الجزائر

الافتتاحية : الاستثناء



سواء زوّرت السلطة نتائج الانتخابات التشريعية أو رتّبتها أو كانت تلك إرادة الناخبين دون تدخل من أحد، فإننا قد طرحنا قبيل الانتخابات التشريعية مقاربة في هذا العمود وقلنا أن الأهم ليس غدا ولكن بعد غد.. وعقب الانتخابات، أي انتخابات رئاسية أو تشريعية أو محلية نرى دوما مظاهر الفرح والاحتفال والابتهاج في الشوارع وأمام مقرات الأحزاب وبجوار منازل المترشحين الفائزين، إلا في هذه الانتخابات..
لم نرصد مظهرا واحدا يدل على أن الاستحقاق أعقبه فوز، ولا يعكس الفتور الذي يخيم على شوارعنا وتحوّل في بعض مدننا إلى حزن، هذا المظهر الحزين لا يعكس النتائج العريضة التي تم الاعلان عنها، وقد كنا ننتظر خروج آلاف الشباب في مواكب الأفراح والسيارات وبين الرايات الوطنية تعبيرا عن جزاء اكتسبوه مقابل أيام وليالي طويلة من التعب والجد أيام الحملة الانتخابية، وكأن لا أحد من المترشحين الذين علموا بنبأ فوزهم من الأخبار التي تواترت لهم من هنا وهناك ولم يصدقوها في بادئ الأمر.. كأن لا أحد من هؤلاء يشعر بلذة الفوز، أو كأنهم غير مقتنعين بأنهم فازوا عن جدارة واستحقاق بمقاعدهم في البرلمان الجديد.
خلاصة القول إننا أمام أمر واقع نتعامل معه كما هو قائم، ومن غير الحكمة أن تلجأ السلطة إلى مظاهر التعالي السياسي، لأنها تدرك جيدا أنها ليست الوحيدة في الساحة السياسية حتى لو فاز حزبها أو حزبيها بكل مقاعد البرلمان، وأن صدمة لا يمكن تجاهلها ولا الاستخفاف بها تتشكل الآن تداعياتها بطريقة أو بأخرى لا يمكن احتواؤها إلا بخطوات سياسية تتدارك الأخطاء الفادحة التي تم ارتكابها أو تعمدت دوائر السلطة الذهاب إليها بناء على معطيات تعرفها جيدا.
وإذا كانت الجزائر الاستثناء في حراك الربيع العربي سواء العنيف وهذا أمر يرفضه الشعب برمته أو السلمي بواسطة الانتخابات وهذا ما كان يأمله، فإنها شكلت الاستثناء بنتائج الانتخابات التشريعية التي لم تدق فيها طبول الفوز في أي دائرة انتخابية، وقد تلجأ قيادة الحزب الذي عاد له 220 مقعدا إلى تنظيم مواكب عفوية بين قوسين لتدارك هذا الخلل في المشهد الفني للعملية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)