قال الكاتب جمال رباش في الندوة التي نشطها أول أمس بمدرسة الفنون "كريشاندو"، حول صدور جزءي كتابه "الجزائر المنيعة" عن دار النشر "أ سي كوم"، إنّ التاريخ ليس حقيقة، بل هو عبارة عن مرآة تحطمت إلى شظايا، كلّ واحدة منها حملها شخص يعتقد أنها الحقيقة.كما يرى جمال رباش أن الحضور العثماني في الجزائر، لم يكن استعمارا؛ لأنه لم يهدف إلى الاستيلاء على الأرض، وأن عدد جنوده كان ضعيفا، مضيفا أن بريطانيا، مثلا، استوطنت أمريكا، وعملت جاهدة على إبادة سكانها الأصليين، مثل ما تفعله "إسرائيل" حاليا مع الفلسطينيين.
ونفس الشيء فعلته إسبانيا في أمريكا الجنوبية، وفرنسا في الجزائر، وهو ما لم تقم به الإمبراطورية العثمانية في الجزائر. وتابع رباش أن العثمانيين لم يطردوا القبائل في الجزائر، من أرضهم، إلا الثعالبة الذين حاربوهم بعد مقتل تومي، بل اتخذوا بعضا من الأراضي للعيش فيها عيشة البرجوازية، بينما شرعت فرنسا عاما بعد احتلالها الجزائر، في التفكير في طريقة تستوطن فيها هذه الأرض.
وفي هذا السياق، وضع القائد العسكري كلوزال الذي حكم الجزائر بعد دوبرمون، العديد من الخطط لتحقيق هذه الغاية؛ مثل تحويل مسار باخرة كانت تقلّ سويسريين وألمان، من أمريكا إلى الجزائر.
وبالمقابل، قدّم الكاتب معلومات عن الوجود العثماني بالجزائر، فقال: "في بداية القرن السادس عشر، قررت السلطة الإسبانية القضاء على المسلمين في بلدهم، ومن ثم في المدن المجاورة، فاستعمرت بقيادة خيميناس، المرسى الكبير عام 1505، ووهران عام 1509، وغيرهما. وفي نفس الفترة، قدّم "شيخ بلدية الجزائر" (أي حاكمها) سليم تومي، ضرائب لإسبانيا؛ حتى لا يتزعزع من كرسيه.
وأضاف أن الإخوة بربروس طلبوا من حاكم تونس، أن يسمح لهم بأن يتخذوا من جزيرة جربة موقعها لهم؛ لكي يقوموا بعملياتهم المعتادة في البحر، فكان لهم ذلك مقابل دفع مبلغ مالي. وهنا علم سكان جيجل بهذا الأمر، فطالبوا حاكم بجاية بأن يدعو بربروس لإنقاذهم من الإسبان. وهكذا جاء بربروس إلى بجاية، وفقد ذراعه في معركة، وكاد أن يهلك، لكنه خضع للعلاج في تونس، ثم عاد إلى الجزائر، في حين حسب رباش خاف حاكم الجزائر المحروسة تومي، على كرسيه، فتحالف مع الإسبان وقبيلة الثعالبة ضد العثمانيين، لكن عروج تفطّن للأمر، وتخلّص من تومي، حسب بعض الروايات، وأصبح حاكما للجزائر.
وواصل رباش سرده الحقائق التاريخية؛ فبعد هروب ابن تومي إلى وهران التي كانت تحكمها إسبانيا، طلب من الحاكم مساعدته في الوصول إلى عرش الجزائر، وحذرهم من نفوذ بربروس، فقررت إسبانيا مساعدته، لتعرف هزيمة مذلة عام 1516. ثم انتصر عروج على حاكم تنس، الذي كان سيشارك في المعركة ضده، وكان ذلك في واد جر، ثم واصل عروج طريقه إلى تنس، ووضع تابعا له، حاكما لتلك المدينة، ليتلقى صيحات الاستنجاد، وهذه المرة من تلمسان ضد سلطانهم.
وتوجّه عروج إلى تلمسان تاركا أخاه خير الدين في الجزائر العاصمة. أما إسحاق الأخ الثاني، فقد أوكلت له مهمة حراسة قلعة بني راشد التي تقع بين معسكر وغليزان، بينما هرب سلطان تلمسان إلى وهران حيث الإسبان، وطلب المعونة. وقد حدث ذلك عام 1517، فقام الإسبان بمساعدة سلطان تلمسان بالهجوم على قلعة بني راشد، وارتكاب مجزرة هناك، ومن ثم قطع الطريق عن عروج، ومحاصرة تلمسان.
ولجأ عروج إلى قصر المشور، بينما عانى سكان تلمسان الأمرّين من الحصار، ليقرروا الاستسلام، وتقديم عروج قربانا للإسبان، فلجأ البعض إلى قصر المشور، وطالبوا عروج بفتحه لأداء صلاة عيد الفطر، فقبِل عروج طلبهم بحسن نية، إلا أنه تفاجأ بحملهم الأسلحة، ومن ثم حفر ثقبا في الحائط، وهرب، إلا أنه قُتل. وهنا اختلفت الروايات عن هذا الأمر، يضيف رباش.
للإشارة، عرض جمال رباش في بداية الندوة، العديد من المعلومات حول مدينة الجزائر، وبالأخص طريقة تداول الحكم عليها، ومجمل الحضارات التي مرت على أرضها. كما تحدّث عن انقسام القبائل في الجزائر عموما، إلى صنهاجة وزناتة؛ الأولى يعيش سكانها على الزراعة، والثانية من البدو الرحّل، الذين عُرفوا ببسالتهم وحبهم للمعارك، وهو ما جعلهم يشعرون بالقرب من العرب الذين قدموا إلى الجزائر، وتقاسمهم العديد
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : لطيفة داريب
المصدر : www.el-massa.com