الجزائر

الانتخابات.. هل هي انتخاب على الرئيس..؟



الانتخابات.. هل هي انتخاب على الرئيس..؟
التصريحات التي سمعتها من المنتخبين الجزائريين اليوم في الصحافة الوطنية والدولية، سواء كانوا منتخبي الخارج، أو من داخل الوطن، قد أجمعت في غالبيتها على أن سبب توجهها إلى صناديق الانتخاب "إنما كان استجابة لخطاب رئيس الجمهورية يوم 8 مايو بمدينة سطيف"، وهو ما يحيلنا إلى استخلاص كثير من القراءات، سنعتمد في تحليلها على فرضية الصدق والنزاهة بحسب فرضية الحدث الوطني الهام في حد ذاته، مدعمين طبعا بنسبة الانتخابات النهائية لنهار اليوم (أمس).
القراءة الأولى، هي أن نسبة التصويت التي ستفرزها النتائج النهائية، ستكون في 90 بالمائة منها، على الأقل، تصويت على إصلاحات الرئيس، وهو ما يحيلنا بدوره إلى عدة إشكاليات، منها أن تكون النسبة عالية فتعني التصديق على البرنامج الإصلاحي لرئيس الجمهورية، وإما أن تكون النسبة عكس ذلك، أي أنها ستكون ضد هذه الإصلاحات، وهذا ما سيحيلنا أيضا إلى قراءة نتائج أخرى هامة ومنها تفرد الرئيس مرة أخرى بتعديلات الدستور، أي سيكون من حقه التوجه إلى الاستفتاء الشعبي دون المرور على البرلمان القادم..؟
القراءة الثانية، هي أن النسبة القليلة المتبقية من نسبة التصويت، والتي قلنا عنها هي تصويت على القناعات الحزبية، فسنقرأها على أنها تقييم لمصداقية الأحزاب المشاركة في الانتخابات كبرامج وكرجالات وكقدرة على محاورة المجتمع وإقناعه، وكخطاب شكك منذ بدايته في مصداقية الانتخابات وهو ما يعني أن الوعاء الانتخابي لهذه الأحزاب سيقلل من تطلعات خطاباتهم الداعية إلى جمهورية ثانية أو مجلس تأسيسي..؟
القراءة الثالثة، ستقوم على تحليل عملية العزوف الانتخابي ذاتها، سواء كانت على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي.. والتي ستؤدي بالطبع إلى معرفة مدى قدرة دعاة المقاطعة في عملية التأثير على الوعاء الانتخابي الذي يفترض أن يتوفر لمصداقية العملية الانتخابية في الجزائر..؟
إن عملية نزول رئيس الجمهورية كطرف في الحملة الانتخابية في حد ذاته يوحي بضعف طاقمه الحكومي في عملية التواصل مع المجتمع في شرح أهمية وأبعاد الإصلاحات، وعلى رأسها قطاع الإعلام الذي كان أداؤه وانفتاحه على هذه الإصلاحات ضعيفا حتى الثواني الأخيرة، وحتى مع انضمام قنوات خاصة، غير القانونية، في الفترة الأخيرة، لم يكن ليحل مشكلة التواصل في الجزائر، تلك المشكلة التي قلنا عنها مرارا إنها تقوم على إعلام فوقي عمودي التوصيل لا يوحي بمصداقية عند المواطن لأنه لا يعبر عن مشاغله ويومياته.. كما توحي بتلاعب الإدارة وبعدم قدرتها على التفاعل مع عملية الإصلاحات حيث بقيت فاشلة إلى الدقائق الأخيرة في التعامل مع الواقع الانتخابي الجديد، عاجزة عن حل الإشكالات الخطيرة الناتجة عن فراغات قانونية كبيرة جدا تسببت فيها أنانية الأحزاب المنتجة لقوانين سنت على مقاسها، ضاربة بعرض الحائط مقاصد الإصلاحات النبيلة.
ويأتي الأداء السياسي ليدلو بدوره بفشلين أساسيين، فشل الدولة في الإقناع بعملية التحول السياسي الجاد، وانطلاقها من حسابات سياسوية ضيقة انعكست على نوعية القوانين الإصلاحية الصادرة، ثم التأخير الكبير الذي شكك في الإصلاحات ذاتها منذ بداية الإعلان عنها إلى بداية تطبيقها، والتأخير بإصدار قانون للأحزاب شهرا فقط قبل انطلاق العملية الانتخابية، مما أربك العملية الإصلاحية وأثر على مصداقيتها.
وأخيرا الأداء الاقتصادي السيئ الذي لم يستطع طوال 20 سنة، رغم كثير من الإيجابيات، من أن يقوم بتنمية حقيقية تعتمد الاستثمار قاعدة أساسية لترقية المجتمع الشاملة، واستغل الريع البترولي كعملية إشهارية للتنمية، وكجذب دولي للاستثمار، بدل أن يقنع المجتمع بتنمية حقيقية خالية من المحاباة والتمييز بين الناس، وأربك الجميع بالدعاية السيئة لفائض مالي أساسه ارتفاع أسعار البترول، ففتح بذلك شهية الداخل والخارج، وخلق طفرة مطلبية غير مسبوقة هدفها الظاهري تغيير واقع الناس من حيث المرتبات والتشغيل والسكن.. ومقصدها تقاسم فوائد الريع، وهي في نظري تشكل نقصا فادحا في عملية الاتصال بين المسؤولين على تسيير الدولة مع المجتمع، تضاف إليها مفاسد أخرى كالتسيير البيروقراطي الفادح، وعدم وضع سياسة حقيقية دون تمييز لمحاربة المفسدين.. وهي أسباب تكفي في نظري لعزوف المواطن عن هذه الانتخابات.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)