُسِكم إلاّ في كتاب من قبلِ أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير . لكيلاَ تأسوا على ما فاتكُم ولا تفرَحُوا بما آتاكم والله لا يُحبّ كلَّ مُحتال فخور'' الحديد.23-22
وأن تذكّر العبدُ عند المصائب والبلايا ما وعد الله عليها من الدرجات والحسنات، والكفارات للسيِّئات، فذلك حسن، وهو أنفع لعامة المسلمين وأقرب إلى أفهامهم، لأنّ النّظر إلى العلم الأزلي والقضاء والقدر السابق يفتقر إلى فطنة وبصيرة يخلو عنها كثير من النّاس، بخلاف الوعد الأخروي، فإنّ كلّ أحد يفهمه، وكذلك الوعيد.
ومن أجل ذلك كان التّذكير بالوعد والوعيدى عام المنفعة عند البلايا وعند الطاعات، وعند المعاصي وغير ذلك، ولهذا ترى كتاب الله وسُنّة رسوله مشحونين بذِكر الوعد والوعيد، والوعظ والتّذكير بهما، فافهم هذه الجملة وتأمّلها تَرْشُد، وتوكّل على الله إنّ الله يُحبُّ المتوكّلين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الإمام عبد الله بن علوي الحدّاد الحسني
المصدر : www.elkhabar.com