كان المسلمون يقومون بغزوات إلى جزر البحر المتوسط، وإلى الشواطئ الأوروبية ولا يترددون في اعتقال المسيحيين وأسرهم، وكان المسيحيون أيضا يغيرون على شواطئ المغرب، فيقعون في بعض الأحيان في أيدي حراس الشواطئ، فيقودونهم إلى سجون تلمسان ويدخل في إطار الأسر كذلك، المسيحيون المقيمون في عاصمة بني زيان، من المرتزقة والتجار المذنبين، فكان عددهم كبيرا يعدون بالآلاف في الدولة الزيانية (194)، ويمثلون عناصر هامة في المجتمع التلمساني، استخدمهم بنو زيان في أغراض صناعية وحرفية، كفن البناء وصناعة الأسلحة (195)، ويتضح ذلك من خلال تدخل الملك جاك الثاني، لإطلاق سراحهم، لكن السلطان أبا تاشفين الزياني الأول رفض طلبه، مبررا ذلك بأن جميع الأعمال والأشغال في دولته تدار بواسطة هؤلاء الأسرى (196)، وكانت عملية تسريح الأسرى، تتم عن طريق التفاوض بين الدولتين، أو بتبادل الأسرى، أو بالفدية، وتشير بعض الوثائق بأن أسيرا كتلونيا افتدي في تلمسان سنة 726هـ/1326م، بمبلغ يتراوح بين 400 و500 دينارا (197).
وكان اليهود يلعبون أدوارا مختلفة لإطلاق سراح الأسرى المسيحيين والمسلمين، إما بالتفاوض والتبادل أو بالافتداء، وكان الكثير منهم يقيم في إسبانيا ويعرفون باسم "الفكاكين" (198).
والظاهر أن عدد الأسرى ارتفع في بداية القرن الثامن هجري أي الرابع عشر ميلادي، بسبب الحروب والغارات المتبادلة، بين الشاطئ الشمالي والجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، فزاد عدد سكان المدن، في الدولة الزيانية باستقبال هؤلاء الأسرى (199)، ومن بينها عاصمة بني زيان التي كانت تتوفر على عدد كبير، ويبدو أن عددا منهم اعتنق الإسلام وصار من الأعلاج الأحرار، تقلدوا بعض الوظائف السامية في الدولة الزيانية.
أما فيما يتعلق بتأثيرهم في المجال الاجتماعي والسياسي، فإنه يمكن القول بأنهم لم يؤدوا خدمات كبيرة في هذا المجال، ما عدا تلك الأسيرات المسيحيات، اللائي أخذن للقصر ليكن حريما للسلطان (200)، أو أولئك الأعلاج الذين يعتنقون الإسلام، ويصبحون موظفين في إدارة الدولة وجيشها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/10/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : www.almasalik.com