الجزائر

البعض حرمها منه والبعض يطالب بمساواتها مع الرجل حق المرأة في الميراث.. بين إنصاف الشرع وظلم العرف



البعض حرمها منه والبعض يطالب بمساواتها مع الرجل               حق المرأة في الميراث.. بين إنصاف الشرع وظلم العرف
بني بترون أصدروا وثيقة في 1749 تسقط الميراث في منطقة القبائل المحامي رمالي: القانون ينصفها ويكرس مبدأ “ما ضاع حق وراءه طالب” لاتزال قضايا الميراث والتركة تحتل المراتب الأولى في عدد القضايا التي تدور في أروقة المحاكم.. في الوقت الذي ظهرت العديد من الأصوات الطاعنة في عدالة التشريع الإسلامي بخصوص تقسيم التركة بين الرجل والمرأة، ولايزال هناك من يستمر في ظلمها وحرمانها منه. ازداد الحديث، مؤخرا، عن قضايا المرأة وما تعلق بها من حقوق، خاصة فيما يتعلق بميراثها وتصنيفه في الشريعة الإسلامية، وتعالت أصوات وجمعيات أغلبها نسائية تنادي بحقوق اعتبرنها مسلوبة. وفي ذات الوقت تحرم المرأة في الكثير من مناطق الوطن من حقها في التركة، أصوات تطالب بحقهن وترفض الخضوع لقواعد الشريعة الإسلامية، داعية إلى العدل والمساواة في تقسيم الحظوظ بين المرأة والرجل من باب المساواة بينهما، وجهات أخرى ترفض الاعتراف بهذا الحق ولو بجزء بسيط، وتحرم المرأة من الميراث بشكل قطعي، بداعي أن نفقتها على زوجها، بالإضافة إلى رفضهم أن يستفيد أجنبي من مال العائلة.وبين هذا وذاك، يشرح علماء الدين إنصاف الله لهن، ويؤكد رجال القانون أن لهن كامل الحق في تقاسم الميراث بشكل عادل مع نظيرهن الرجل، حسب تعاليم الدين التي تسير قانون الأسرة الجزائري.أصوات نسائية تحتج على اجحاف الإسلام لحق المرأة في الميراث  تعتبر المحامية نادية آيت زاي، رئيسة جمعية مركز التوثيق لحقوق الطفل والمرأة، من بين الأصوات المنادية بضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في نصيبهما الميراث، رغبة منها في تكريس العدالة بينهما. ولما كان الميراث مسألة حساسة للغاية بنظرها لأنه يعبر عن مدى تكريم المرأة بمنحها الحق في مال أقاربها على غرار نظيرها الرجل. كما أكدت ذات المتحدثة، خلال محاضرة ألقتها حملت عنوان “من أجل المساواة في الميراث بين المرأة والرجل بالجزائر’’ إلى جانب عدد من المشاركين، أن القانون العائلي المستلهم من الشريعة الإسلامية جائر، لمنحه للمرأة نصف ما يرثه الرجل فقط، مضيفة أن المجتمع يتطور، ما يحتم عليه إحلال المساواة وتحسين وضعية المرأة الجزائرية باستمرار على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، مؤكدة أن عدم تساويها مع الرجل في الميراث يؤدي إلى تفاقم الإشكالية، فالعائلة الجزائرية - حسب قولها - سواء الآباء أوالأبناء، تظلم النساء، لاسيما بعد وفاة الأهل حيث تجد نفسها محرومة من السقف العائلي.... وهناك من يعتقد أن التركة من حق الذكور فقطلاتزال العديد من العائلات الجزائرية في بعض مناطق الوطن تحرم المرأة من الميراث بشكل نهائي، وتعتبر التركة حقا من حقوق الذكور فقط، متحججين في ذلك بأن المرأة إذا تحصلت على نصيبها من الإرث فإنها ستمنحه لزوجها الغريب عن العائلة، لذلك يُفضلون حرمانها تماما من الميراث حتى لا يأخذ زوجها شيئا منه.وأجمع عدد من المحامين على أن درجة وعي المرأة عالية ، هذه الأخيرة التي أدركت أن القانون يمنحها حقها شأنها شأن الرجل وفقا لما تنص عليه شريعتنا الإسلامية والقانون، غير أن هذا لم يمنع استمرار البعض ممن لايزال يتعسف في حرمان المرأة من حقها في الميراث لما كانت هذه المرأة تفكر وتتردد ألف مرة قبل أن تقف أمام العدالة في مواجهة من حرمها من الميراث، الأمر الذي أكدته كثير من القصص التي تروي حرمان المرأة من تركة أهلها من قبل أقرب الناس إليها.مريم، 35 سنة من مدينة عنابة، تحكي لنا قصتها قائلة: “توفي أبي قبل سنة، وفي ذات اليوم الذي دفن فيه قدم لي أخي الوحيد أوراقا، ظننت أنها خاصة بمراسيم الدفن طالبا مني الإمضاء على بعضها، لأفاجأ أنه قام ببيع المنزل، ولدى مطالبتي بحقي من بيت أهلي فوجئت أنني قد أمضيت أيضا على تنازلي عن التركة دون إدراك”، مضيفة أن أكثر العبارات التي قوبلت بها كانت “القانون لا يحمي المغفلين”.أما سعاد، 30 سنة من مدينة تيزي وزو، التي طالبت بحقها هي وأخواتها بعد وفاة والديها في حادث مرور، لاقت رفضا عنيفا من إخوتها الذكور الذين اكتفوا بمنح بعض الفتات لأخواتها كونهن عازبات، أما هي فقد تم حرمانها بحجة أن زوجها كفيل بإعالتها، لتجد نفسها مجبرة على طرق باب المحاكم لأخذ حقها.ومن جهتها، تقول منية، 28 سنة، من العاصمة، إنها أجبرت على معاداة أهلها الذين حكموا عليها بذلك بعد أن حرموها من حقها في ميراث جدها، بعد أن تحالف أبيها مع إخوتها الذكور ليتقاسموا تلك التركة فيما بينهم، مضيفة في ذات السياق:”فكرت كثيرا في رفع دعوى قضائية أطالب فيها بحقي ولكن تنازل باقي أخواتي وضعني في موقف حرج، خاصة أنهن حذرنني أنهن سيقطعن صلتهن بي في حال لطخت اسم العائلة في المحاكم، ما جعلني أتنازل عن حقي في الميراث حتى لا أخسر أخواتي، ولكنني لن أسامح والدي وإخوتي أبدا”.القانون ينصفها لو لجأت إليهرغم أن القانون الجزائري يعطي المرأة كامل حقّها من الميراث مثلما جاء في الشريعة الإسلامية، غير أن الواقع يكرس ظلما وتهميشا واضحين لها. وفي هذا الإطار يقول المحامي حميد رمالي، إن المرأة تتعرض لتجاوزات كهذه من طرف أقاربها لتيقنهم أنها لا تتجرأ على رفع دعوى قضائية ضدهم حرصا منها على سمعة عائلتها، وفي بعض الأحيان جهلا منها بحقوقها، مضيفا أنّ القانون في مثل هذه الحالات لا يستطيع التدخّل لإنصافها إلاّ إذا قامت هي برفع دعوى قضائية.كما أضاف الأستاذ رمالي، في ذات السياق، أنه بالرغم من وجود العديد من الحالات التي تنازلت فيها النساء عن المطالبة بحقهن في الميراث، فإن غيرهن قد رفعن التحدي و قررن الوقوف وجها لوجه في مواجهة ظلم الأهل، منوها أن القانون في أغلب الحالات ينصفهن، لأنه وببساطة يحمل العديد من النصوص القانونية المستلهمة من الشريعة الإسلامية، والتي دون أدنى شك هي عادلة في هذا الشأن. إيمان مقدم37 حالة ترث أكثـر أو تتساوى مع الرجلأربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف ما يرث الرجلحسب الشرع الإسلامي توجد 37حالة ترث فيها المرأة أكثر مما يرث الرجل، أو تتساوى معه في الميراث، في حين توجد أربع حالات فقط ترث هي نصف ما يرث الرجل. وتتمثل هذه الحالات الأربع في:* في حالة وجود ذكور وإناث، أي الأخوة أولاد المتوفى لقوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، للذكر مثل حظ الأنثيين . * في حالة التوارث بين الزوجين، حيث يرث الزوج من زوجته ضعف ما ترثه هي منه لقوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنَّ ولد، فإن كان لهنَّ ولد فلكم الربع مما تركن، من بعد وصية يوصينَ بها أو دين، ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثمن مما تركتم من بعد وصية توصونَ بها أو دين .* يأخذ أبو المتوفى ضعف زوجته هو إذا لم يكن لابنهما وارث، فيأخذ الأب الثلثان والأم الثلث. *يأخذ أبو المتوفى ضعف زوجته هو إذا كان عند ابنهما المتوفى ابنة واحدة، فيكون لها النصف، وتأخذ الأم السدس ويأخذ الأب الثلث.وإن الإسلام لا يعطي الرجل نصيب امرتين تفضيلا له، بل لأن المرأة لا تترتب عليها أي نفقات على سواء على نفسها أو على زوجها وإن كانت أغنى منه، وقبل زواجها ينفق عليها أهلها.الأستاذ نصر الدين خالف لـ”الفجر”:“المشككون في عدالة الإسلام لا يفقهون تأويله”اعتبر الأستاذ نصر الدين خالف، أستاذ في العلوم الشرعية وإمام مسجد بن عكنون، أن موضوع الإرث بالنسبة للمرأة جدير بالنقاش، خصوصاً لدى من يعتقد أنها مهضومة الحقوق في الإسلام، جاعلين الأصل في التشريع هو قوله تعالى {للذكر مثل حظ الأنثيين}، مستغربا في ذات الوقت الحملة التي يشنها هؤلاء طعنا في عدالة الإرادة الإلهية قائلا:”لو أن هؤلاء تفقهوا ولو قليلا في قضية ميراث المرأة لعلموا كيف كانوا جهلاء بالأمر، مرجعا استشهادهم بقوله تعالى {للذكر مثل حظ الأنثيين}بالمجحف لأن ميراث المرأة لا يقف عند هذه الآية فقط، وما علموا أن الله تبارك وتعالى جعل المرأة هي الأصل في الميراث..”قد تفوقه وتتساوى معه وترث دونه في أغلب الأحيان”كما أضاف في ذات السياق أن ميراث المرأة ليس له حالة واحدة في الإسلام، بل هي عدة حالات، فالحالة التي يأخذ فيها الرجل ضعف حظ المرأة لا تعد قاعدة، فبإمكان المرأة أن ترث ضعف الرجل ويزيد، وفي حالات تتساوى حظوظها بالرجل، وفي بعض المرات ترث المرأة دونه، مستشهدا في قوله بامرأة ماتت وتركت بنتا وزوجاً وأبا، يكون نصيب البنت من الميراث ضعف نصيب الأب وأكثر من حظ الجدّ. وكمثال عن الحالات التي تتساوى حظوظ المرأة بالرجل يقول الأستاذ خالف:”إن مثل هذه الحالة قد ذكرت في الآية نفسها التي يستشهد بها هؤلاء، أي في قوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، فإن كان له إخوة فلأمه السدس}، ففي هذه الحالة يتساوى الأب والأم في التركة، مع أنهما في نفس درجة القرابة للميت. أما الحالة الثانية فيضيف:”إذا مات إنسان ولم يكن له أبناء، ولا أب أو أم، وترك أخاً وأختاً، أوإخوة وأخوات لأم، فعندئذ يتساوى الإخوة والأخوات رجالاً ونساءً في الإرث، لقوله تعالى:{وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أوأخت فكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث}. أما عن الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل وهما متساويان في درجة القرابة للميت، فيستشهد الأستاذ بحالة وجود جدة لأب مع جد لأم مع وجود وارثين آخرين، ترث أم الأب ولا يرث والد الأب مع أنهما من نفس درجة القرابة.إيمان مقدمسيدة من بومرداس صارت منبوذة لأنها طلبت حقها في الميراثوكثير من النساء من صرن منبوذات لأنهن طالبن بحقهن في الميراث، وهو حال سيدة من بومرداس رفعت شكوى أمام المحكمة بسبب رفض ا منحها حقها في الميراث. وحسب هذه الأخيرة فإن الإخوة رفضوا منحها حقوقها، حيث امتنعوا عن الاعتراف بحقها في أخذ نصيبها من تركة والدها المرحوم.وجاء في قضية المرأة أن الإخوة الذكور لم يعترفوا بحقها في أخذ نصيبها من القطع الأرضية التي تركها الوالد، زيادة على العشرات من أشجار الزيتون التي بقي الإخوة هم المستفيدون الوحيدون منها دون الإناث.وطالبت المرأة بأخذ نصيبها، خاصة أن زوجها عاطل عن العمل وغير قادر في الوقت الحالي على توفير لقمة العيش لأولاده، الشيء الذي جعلها تلجأ إلى أخذ نصيبها من تركة والدها خاصة أشجار الزيتون حتى تعيل أسرتها، و مازاد من معاناة المرأة هو عدم اكتراث الأخوات لمطلب هذه الأخيرة، معتبرات المطالبة بحقهن يدخل في خانة “الممنوع”، والمعنية هي الوحيدة التي حاولت الحصول على حقها لتجد نفسها منبوذة، حسب تعبيرها، لمجرد أنها طالبت بحق يكفله الشرع والقانون،وهو سبب لجوءها للمحكمة لطلب حقها المهضوم.كريمة.خ ومن خالفها "أصابه الذل والفقر والجوع"بني بترون أصدروا وثيقة في 1749 تسقط الميراث في منطقة القبائلتعرف منطقة القبائل في الجزائر بحرمان المرأة من حقها في الميراث، حيث لا يحق لأي واحدة في حال وفاة أحد أقاربها بالمطالبة بحقها في التركة، حيث أن الأعراف هناك تخالف ما أقرته الشريعة الاسلامية من حقوق، بحجة أن من يخالف العرف يتسبب في النزاعات والمشاجرات.في هذا الإطار، حصلت "الفجر"على نسخة من وثيقة حررها أعيان منطقة القبائل أسقطوا فيها ميراث المرأة، واعتبروا كل من يخالف ما جاء فيها مغضوب عليه، يلحقه الذل والجوع والفقر.جاء في وثيقة تعود إلى سنة 1749 تخص الميراث في منطقة القبائل، وتحوز "الفجر" على  نسخة منها، أن سادات بني بترون مع عدول أهل قراهم بمنطقة القبائل، اجتمعوا أمام مسجد تاحمامت، من أجل إظهار القضايا التي تضر السكان فاشتكى كل واحد بما يضره وما يسبب الفتنة والمشاجرة في القرى والاعراش.وجاء في نسخة الوثيقة، أن قبيلة بني بترون حضروا من كل قرية واتفقوا على كلمة واحدة، بأن من أهم القضايا المتنازع فيها قضية الميراث فقرروا حرمان المرأة من حقها فيه تفاديا لحدوث الفتن والمشاكل، وورد في الوثيقة أن" الميراث وشفعة الحبس وشفعة البنات والأخوات واليتامى وصداق المرأة إن طلقها زوجها أو مات، مسقط في بني بترون ومن اتصل معهم"، حيث اتفق بني بترون على إسقاط الميراث بالنسبة للمرأة. كما اتفق سادات القبيلة على عدم مخالفة أعراف المنطقة، حيث تشير الوثيقة الى أنه"  من أراد إحداث هذه الأمور فهو جور والجور منهي عنه ،لأن حكم العرف والعادة  لا يخرقان ولا ينقضان كحكم السلطان"، كما جاء في ذات المصدر أن من نقض ما اتفقت عليه الجماعة سيكون سببا في ظهور الفتن والهموم" أنه من أراد الانقاض أو الاخراق لما تم تسطيره  فهو مسبب في هموم الناس والفتن والفتنة نار لقوله عليه الصلاة والسلام الفتنة نار لعن الله واقدها ورحم خامدها"، كما تم توعد مخالفي هذا الاتفاق بالذل والفقر والجوع هو وذريته وذرية ذريته، حسب اعتقادهم. وبالخصوص جاء في الوثيقة أنه "ومن أراد هتك حرمة ما سطرنا، ادفه  الله بالذل والفقر والجوع والاهانة  في زماننا وزمان ذريتنا أو ذرية ذريتنا خلفا عن سلف ومن لم يتبع ما سطرنا من السادات وكبراء القرى دخل في الدعوة الأولى فالله يحاسبه ويسائله". هذا ووافق كل من حضر هذا الاجتماع على الاتفاق والقرار الذي خرج به فقال كل من حضر" آمين آمين آمين" ردا على الدعاء السابق. كما جاء في ذات الوثيقة أنه بناء على ما سبق أمر السادات والعدول بإسقاط  الميراث وشفعة الحبس وشفعة البنات والاخوات واليتامى وصداق المرأة إن طلقها زوجها أو مات، ومن خالف ذلك فإن الله سيحاسبه عليه، كما ورد في ذات الوثيقة "ومن أراد خلاف ذلك خلفا عن سلف فالله يحاسبه ويسائله".كريمة هـادف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)