الجزائر

الأسرة الجزائرية "حقل تجارب" والقوانين الردعية لا تحل المشكلة



الأسرة الجزائرية
أثارت التعديلات الجديدة للبرلمان الجزائري تضاربا في المواقف والآراء لدى المواطنين، بعد أن تم تشديد العقوبة على الرجل في حالة ممارسته العنف ضد المرأة، ففي الوقت الذي أقر المسؤولون أن قانون العقوبات يهدف إلى التقليل من ظاهرة العنف داخل المجتمع، يرى قانونيون أن مستقبل الأسرة الجزائرية بات على ”كف عفريت”.لقي القانون الجديد لحماية المرأة بعد المصادقة عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني، موجة انتقادات عارمة، سواء من المجتمع المدني أوأخصائيين اجتماعيين وقانونيين، حيث عبروا عن استيائهم من التعديلات القانونية التي لا تتوافق وطبيعة المجتمع الجزائري، ويعتبر البعض أن قانون العقوبات الذي تريد السلطة أن تجعله درعا لحماية المرأة سينعكس سلبا على مستقبل الأسرة الجزائرية، بعد أن ينقلب السحر على ساحره. فقد أكدت لنا المحامية فتحية صياد، عبر اتصال بها،”أن قانون الأسرة الذي تم تعديله سنة 2005 قد انجر بسببه ارتفاع نسبة الطلاق والخلع، ومع التعديل القانوني الذي نعيشه مؤخرا فإن نتائجه ستكون وخيمة على مستقبل الأسرة الجزائرية أي بعد 6 و7 سنوات”. لتضيف ذات المتحدثة أن نسبة الضحايا موجودة فعلا لكنها قليلة، مشيرة إلى أن فترة الحمل لدى المرأة تشهد ارتفاع نسبة العنف ضدها بسبب الاضطرابات النفسية التي تعيشها، وهو الوضع الذي يسبب ارتدادات أسرية إذا كان الأهل لا يفقهون حالتها الصحية بدءا من الزوج، الأمر الذي ينتج عنه عنف أسري قد يؤدي إلى الطلاق، لتؤكد أنه من المهم الأخذ بعين الاعتبار السيرورة التي خلقت فرصة الطلاق قبل إصدار الحكم. لتسرد لنا في ذات السياق قضية طلاق عالجتها بسبب أن الزوج طلق زوجته ثلاث مرات وفي كل مرة تكون الزوجة فيها حامل. تؤكد المحامية فتحية صياد أن السؤال الذي بات لزاما طرحه هو ”هل سيطبق القانون الجديد بحذافيره فعلا؟”، لأننا بهذه القوانين أصبحنا نطبق قوانين ردعية بغض النظر عن معالجة أسباب ظاهرة العنف، مشيرة إلى التقارير السنوية التي يعتمد عليها في سن القوانين، حيث تتوفر على نسبة ضئيلة من الضحايا، وتؤكد أنه من غير المنطقي أن يتم الاعتماد على عينة ضئيلة لمشروع قانون يعم المجتمع. لتعرب من جهة أخرى ذات المتحدثة عن تفاؤلها بالشطر الذي يتناول ردع التحرش ضد المرأة في القانون الجديد، وتعتبرها عقوبة إيجابية، حيث ستكون الحياة اليومية والعملية أكثر أمنا وأريحية، في حين أن تقديم شكوى ضد شخص بسبب التحرش من قبل المرأة يستوجب توفر وسائل إثبات كون ”البراءة” مبدأ جوهري في عملية الحكم. نص التعديل الجديد لقانون العقوبات على أن ”كل من أحدث لزوجته جرحا أو ضربا سبب لها عاهة مستديمة بطريقة قصدية يعاقب بالسجن لمدة 20 سنة، حسب درجة خطورة الإصابة وفي حالة وفاة الضحية تكون العقوبة بالسجن المؤبد”. ويحدد القانون الجديد عقوبة السجن بستة أشهر إلى السنتين لكل من يمارس على زوجته شكلا من أشكال الاكراه أو التصرف في ممتلكاتها ومواردها المالية من باب التخويف، ناهيك عن عقوبة الغرامات المالية التي قدرت من 50 ألف إلى 500 ألف. ويكون للإهمال الاقتصادي للزوجة من قبل الزوج نصيب من تحديد عقوبات مالية وتحديد لمدة السجن. أما التحرش فقد أطرت عقوبته قانونيا لأول مرة بالسجن من شهرين إلى ستة أشهر، أو دفع غرامة مالية لكل من يضايق امرأة في مكان عمومي قولا أو فعلا. أما الشق المتعلق بحماية المرأة من العنف الجنسي يقترح مشروع القانون استحداث مادة جديدة تجرم ”كل اعتداء يرتكب خلسة أوبالعنف عن طريق التهديد والإكراه ويمس بالحرمة الجنسية للضحية”. ورغم أن وزارة العدل أكدت أنها قد استندت في المشروع الجديد على معطيات من الواقع، هذه الأخيرة التي تشير إلى ارتفاع ظاهرة العنف ضد المرأة والتحرش المتزايد بها في أماكن العمل والأماكن العمومية، إلا أن طبيعة التجاوب مع التعديلات القانونية لم تكن مستحسنة من قبل بعض المواطنين وحتى عدد من الأخصائيين الاجتماعيين والقانونيين، فقد اعتبروا القانون الجديد بمثابة ضربة لاستقرار الأسرة الجزائرية التي لا تتحمل التدخل في شؤونها الداخلية، خصوصا ما تعلق بالحياة الزوجية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)