الجزائر

الباحثة والكاتبة النمساوية روث بلييار ل«المساء»: دراستي للعلوم الإسلامية كشفت لي تسامح الإسلام



الباحثة والكاتبة النمساوية روث بلييار ل«المساء»: دراستي للعلوم الإسلامية كشفت لي تسامح الإسلام
درست روث بلييار الباحثة والكاتبة النمساوية العلوم الإسلامية واللغة العربية، واهتمت بالبحث في مجال التراث في السودان وتنزانيا، وبالمجموعات الفنية النمساوية، وصدر لها مؤخرا كتاب بعنوان: «بيرتا زوكاركاندل، فرار من بورج إلى الجزائر، صيف 1940». «المساء» التقت بروث وأجرت معها هذا الحوار.

حدّثينا عن كتابك الأخير الذي تطرقت فيه لمحطات من حياة الكاتبة الصحفية النمساوية بيرتا زوكاركاندل التي عاشت مدة في الجزائر؟
يتطرق الكتاب الذي صدر مؤخرا بالنمسا من توقيعي وتوقيع ثيريزيا كلوغبارغر، لمحطات من حياة الكاتبة النمساوية بيرتا زوكاركاندل التي تنحدر من عائلة يهودية ومن والد صحافي معروف وصديق مقرب لابن إمبراطور النمسا، وهي أخت زوجة الشخصية الفرنسية المعروفة جورج كليمانصو، الذي دفعها إلى التعلق بالفنون المعاصرة، وبالأخص الفنون الآسيوية منها، وأُجبرت ريتا رفقة أفراد عائلتها على مغادرة النمسا، تاركة كل شيء وراءها، وكان ذلك سنة 1938 مع تنامي معاداة السامية في تلك الفترة، وتوجهت إلى فرنسا إلا أنها لم تتمكن من المكوث هناك بعد غزو فرنسا من طرف الألمان، فوجدت ملاذا في الجزائر، حيث كتبت مذكراتها وقصة هروبها من فرنسا إلى الجزائر، وقام حفيدها بجمع كتاباتها وكل الرسائل التي تلقتها في تلك الفترة.

وكيف تحصّلت على هذه الرسائل؟
التقيت بحفيد ريتا الذي يبلغ من العمر 81 سنة، وأقنعته ببيع كتابات جدته للمكتبة الوطنية بعد سنوات من المحاولة؛ لأنني أعتبر أن هذه الكتابات جزء من التراث الوطني؛ بحكم أن ريتا شخصية شهيرة، وأضيف أنها أسست أثناء إقامتها بالجزائر، صالونا أدبيا كانت تستقبل فيه الأدباء والفنانين.

هل احتكت الكاتبة ريتا زوكاركاندل بالجزائريين؛ أي بالسكان الأصليين حينما عاشت في الجزائر؟
طرحت هذا السؤال على حفيد ريتا فأجاب أنه كان يعتقد مثل ريتا، أن كل من يعيش على أرض الجزائر جزائريون، واعتقد أن هذا الأمر يعود إلى كون العائلة عاشت في مجتمع يضم عرقيات مختلفة تتحدث لغات عديدة خلال حكم الإمبراطورية النمساوية المجرية، ولهذا لم تبال بالاختلاف بين الأهالي والمستعمر.

ولكن هل كتبت ريتا عن الواقع المعيش للجزائريين آنذاك؟
صراحة لا أعرف الإجابة، لأنني لم أقرأ جميع رسائل ريتا، كما أن الكتاب الذي أصدرته مؤخرا يضم قصة هروبها من فرنسا إلى الجزائر، وسأحاول أن أستغل زيارتي إلى الجزائر لكي أبحث أكثر عن حياة ريتا التي عاشت مدة زمنية في الأبيار.

هل تعرفين شيئا عن الثقافة الجزائرية؟
حدث وأن زرت بلدانا من إفريقيا الشمالية إلا أنه ولأول مرة تطأ قدمي أرض الجزائر، واهتممت أثناء دراستي للعلوم الإسلامية بالحركة الصوفية، ولهذا سافرت إلى السودان واشتغلت على هذا الموضوع، الذي أعتقد أنه مهم أيضا في الجزائر.

إلى ماذا يعود اهتمام روث بالعلوم الإسلامية واللغة العربية؟
يعود اهتمامي بالعلوم الإسلامية إلى فترة شبابي، وأذكر أنه حينما كان في عمري عشرين سنة، تحصلت مع صديقتي على تذكرة قطار تمكّن من زيارة أوروبا والمغرب في مدة شهر، وكان لنا ذلك، وحينما وصلنا إلى الدار البيضاء شعرت بحفاوة المغاربة إلا أنني تأسفت لجهلي بالثقافة الإسلامية، فقررت أن أدرس العلوم الإسلامية بالنمسا، وكان قرارا صائبا، مكّنني من التعرف على خصوصيات هذه الثقافة وحتى على مميزات الشعوب الإسلامية التي ترحب بالغريب. وأؤكد أنني زرت بلدانا كثيرة في العالم ولم ألتق بمجتمعات تفوق ترحيب المجتمعات الإسلامية.

ماذا يمكن أن تقول روث عن الإسلام وهي التي درست العلوم الإسلامية لمدة أربع سنوات كاملة؟
دراستي العلوم الإسلامية مكّنتني من الاهتمام بكل ما هو إسلامي، كما أنه ليس لي أن أخاف، مثلا، من امرأة ترتدي الحجاب. أعتقد أن من يدرس الإسلام في شبابه سيكبر على التسامح واحترام ثقافات وديانات الغير، نعم أنا أدافع عن الإسلام وأنبذ كل التهم التي أُلصقت به، وأرى أن الديانة مسألة شخصية، وكل فرد له الحق في اختيار ديانته. وأرفض معاداة الناس بفعل ديانتهم؛ وهو ما يحدث بعد الحرب الباردة حيث البحث عن عدو جديد.

ماذا عن حبك للمخطوطات الإسلامية؟
هذا صحيح، اهتممت بالمخطوطات الإسلامية للدول التي لا تقع في منطقة الشرق الأوسط؛ أي تلك غير المعروفة بشكل كبير، وعندما كان في عمري 27 سنة زرت زنجبار (مجموعة جزر واقعة بالمحيط الهندي تابعة لتنزانيا)، التي تملك مخطوطات إسلامية مهمة ليست بقدر أهمية المخطوطات بتومبوكتو (المالي)، وتعرفت هناك على أستاذ مكلَّف بدراسة هذه المخطوطات رفقة طلبته، ساعدني في دراستي هذه، أيضا التقيت بأستاذ عرّفني بمخطوطة لمتصوف صومالي تعود إلى القرن 19 وساعدني على الذهاب إلى السودان للتعرف أكثر على الصوفية هناك.

في كل حرب تحطَّم المعالم التراثية وتمزَّق المخطوطات، لِم الخوف من الماضي؟
ما حدث في مالي من تدمير للأضرحة، مؤلم جدا، فهو لم يمس التراث المالي فقط بل مس التراث الإنساني العالمي، أقول إن هذا الفعل حدث في السابق، وبالضبط في المملكة العربية السعودية في القرن 18، حينما قام التيار الوهابي بتحطيم الأضرحة حتى يتمكن من تجسيد مركزية الدين، التي، بدورها، تحقق مركزية الحكم، وهو ما حدث في أفغانستان ومالي وغيرهما من الدول، حقا لَأمر مؤسف ما حدث في مالي، فالتاريخ الإسلامي في دول غرب إفريقيا رائع.

تحدثت آنفا عن الترحاب الذي نلته من شعوب إسلامية، ماذا عن تسامحهم إزاء الديانات الأخرى؟
نعم لقد وقفت على تسامح المسلمين إزاء الديانات الأخرى، فمثلا في أوروبا الوسطى ماتزال معاداة اليهودية موجودة إلا أنني لم أجدها في البلدان الإسلامية، صحيح أن هناك من هم ضد إسرائيل ولكن ليس ضد اليهود.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)