تشهد المجتمعات المعاصرة حضوراً قوياً ولافتاً للإعلان فاللوحات والأفلام والومضات والعلامات الاعلانية تحيط بالفرد فى كل مكان وفي كل وقت، وحيثما ولي الفرد وجه يقع نظره على لوحة إعلانية، وحيثما كان الفرد تطارده الرسالة الإعلانية وتدركه؛ لقد أضحت منتجات الاعلان جزءً من الاشياء التي تؤثث محيطنا الحضري والرمزي ولا يوجد اليوم فضاء من الفضاءات الاجتماعية المختلفة لم يلجه الإعلان حتى أن فضاء المدرسة المقدس الذي ظل لفترة طويلة بمنأى عن الهجمة الاعلانية تُفتَح ابوابه اليوم عنوة على مصراعيها أمام هؤلاء الفاتحون الجدد(1).
والواقع ان سيطرة الصناعة الاعلانية قد بلغت حداً لم يعد ممكناً معه لأي اقتصاد وأي ثقافة الإفلات منها، وقد انضمت إليها أو توحدت معها الممارسات الثقافيـة التي كانت مستقلة في ما مضى، فلم يعد الاعلان مجرد تقنيات تستخدم وتوظف من اجل الترويج للمنتجات والسلع والخدمات المختلفة، بل أضحى ظاهرة ثقافيـة بارزة، وسمة من السمات المميزة لمجتمع معاصر يوصف ـ عن حق أو باطل ـ بكونه مجتمعاً استهلاكياً يعكس كل خصائص حضارة تقنية تتحول تدريجياً إلى حضـارة استهلاكيـة متآكلـة.
كيف تنجح الإعلانات والوصلات الاعلانية في إقناعنا المستهلك باقتناء منتجات لسنا في حاجة لها ؟ وكيف تُعطِّل أدوات الرقابة العقلية لدينا لتفرض علينا سلعها ؟ وكيف تنجح في توجيه أذواقنا واختياراتنا ؟ وما علاقة الإعلان كنشاط تجاري وترويجي بالهوية والثقافة والقيم في المجتمع ؟ هذه جملة من التساؤلاتالتي نطرحها في هذه الورقة ونسعى إلى تحليلها و لقديم بعض الإجابات لها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/05/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - عبد الوهاب بوخنوفة
المصدر : الصورة والاتصال Volume 1, Numéro 1, Pages 73-81 2012-09-01