الجزائر - A la une

البطل الذي لا ينتظره الناس!



البطل الذي لا ينتظره الناس!
تتوجه محاكمة قضية “الخليفة بنك” نحو التمييع، كما تميعت قبلها عشرات القضايا الهامة التي كان من المفروض أن تكون “محاكمة تُؤسِّسُ لعدالة جزائرية مستقلة وقوية”، مثلما تملك كل المنظومات القضائية في العالم محاكماتها المُؤسِّسة، التي جعلت مجتمعات تلك الدول ترتقي فعلا إلى الديمقراطية واحترام الحريات وحمايتها من قِبل مؤسسات تلك الدول.ولا يتوقع متتبعو هذه القضية التي تشغل الناس منذ أكثر من عشرية غير تكرار سيناريو البليدة، الذي ملأت فيه تفاصيل ما سمي حينها “محاكمة القرن” صفحات الجرائد بالفضائح المخزية وتفاصيل سلوكات أعوان الدولة الكبار التي لا تشرّفهم ولا تشرّف من يحمل أسماءهم، وهي التفاصيل التي كشفت ميولاتهم إلى النهب والتحايل على الدولة التي يتحدثون باسمها. ومع أن وزيري العدل السابق والحالي يعتبران أن تسليم السلطات البريطانية للمتابع رقم واحد في هذه القضية “إنجازا عظيما حققته العدالة الجزائرية”، فإنهما يعرفان، كما يعرف الجميع، أن العدالة التي يسيرونها لو كان بريقها لَمَّاعًا في العالم لما استغرق تسليم هذا المطلوب كل تلك السنوات. ويملك وزير العدل الأدلة المادية الكثيرة التي من المفروض أن تجعله، على الأقل، لا يكذب على نفسه. ولا شك أنه لا يجهل أن الحقوق غير مصانة في الجزائر، التي لم يعد يعير فيها جهاز القضاء اعتبار حتى للجوانب الإنسانية، ويصدر أحكاما في فصل الشتاء برمي عائلات جزائرية إلى الشوارع، كما حدث في وهران هذه الأيام، ولصالح طرف أجنبي غير موجود أصلا في الجزائر. وكان يمكن أن تكون قضية العائلة المرمية في شارع سبتي بومعراف بوسط مدينة وهران، مثلا، واحدة من القضايا “المُؤسِّسة لعدالة جزائرية إنسانية”، لكنها لم تكن. وبالعودة إلى قضية الخليفة، التي لن تكون “مُؤسِّسة” لنظام قضائي ملتزم على الأقل بما يمنحه إياه الدستور من صلاحيات، والتي لم تنتج محاكمتها السابقة أي بطل، وكان من المفروض أن تنتج بطلا واحدا وكبيرا، يفرض بعدها سلطانه على المجتمع، ذلك البطل المنتظر والذي لم تنتجه محاكمة قضية الخليفة في مجلس قضاء البليدة هو العدل، الذي يريد المتقاضون الجزائريون أن يكون قويا ونزيها وشفافا. يتساوى أمامه كل الناس، قويهم وضعيفهم، غنيهم وفقيرهم. إنه حلم آخر مؤجل، مثلما تأجلت كل الأحلام بعد 1962، وفي غيرها من التواريخ التي وعد فيها الذين وصلوا إلى الحكم بأن يقيموا العدل بين الناس. ومع أن اللّه على كل شيء قدير، فإنه من الصعب أن يقتنع الجزائريون أنه يمكن أن تحدث معجزة في بلادهم ويتساوى فيها الناس أمام القضاء. [email protected]




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)