حذرت الباحثة والأستاذة بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، مفيدة بلهامل، مما أسمته «السياسة الممنهجة لتجفيف الذاكرة الوطنية» لدى الجيل الحالي من الشباب الذي لم يعد يكترث لأهمية تاريخ الثورة التحريرية والتضحيات الجسام التي قدمها الرعيل الأول من أجل دحض المستعمر الفرنسي والحفاظ على الهوية الجزائرية من كل أشكال الطمس والتشويه، مع دعوة جميع الفاعلين إلى الانخراط في مهمة تسجيل الملحمة التاريخية التي صنعها الشهداء الأبرار.عرجت الباحثة بلهامل في محاضرة نظمها قسم العلوم السياسية بكلية الحقوق لبودواو بمناسبة إحياء اليوم الوطني للهجرة تحت عنوان»جنون الشر وإلياذة الكرامة»على عدة محطات حاسمة مهدت للأحداث التي عرفتها شوارع باريس في مثل هذا اليوم من سنة 1961، وما تلاها من مجازر وحشية منظمة من طرف البوليس الفرنسي بتواطؤ رسمي وإعلامي وحتى شعبي مثلما قالت المحاضرة بهدف إسكات صوت الثورة وطمس الحقائق على الأرض، لكن الأهم في المداخلة أنها خرجت عن السرد التاريخي العابر للأحداث بل انطلقت من شهادات حية عاشتها ودونتها المناضلة الفرنسية «مونيك هارفي» صديقة الثورة الجزائرية في كتابها الجديد «نانتر في حرب الجزائر» وهو عبارة عن مذكرات وشهادات موثقة نقلتها هارفي بداية من سنة 1948 حتى تاريخ الأحداث انطلاقا من معاناة المهاجرين الجزائريين بحي الصفيح «نانتر» بضواحي باريس ودوره في احتضان الثورة تحت تأطير فدرالية جبهة التحرير بفرنسا والتحضير لتنظيم مظاهرة سلمية حولتها الشرطة الفرنسية إلى مذبحة وتقتيل ممنهج.
كما أثنت الأستاذة المحاضرة على الدور الكبير الذي لعبته هارفي في تسجيل وقائع تاريخية كانت كافية لمجابهة السفاح موريس بابون أمام المحكمة بعدما حاول رفع تهمة التصفية المبرمجة في حق المتظاهرين السلميين بما فيه رمي عشرات الجزائريين بنهر السين وتقديمهم على أساس حالات غرق منفردة، الأمر الذي أدى بالكثير من الحقوقيين ووسائل الإعلام بعد ذلك إلى الحديث لأول مرة عن مصطلح «المجازر» التي نفتها السلطات الفرنسية بفضل جهود هذه المناضلة الإنسانية على حد قولها، لكن وبالمقابل تأسفت الباحثة مفيدة بلهامل لحالة الاستكانة واللامبالاة التي أصابت المجتمع الجزائري خصوصه فئة الشباب ونخبه وحتى المنظمات الرسمية ومراكز البحث في عدم الاهتمام بتاريخ الثورة وتسجيل فصوله المرعبة وما عاشه الشعب الجزائري ومناضلوه طيلة الحقبة الاستعمارية.
من جهته، حاول الباحث الدكتور»ميلود خلف الله» من جامعة محمد خيضر ببسكرة تقديم سيرة مختصرة عن أعمال المناضلة «مونيك هارفي» التي قدمت حياتها فداء للثورة الجزائرية وفضلت المغامرة على أضواء باريس، وأضاف»لقد أعطت للثورة الجزائرية أكثر مما تستطيع، كما لم تطلب شيئا مقابلا إلا الحصول على الجنسية الجزائرية وأن تدفن في مقابر المسلمين بعد إسلامها سنة 2015، خاصة وأنها حظيت بتكريم خاص من رئيس الجمهورية، كما أنها حذرت الجزائريين من الانزلاقات التي عرفتها الجزائر بداية التسعينيات عندما قالت «أيها الجزائريون احذروا المؤامرة المدبرة»، على حد وصفها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/10/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : ز كمال
المصدر : www.ech-chaab.net