البغي السياسي وأحكامه في الفقه الإسلامي

أقرّت الشريعة الإسلامية أحكاما خاصة "للبغي السياسي" بما يتفق وشناعة فعل البغاة جزاءاً لانفصالهم على الجماعة المسلمة وخروجهم على حدود الطاعة الواجبة لولي الأمر، فزعزعوا بذلك أمن المجتمع عبر الاعتداء على أمن نظام الحكم. هذا البحث يأتي في وقت بدأت فيه المشكلات الأمنية داخل الدول تأخذ أبعاداً عديدة، مع ظهور حالات الصراع وانعدام الأمان أو البغي السياسي الداخلي. التي أصبحت المجتمعات الإسلامية اليوم تقبع في ظلاله وتغرق في ويلاته ليمرُّ المجتمع بفتنٍ وابتلاءات عمياء، ينفطر لها القلب حزنا ويعتصر أسى. ذلك ما دفعني لاختيار دراسة أحكام البغي السياسي في الفقه الإسلامي، للوقوف على أحكامه الصحيحة بعيدا عن التأويلات الخاطئة. ولان رأينا اليوم بالجماعات الإسلامية المسلحة التي تنهج من العنف والإرهاب طريقا غير مشروع لتحقيق مآرب سياسية، هو أن مكافحتها لم يعد مسألة قانونية فحسب مرتبطة بالأمن القانوني وفقط، بل أصبحت مسألة فكرية وعقائدية أيضاً أي بما يصطلح عليه اليوم "بالأمن الديني"، لدرء الاتهامات التي تحاك من أعداء الدين وادعائهم ظلما وبهتانا، بأن الإسلام دين فوضى وثورات، لذا فقد تم التوصل إلى صياغة إشكالية البحث في سؤال جوهري هو: إلى أي مدى تعتبر الشريعة الإسلامية رادعاً ضامناً لنظام الحكم في المجتمع الإسلامي، وهذا من خلال ما أقرته من أحكام للبغي السياسي؟ وقد اشتمل البحث على خطة مقسمة إلى مبحثين اثنين: المبحث الأول: ماهية البغي السياسي في الشريعة الإسلامية. المبحث الثاني: مميزات وأحكام البغي السياسي في الشريعة الإسلامية.