رغم أن كثيرا من الدساتير يؤخذ عليها كثرة التعديلات و المراجعات تبعا لما قد يعتريها من ثغرات و نقائص و تجاوز الزمن لبعض موادها ، إلا أن فلسفة الحياة تؤكد أن التجديد أمر مطلوب بما لا يدع مجالا للشك ، من باب أن الواقع المعيش لأي شعب يثير مسائل قانونية و فلسفية ، يتوقف عندها كل نظام يريد التجديد و تمكين المواطنين من منظومة قانونية تتناغم مع المطالب ، ليبقى الدستور موثَّقا بالفترة الزمنية التي جاء فيها .و كما أن الحق في الحرية و إبداء الرأي و التمتع بقضاء عادل و مساواة اجتماعية من المسلمات في كل المجتمعات الراغبة في بناء ديمقراطي متراص فإن الاعلام بدوره يبحث عن نفسه و ماهيته و موقعه ضمن السلطات الأخرى و عن أهدافه و آلية تحقيقها و دوره في الحياة العامة و المشهد السياسي ضمن مسودة الدستور المراد افتاء الشعب حوله.
و تبعا للدور الريادي الموكل للاعلام في كل مجالات الحياة فإن حريته و استقلاليته قد صارت من البديهيات لإرساء قواعد عمل موضوعية تمكنه من أداء رسالته و مساهمة في صناعة رأي شعبي رزين منفتح على المشاركة السياسية و ضرورة المساهمة في بناء ديمقراطي لا يقصي أحدا و لا فكرة باعتبار الوصول إلى جمهورية جديد مطلب الجميع .
و وسط التحديات المفروضة على مستوى إقليمي أو عالمي فإنّ صناعة الإعلام الوجيه المؤدي لرسالة نبيلة تستوجب التوفر على مضامين ثرية ، موضوعية ، غنية بكل ما من شأنه الدفع بهذا الاعلام إلى الأمام و استكمال بنائه بناءً يتماشى مع متطلبات العصر الذي نعيشه . و هذا العصر الذي نعيشه يقتضي أن يكون للاعلام مكانته و أن يلعب هذا الاعلام دوره كاملا في تحديد مفاهيم البناء و الدفاع على مكونات الدولة و مطالب الشعب بمعنى أن يكون التوجه موحَدا باعتبار الغاية مشتركة.
و لم يستثن مشروع دستور البلاد من خلال المسودة الحالية تلك الأهمية الكبرى التي يتمتع بها الاعلام ، في كل صوره و بمختلف أبعاده ، باعتباره الوسيلة الأولى و الأكثر مصداقية في نشر الخبر مهما اختلفت قراءاته كما أنه يهيء الرأي العام لتقبل هذا المقترح أو ذاك أو رفضه ، و يعزز روح الحوار و يفتح منابر النقاش و يصغي للجدل و يصحح التجاوزات .
و عليه فقد أكد مشروع تعديل الدستور على ضمان حرية الاعلام و ممارسة المهنة وفق منهج سليم ، كما لا يستثني المشروع الحريات العامة و الحق في الاعلام.
و من خلال الهبّة النوعية التي تحلى بها الاعلام منذ أن وُضعت مسودة التعديل على طاولة النقاش لم يتوقف المتدخلون من اعلاميين و صحفيين بمختلف توجهاتهم و أنواع وسائل الاعلام التي يشتغلون بها عن الادلاء بدلوهم و الدفاع عن المكتسبات المحققة منذ الانفتاح السياسي و الاعلامي في الجزائر مغتنمين فرصة مشروع التعديل الدستوري للوصول إلى اعلام حر ، مستقل و مسؤول ضمن السلطات الفاعلة في صناعة القرار في البلاد .
و يستشف من خلال المشروع الدستوري الجديد تكريس الاعلام كقوة صانعة للقرار من خلال تمكينه من أساليب الحرية و المسؤولية في آن واحد .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/10/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فاطمة شمنتل
المصدر : www.eldjoumhouria.dz