الجزائر

الاتجار بالبشر، التعذيب، الاختفاء القسري واضطهاد المسيحيين منظمات حقوق الإنسان الدولية تعيد إلى الأذهان ''جزائر التسعينيات''



عادت التقارير السوداء للمنظمات الدولية حول الجزائر إلى الواجهة، بمجرد ما فسحت الثورات العربية المجال أمام قوى الغرب لإسقاط الأنظمة العربية، بينما أعادت التقارير الجديدة الأذهان إلى الوراء، بتناولها ملفات حملت لهجة حادة قياسا بتقارير السنوات الماضية.  ألقت الثورات العربية بظلالها على مضامين التقارير الدولية حول حقوق الإنسان في الجزائر، ولم تنحصر مآخذ المنظمات الدولية على التنديد بطبيعة التعامل الأمني للسلطة مع مطالب التغيير التي عبر عنها جزائريون، سواء من خلال حزب سعيد سعدي أو جمعيات غاضبة، والأعين مصوبة نحو هروب بن علي من تونس وسقوط مبارك من على عرش مصر، بل نبشت التقارير السوداء في ماض قريب ، أعادت من خلاله ترتيب أوراق ملفات قديمة لا تصلح للمطابقة إلا على راهن الوضع في الجزائر. ثلاثة تقارير دولية قصفت الجزائر عام 2011، واحد منها أثار حفيظة السلطات الجزائرية، ولم تتجاهله كما تجاهلت عشرات التقارير، ودون أن تحمل فاروق قسنطيني عناء شجب ما ورد فيه، ويتعلق الأمر بتقرير كتابة الدولة للخارجية الأمريكية، التي اتهمت فيه الجزائر بعدم اتخاذ إجراءات وقائية ضد الاتجار بالبشر. التقرير الذي صدر في ماي 2011 كاد يتسبب في أزمة دبلوماسية بين الجزائر وواشنطن، واضطرت الحكومة إلى الانتظار مطولا لدراسة كيفية الرد الناجع عليه، بعد أن هددت واشنطن بمنع مسؤولين في دول لم تناهض الاتجار بالبشر بالتوقيف متى دخلوا التراب الأمريكي. وبعد قرابة الأسبوعين، عرفت قنوات التواصل مع الأمريكان كواليس أفرزت ردا أنكرت فيه مضمون التقرير، بعد أن اتضح أن من أمد واشنطن بمعلومات التقرير دولة مجاورة، غلطت الخارجية الأمريكية، أو هذا ما اعتقدته الخارجية الجزائرية، صاحبة الرد. في نفس الشهر (ماي) اتهمت منظمة العفو الدولية الجزائر بقمع الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ مطلع جانفي، في تقرير عادت فيه بالجزائريين إلى سنوات الجمر، من خلال اجترارها ملفات قديمة، كالاختفاءات القسرية والتعذيب، إضافة إلى إعادة صياغتها مطالب محلية، في ملف سياسي أدانت فيه الغلق على أحزاب والتضييق على الحريات النقابية وعدم السماح بتنظيم التجمعات ، وهي قضايا تناولتها أحزاب وجمعيات جزائرية في صيغة مطالب رافقت سعي السلطة لتبني إصلاحات سياسية، ومطالب تغيير النظام من قبل بعض الأطياف السياسية والجمعوية. كما أدانت أمنيستي ما أسمته بالتضييق على ممارسة الشعائر الدينية، في إشارة إلى محاكمات في حق من اعتنقوا المسيحية. وهو الشق الذي نال جانبا من اهتمام وزير الشؤون الدينية، بوعبد الله غلام الله، مفندا ما ورد في التقرير الذي أشار كذلك إلى عدم اتخاذ السلطات إجراءات تحد من العنف ضد النساء. منظمة فريدوم هاوس الأمريكية غير الحكومية أصدرت تقريرا لا يقل قتامة عن سابقيه، متهمة السلطة في الجزائر بتغييب دور البرلمان في الرقابة الحقيقية على نشاط الحكومة، وعدم استقلالية العدالة. كما أبدت مخاوف من مسار الانتخابات التشريعية المقبلة، لما دعت الحكومة إلى إلزامية اعتماد قواعد النزاهة والشفافية. وعادت المنظمة إلى قضية المسيحية ، وأوردت ما كانت أمنيستي أشارت إليه من أن هنالك اضطهادا يمارس ضد المسيحيين في ممارسة شعائرهم الدينية في الجزائر، على أن السلطة في الجزائر لازالت ترفض تسجيل طلبات الترخيص للتجمعات الدينية . ولم تغفل المنظمة ملفا من ملفات مرحلة الإرهاب، لما دعت إلى محاسبة المسؤولين الأمنيين خلال الأزمة الدموية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)