الجزائر

"الإيمان بالظّاهرة يؤدّي إلى التقهقر الاجتماعي"




أفاد الدكتور عمر أوداينية، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بسكرة، أنّ الإنسان كمجموعة من المجتمعات يخاف من المجهول، معتبرًا أنّ الإنسان بطبعه يريد الأمن والاستقرار في حياته فيطمئن على أهله ونفسه وممتلكاته، ويحاول باستمرار الإبقاء على هذه النّعم لكي يستفيد منها، غير أن “حدوث طوارئ وأحداث في الحياة العامة أو الفضاء العام تُدخِل الرِّيبة والخوف إلى نفسه، فيحاول أن يجد تفسيرًا لهذه الظواهر حيث يَسعى إلى تفسير موضوعي يربط الأسباب بالنتائج، ومنها مَن يتملّكه الوهن أو الأساطير والخرافات فيسعَى لتفسيرها ما وراء الطبيعة، فيربطه بالفصول أو بالسنين أو بالأيّام أو بشعوذة المشعوذين الّذين هم بكثرة الآن.وأكّد أستاذ علم الاجتماع أنّ أيّ مجتمع من المجتمعات لا يخلو من مثل هذه الظواهر، موضّحًا أنّه في فترة الأزمات واللااستقرار تزدهر مثل هذه الظّواهر الغيبية، خاصة في مجتمعات تزداد فيها الأميّة (الأميّة السّياسية والدّينية) في ظلّ اتجاه تعتيق الفكر الاجتماعي، أو ما يُسمّيه علماء الاجتماع بمستويات الوعي الاجتماعي المتدنّي حول التمذهب الدّيني، وشدّد في الوقت نفسه على أن القرآن والسّنّة هي البوصلة الصّحيحة الّتي توجّه الإنسان المسلم في المجتمعات المسلمة.واعتبر الأستاذ أوداينية أنّ بعض الأفكار الّتي تنسب باطلة وخاطئة إلى الدّين من قبل الدّراويش وحتّى التّحايل باستخدام الدّين كوسيلة للنّصب والاحتيال على النّاس، خاصة أولئك الّذين لديهم ظروف خاصة يستغلهم المشعوذون والسّحرة وما أكثرهم اليوم، خاصة على الفضائيات وعلى مستوى بعض المناطق الرّيفية خاصة، والّتي أحيانًا توظّف سياسيًا وثقافيًا تحت غطاء جمعيات معيّنة وخاصة بعض الزّوايا، من أجل الحصول على الولاء السّياسي وجعلها هذه المؤسسات حاجزًا واقيًا بين المواطنين والسّلطة، بالتّأمين للسّلطة من خلال الاستخدامات الخاطئة في الأساطير والخرافات والأساليب الخبيثة المقيتة الّتي تعتّق الذهنية العامة للمجتمع لتحيي المؤسسات التقليدية العتيقة الّتي تجاوزها الزّمن كأصحاب البركات والقبلية والجهوية والعشائرية والأساليب العتيقة في الضّوابط الاجتماعية، من أجل الحفاظ على التّوافق أو التّناسق الاجتماعي والولاء للسّلطة وليس للوطن، إلى جانب أفكار القبلية الزّائفة الّتي تبرّر الأشياء غير المنطقية الّتي تحدث في مجتمعاتنا، فيشجّعوا بعض الظّواهر الّتي ليست لها أساسًا في الدّين أو المحرّفة عن الدّين من عادات وتقاليد.ونبّه الأستاذ عمر إلى أنّنا إذا أخذنا التّاريخ الثّقافي للعالم ككلّ كما يسمّى مخابر علمية مختصّة لدسّ بعض الأفكار في ثقافة الكثير من المجتمعات، وخاصة الإسلامية، بما يسمّى ب«الإسرائيليات” لدسّ أفكار مسمومة في تراثنا الفكري بقصص بعض الأساطير تثبّط العزائم وتدعو إلى عدم إجهاد الفكر والتدبّر في أمور الحياة وقبول ما هو كائن وما هو موجود كما هو عليه، معتبرًا أنّ هذا عنصر من العناصر الدّاعية إلى التقهقر الاجتماعي عمومًا.وأضاف المتحدث أنّ ممّا اشتهر في فكر الإسرائيليات الّتي ربطت بمقدّساتنا الإسلامية التشاؤم بيوم الجمعة إذا تزامن مع اليوم 13، موضّحًا أنّ يوم الجمعة يعتبر عيدًا عند المسلم، متسائلاً في السّياق ذاته “كيف نضع إبرة مسمومة في عجلة المقدّسات الإسلامية، كيوم الجمعة الّذي هو يوم عيد بالنّسبة لجميع المسلمين، حتّى يتفاءل النّاس منه، لا أن يتشاءموا منه”.ودعا الدكتور أوداينية مسؤولي قطاع الشّؤون الدّينية والأوقاف إلى إعادة المسجد لدوره الحقيقي، معتبرًا أنّ دوره الحالي يشبه إلى حد ما وظيفة الكنيسة الحالية، من تركيز نشاطه على العبادات دون المعاملات، معتبرًا أنّ جانب المعاملات في الدّين أساسي، من خلال المعاملة داخل الأسرة، وداخل عالم الإنتاج والخدمات وكذلك في الفضاءين العمومي والخاص. إلى جانب تفعيل دور رجال الإفتاء حتّى يكونوا على دراية بالشّؤون العامة لتسهيل شؤون المجتمع والاهتمام بالشّأن العام، مشيرًا إلى أنّ هذا يتطلّب إعادة النّظر في هذا الدّور المقصّر في حقّهم.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)