الجزائر

الباحث الفلسطيني والمحلل السياسي صالح عوض ل السياسي :



- التسوية مجرد غطاء صهيوني لمشروع استيطاني
- لا مجلس الأمن ولا الشرعية الدولية ستؤثر على القرار الأمريكي
تحدث الباحث الفلسطيني والمحلل السياسي، صالح عوض، في حوار ل السياسي ، عن تداعيات القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة إسرائيل، مؤكدا أن خيار التسوية اليوم أصبح مجرد غطاء لمشروع استيطاني في الأراضي الفلسطينية، وأنه لا بديل عن المقاومة بكل أشكالها، فيما أكد على اعتماد القضية الفلسطينية على الشعوب العربية الإسلامية أكثر من الأنظمة التي أصبح معظمها متواطئا مع الإدارة الأمريكية.
كيف تلقى الفلسطينيون القرار الأمريكي غير الشرعي للرئيس الأمريكي؟
الشعب الفلسطيني تعود على العدوان الأمريكي عليه ووقوف أمريكا الكامل مع الكيان الصهيوني واعتداءات الكيان الصهيوني، فهذا الأمر ليس مستهجنا وليس مستغربا لدى الشعب الفلسطيني، أما النخب السياسية والثقافية الفلسطينية، فهي ترى أن جوهر المعركة حقيقة هو بين الأمة وفي طبيعتها فلسطين والمشروع الاستعماري الأمريكي وأن الكيان الصهيوني هو عبارة عن أداة في يد المشروع الأمريكي الاستعماري في المنطقة، وبالنسبة للسلطة، فهي داخلة في حوارات ولقاءات وعلاقات مع الأمريكان وكانت تعتقد أن الأمريكان يحملون حلا للقضية الفلسطينية، ولذلك يأتي الإحساس بالخيبة عندها من موقف الرئيس ترامب الذي بموقفه العلني هذا يحرج الجميع ويضعهم أمام مسؤوليات شديدة، ويصور الشعب الفلسطيني ضد خيار التسوية وضد خيار التنازل، ويصبح الآن أحد أهم انعكاسات هذا الإعلان أن الشعب الفلسطيني ينفض يديه تمام من خيار التسوية والحلول التي طرحت وما كان من قصد لها إلا تمويه الشعب الفلسطيني وبث الفرقة بين فصائله ومنظماته.
أطراف عربية شريكة في هذا القرار وتحاول أن تسوّق له
ترامب، حسب تصريحاته، أكد انه كان هناك اتصالات مع عدد من الدول العربية بما فيها دولة فلسطين، هل يعني ذلك أن السلطة الفلسطينية كانت على علم بالقرار؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لم تتحرك لفضح هذه الخطة وفضح عملاء أمريكا بالمنطقة كمحاولة لمنع صدور القرار؟ بالتأكيد، كانت على علم بهذا القرار، البيت الأبيض الأمريكي أجرى عدة اتصالات مع رؤساء وملوك دول عربية، وأبلغهم بالخطوات التي سيتخذها وهم على دراية تامة والإدارة الأمريكية فقط تحينت الفرصة المناسبة، لإعلان ترامب لهذا الموقف، بمعنى الكل يعرف ولا احد مصدوم أبدا من هذا القرار، ولا احد متفاجىء، بالعكس، هناك أطراف عربية شريكة في هذا القرار وتحاول أن تسوّق له.
لماذا لم تتحرك السلطة الفلسطينية لوقف هذا القرار؟ ممكن أنها اكتف باتصالات مع بعض الرؤساء العرب دون أن تتجه نحو الشعب الفلسطيني، ربما، لأنها لا تثق بقدرة الشعب الفلسطيني على الانتفاضة من جديد والمقاومة من جديد أو، ربما، لا تثق بهذه الأمة العربية الإسلامية بأن تخرج إلى الشوارع وتفرض على ترامب وترغم أنفه، كما كسرت جيوشه في العراق وأسقطت مشروعه في سوريا هي قادرة على إسقاط هذا المشروع في فلسطين، نحن لا ندري، للسلطة الفلسطينية حساباتها، ممكن أنها كانت تراهن على تعديل الرئيس الأمريكي لموقفه في آخر لحظة.
الأمة العربية والإسلامية تمر بمرحلة غير سهلة
ما هي توقعاتكم من حيث تأثير القرار على مسار الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية؟ أنا أعتقد أن الذي حصل هو تحديد للانقسامات بشكل جيد من مع القدس ومن مع أورشليم، كل من يقف مع القدس، سيجد سبلا للدفاع عنها وإسقاط مشروع ترامب لكن المعركة ليست سهلة، المطبعون من الحكام العرب في دول كبيرة وصاحبه مال ولها نفوذ، سيقومون بجهد كبير لإحباط روح المقاومة في الأمة العربية والإسلامية، لكن الملاحظ أننا في مرحلة الآن ليست سهلة وأن المقاومة في الأمة قد حققت انتصارات كبيرة، على سبيل المثال، طرد إسرائيل من جنوب لبنان، وكسر الاستعمار الأمريكي للعراق وأكدت من جديد الأمة الإسلامية والعربية أنها انتصرت على مخطط الأوروبي، الأمريكي بتقسيم سوريا، وأيضا إرغام العدوان الصهيوني في أكثر من مرة أن يرتد خائبا وخاسئا، أنا أعتقد أننا في مرحلة يرونها دون القدرة على التأثير على مسارات الصراع، لكن أنا شخصيا متفائل بأن المستقبل القريب هو للأمة وان القدس لن تعود بالكلام وهي في الأصل محتلة قبل إعلان ترامب، وأنها ستعود، إن شاء الله، عاصمة لكل العرب والمسلمين وان فلسطين كلها من نهرها لبحرها ستكون جزءا لا يتجزأ من ارض العرب والإسلام.
ترامب قام بخطوة أمريكية إستراتيجية أعدّ لها منذ زمن طويل
في رأيكم، ما هي المصالح التي سيجنيها الرئيس الأمريكي من هذا القرار الجائر؟ وهل يمكن لمجلس الأمن أن يردعه؟ الشق الأول من السؤال، أنا في الحقيقة، أجد انه ضمن سياق ثقافي وإعلامي يحتاج إلى التدقيق، أما ما يحققه ترامب، فهل يعقل أن الولايات المتحدة الأمريكية، أعظم دولة في العالم ومرت على التاريخ البشري بما لديها من قدرات وقوات ومراكز تحليل ومراكز دراسات ومؤسسات وإستراتيجيات، هل يعقل هذه الولايات المتحدة الأمريكية تكون رهينة لمزاج رئيس، هذا في الحقيقة تسخيف للمشهد وتبسيط وضحك علينا، لا، ترامب قام بخطة أمريكية إستراتيجية أعدّ لها منذ زمن طويل والآن تقديرات الموقف تقول انه الزمن المناسب لإبرازه، لذلك، لا نتحدث عماذا سيحققه الرئيس الأمريكي من هذا القرار لأن ترامب كان لديه أمنيات كثيرة وفي حملته الانتخابية طرح عدة قضايا ولم ينجز منها واحدة، لأنها كانت تصطدم مع المصلحة الإستراتيجية الأمريكية، على سبيل المثال، بناء جدار بين المكسيك والولايات المتحدة وغيرها من المشاريع التي طرحها في حملته الانتخابية وهو لم يستطع ولن يستطيع تحقيقها لأن ذلك يهدد المصالح الإستراتيجية الأمريكية، أما ما يتعلق بالقدس، فهذا موقف أمريكي مدروس تماما وكان ينتظر الظروف المناسبة لإخراجه إلى النور وجاء ترامب وأعلن عنه ضمن الشروط الموضوعية والذاتية القائمة. أما الشق الثاني من السؤال، يهمنا بالتأكيد نشر القضية الفلسطينية وتأكيدها للعالم، لكن قبل أزيد من 10 أيام تقريبا، الأمم المتحدة اتخذت قرار رفض ضم القدس للكيان الصهيوني وصوتت لصالحه 150 دولة، ولم تعترض إلا أمريكا وكندا، وهذا كان من المفترض أن يكون سيفا بيد الشرعية الدولية على رأس ترامب وبعدها بعدة أيام فقط، 14 دولة بمجلس الأمن منهم أفغانستان وبريطانيا، حلفاء الأمريكان، كلهم نددوا بخطوة ترامب واعتبروها غير قانونية، وأنا أعتقد أن كل هذا لا يهم وإسرائيل لم تكن تبحث عن الشرعية الدولية، الاسرائيليون بدأوا في تكوين عصابات صهيونية والقدوم إلى فلسطين والسيطرة على مواقع وأماكن بناء على وعد بلفور وليس بناء على قرار أممي وبعد 30 سنة من بنائهم مؤسسات على الأرض وتكوين عصابات مسلحة وغيرها، جاء قرار التقسيم الذي يمنحهم دولة على أرض فلسطين، بمعنى أن الاسرائيليين لا يتحركون وفق الشرعية الدولية، فلا مجلس الأمن ولا الشرعية الدولية يمكنها أن تؤثر على القرار الأمريكي، وإنما الذي يؤثر عليها أن تشعر أمريكا أنها تدفع أثمانا باهظة من خلال المقاطعات الاقتصادية ومراجعة سفراء أمريكا، حالة أمنية متوترة، غضب شعبي، مواقف مثقفين ونقابات وبرلمانات، وأنا أعتقد أن الفعاليات العربية ستستمر وسترى أمريكا إذا كان هذا سيعود عليها بالحجم الكبير من الخسائر، ستراجع قراراها، وإلا، فإنها ستؤدي إلى مزيد من التصعيد في فلسطين.
القدس مدينة التعايش والسلام وممنوع أن تكون صهيونية
كيف يمكن لقادة فلسطين، بعد هذا القرار، إقناع المجتمع الدولي بدعمهم؟ أنا أعتقد أن المجتمع الدولي مقتنع والدليل 14 دولة من مجلس الأمن مقتنعين و150 دولة من الأمم المتحدة مقتنعين، الفلسطينيون ليسوا بحاجة إلى بذل الجهد أبدا، بالعكس، هناك مواقف أجنبية أقوى من الموقف السياسي الفلسطيني في هذا الموضوع، متجذرة وقوية وصلبة، القضية الفلسطينية ليست بحاجة لبذل أي جهد لإقناع الرأي العام الدولي، أولا فلسطين والقدس دون أن يتكلم الفلسطينيون، هذه عقيدة متواجدة عند مليار و700 مليون شخص مسلم وعقيدة ملايين المسيحيين أيضا الذين يرون في القدس مدينة التعايش والسلام وممنوع أن تكون مدينة صهيونية، وإسرائيل لا ترتكز إلى رأي عام ولا قرارات شرعية دولية، وإنما ترتكز فقط على تنفيذ القوة على أرض الواقع.
المستوى العربي في حالة بائسة ويائسة وميئوس منها
ما الذي يمكن أن تقدمه الأنظمة العربية في ظل هذه الأزمة؟ وهل هي قادرة على تقديم الدعم الحقيقي للدولة الفلسطينية؟ كيف ستدعم الأنظمة العربية القضية الفلسطينية والكثير منها متورط مع الأمريكان في هذا القرار، الدول العربية إما محطمة مثل العراق أو مكسرة مثل سوريا أو مشتتة مثل ليبيا، وإما مجزءة مثل السودان وإما دول أخرى لها علاقة بأمريكا ومتفاوضة مع ترامب في هذا المشروع، فمن يبقى من الدول العربية كي ننتظر منهم ثورة، أعتقد أن المستوى العربي في حالة بائسة ويائسة وميئوس منها.
هل فقدت فلسطين اليوم رهانها على الدول العربية والإسلامية؟
أنا أعتقد أن الاعتماد يجب أن يكون على الشعوب وعلى البرلمانات والنقابات والمؤسسات، لابد أن نرى قوة المجتمع العربي والإسلامي ويفرض نفسه في الميدان، حتى يفهم الامريكان أن الحكام الذين وعدوهم أنه لن يكون هناك ردة فعل، هم حكام كاذبون ولا يعرفون الشعوب لان الشعوب إذا مست في رموز هويتها، فإنها جاهزة لكي تكسر أي مسلمات وتسقط الحكومات إذا مست في قدسها والمسجد الأقصى، فهي غير قابلة على السكوت مطلقا.
التسوية ليست إلا غطاء لمشروع استيطاني في الأراضي الفلسطينية
بعد هذا القرار، هل تحتاج السلطة الفلسطينية الاتجاه إلى المحكمة الدولية؟ وهل سيقبل الفلسطينيون بالعودة إلى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي أم أن الفلسطينيين اليوم لابد أن يعملوا على كيفية إخراج هذا المحتل الصهيوني من الأراضي الفلسطينية؟ الفلسطينيون عاشوا في التسوية لسنوات عديدة وفي الأخير اكتشفوا أن كل هذا كلاما فارغا، لأن التسوية مع العدو أو الدخول في مفاوضات حول التسوية ليست إلا غطاء لمشروع استيطاني في الأراضي الفلسطينية، الآن العقل والمصلحة والحياء يقول لابد من الاستمرار في نهج المقاومة بكل إشكالها ضد عدو يستخدم كل الأدوات ضدنا، ونحن نعتقد أن أصحاب خيار التسوية لم يتمكنوا من الصمود كثيرا أمام ما يفرزه تعنت ترامب والإدارات الصهيونية، الآن تعود القصة إلى بداياتها فلسطين الكاملة القدس عاصمتها جزء لا يتجزأ من ارض العرب والإسلام والمستقبل القريب سيشهد تطورات كبيرة في فلسطين وما حولها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)