الجزائر

الأوامر الفوقية الوجه الآخر للفساد



للجهاز الحكومي سلطة التنفيذية معبّر عنها في الدستور ، يتلقى تعليماته من السلطة التشريعية أو رئيس الجمهورية ولن أثبتت عديد الحالات أنّ ثمّة موظفون سامون في الدولة يستغلون هذا النفوذ من أجل تحويل أموال الدولة و تسيّر صفقات مشبوهةو غالبا ما يجد الموظفون في القطاعات الحسّاسة و خاصة المالية و المصرفية أنفسهم في عين الإعصار ، باعتبار مركز الوظيفة التي يتقلدونها حساس للغاية ، و لكن حتى عندما يتم اسداء الخدمة لهذا الموظف الكبير أو ذلك باعتباره المسؤول الأوّل في التسلسل الهرمي للإدارة أو المؤسسة المصرفية يجد مدراء البنوك تفسيرات و أعذار لتصرفاتهم المسيئة للمنصب ، بأنّهم بين السندان و المطرقة ، فقد يكلفهم عدم الامتثال خسارة الوظيفة أو التشهير أو تلفيق التهم ، و في أحيان كثيرة قد يكونون مكرهين غير قادرين على الاستقالة ، و غالبا عندما تكتمل الخدمة تتم إقالتهم و بالتالي تجدهم دائما مستعدين للقيام بالأعمال التي تأتيهم أوامرها شفهية ، و التي تنفد إليهم غالبا من سمّاعة التلفون لأنّ المسؤول الكبير لا يورّط نفسه بوثيقة مكتوب عليها الطلب المراد تنفيذه بغية الافلات من العدالة . علاقة المنفّذ بصاحب الأمر شراكة مفروضة و قد أظهرت عديد الحالات في البلاد التورط الذي أفضت إليه الأوامر الفوقية و كيفية استفادة كبار الموظفين في الدولة من عديد المزايا و الخدمات هم و أبناؤهم و أقاربهم و محيطهم و كأن الثروة العامة ملكية خاصة بهم . بالمقابل يفرض القانون القيام بأعباء الوظيفة أو ما يعرف بالواجبات الوظيفية التي تعد عنصرا هاما من عناصر الوظيفة العامة ، باعتبارها تعد ضمانة أساسية للنظام سري العمل بالمرافق العامة و المؤسسات المالية ، و بالتالي تكون الخدمة لصالح الوظيفة و المجموعة الوطنية و ليس لفرد بعينه تحت أيّ مسميات ، بدل أن نكون وسيلة لتحقيق أهداف خاصة و ليس عامة رغم أن التشريعات قد أولت عناية لتسيّر ملف التعامل مع الوظيفة
حقوق ضائعة
و غالبا ما يستغل أصحاب النفوذ من وزراء و غيرهم من أصحاب السلطة العمل بمبدأ واجب طاعة الرؤساء مكان الصدارة ضمن الواجبات الوظيفية
و يمكن للأشخاص رفع دعوى لدى القضاء في حقّ من يريد توريطهم ، هذا المعمول به نظريا و لكن في الواقع التورط يكون من أعلى الهرم و يجر معه كل السلطات بما في ذلك القضائية التي لا تنصف الشاكي بل الموظف السامي في الدولة الذي أعطى الأوامر . و تطرق المشرع الجزائري في قانون العقوبات تحديدا في تعريف جرم إساءة استعمال السلطة الى حالتين أو درجتين لهاته الجريمة :
الدرجة الأولى : إساءة استعمال السلطة ضد الأفراد و ذلك في المواد من 135 إلى 137 من قانون العقوبات .و الدرجة الثانية إساءة استعمال السلطة ضد الشيء العمومي في المواد من 138 إلى 140 من قانون العقوبات.
و لأنّ القانون لا يحمي المغفّل فواجب على مسؤولي القطاعات المالية و المصرفية في حالة عدم تواطئهم و رغبتهم في حماية أنفسهم التصرف وفق أوامر مكتوبة و الاحتفاظ بالمستندات الواقعة تحت أيديهم ، وبأن تكون بياناتها و محتوياتها مكتوبة كتابة صحيحة توافق الواقع ، وأن يتأكدوا أن التوقيعات صحيحة ، وصدرت ممن له حق التوقيع عليها ، ليكون الاستعمال بعد ذلك صحيحاً . يجب على المتعامل بهذه المستندات أن يحرص على إبقائها نظيفة من أي تحريف للحقيقة، ويجب عدم استعمال السند بطريق تخالف ما دون فيه بهدف تضليل الطرف الآخر ، فالمستندات لها حجتها في ما دوّن فيها من بيانات، لذلك يجب أن تكون بعيدة عن كل تغيير أو تلاعب ، لأنها تثبت الحقوق لأصحابها ، فكثيراً ما تضيع هذه الحقوق حال عدم وجود هذه المستندات.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)