الجزائر

الأزمة السورية تدخل عامها الثالث صراع القوى الكبرى يعمق المأساة



الأزمة السورية تدخل عامها الثالث صراع القوى الكبرى يعمق المأساة
لا شيء يوحي والأزمة السورية توشك على دخول عامها الثالث، أنها مقبلة على انفراج قريب في ظل الانسداد الحاصل وتضارب مواقف الفرقاء وصراع القوى الأجنبية، على دولة تبقى مفتاحا من بين مفاتيح الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.
وما انفك أفق هذه الأزمة يزداد غموضا وضبابية، بلغت درجة السواد في غياب أي حل لها وبقيت أرقام معادلتها غامضة، إلا من عدد قتلاها الذين تجاوزا عتبة السبعين ألفا، ودمار قاربت خسائره 15 مليا دولار وشرخ لن يلتئم لتوه وضغينة بين أبناء الشعب الواحد التي لم يتمكن أحد من إطفاء وجهها المتأجج.
وزادت المغالبة الدموية بين طرفي معادلة الحرب الأهلية في هذا البلد، وشراسة الاقتتال بينهما في استدامة وضع لم يعد يطاق بعد أن عجز كل فريق في فرض منطقه على الأخر، وفي غياب أي أمل لتغليب لغة الحوار والتفاوض.
وفي وقت تصلبت فيه المواقف، ابتعدت معه كل فرصة للتوصل إلى حل وسط قد يعطي الأمل لانفراج قريب، عملت التجاذبات الدولية وصراع المصالح في تعميق هذا الشرخ وقلصت من حظوظ أي حل مهما كانت طبيعته، على اعتبار أن رغبة عامة السوريين في الوقت الراهن تبقى وقف إراقة دماء السوريين كهدف أولي، وبعدها الجلوس إلى الطاولة كون المأساة بلغت درجة لم تعد تطاق.ولم يكن فرار أكثر من مليون لاجئ سوري إلى دول الجوار ضمن عدد مرشح لأن يتضاعف لاحقا إلا مجرد صورة مصغرة عن حقيقة ما يجري والرعب الذي أصبح الشعب السوري يعيشه في كل يوم وليلة، وأرغمت هؤلاء على الفرار ومغادرة وطنهم إنقاذا لحياتهم من موت أكيد.
ويدفع مثل هذا الوضع الكارثي إلى التساؤل إلى متى سيدوم مثل هذا الحال، وإلى متى يقتنع فرقاء الحرب السورية أنّ المخرج ليس في قوة السلاح بقدر ما هو في الجلوس إلى الطاولة؟
ويبدو أن الإجابة على مثل هذه الإشكالية تبقى صعبة من منطلق أن بديل الحوار لم يدخل بعد في قاموس قناعة الفرقاء، إلا من خلال تصريحات زادت في هوة الشقاق والفرقة، بدلا من تسريع الأخذ به كآخر وصفة يمكن الأخذ بها لداء حل ببلد سرعان ما تحول إلى سرطان قاتل.
وصعوبة الإجابة تكمن أيضا في كون المأزق السوري خرج عن إطاره الداخلي، وأصبح بين أيدي قوى أجنبية تتعامل معه وفق مصالحها، وعندما ندرك درجة الشد- الجذب بين هذه القوى تسهل على أي متتبع أن يعرف سبب صعوبة التوصل إلى أرضية توافقية بين الإخوة الأعداء المتقاتلين.
وهي الحقيقة التي جعلت السوريين لايولون أهمية لحصيلة الاقتتال اليومي بينهم، بقدر ما يوجّهون أنظارهم إلى الاجتماعات التي تعقد هنا وهناك في مختلف عواصم العالم لمناقشة أزمة بلدهم.
وهو ما سيفعلونه بداية الأسبوع القادم، حيث سيحولون وجهتهم إلى لندن البريطانية، حيث سيعقد الأخضر الإبراهيمي الموفد الدولي إلى سوريا لقاء مع المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز، وستكون الأزمة السورية في صلب محادثاتهم.
والمؤكد، أنّ هذا الاجتماع سينتهي كسابقيه كون روسيا والولايات المتحدة لم تجدا إلى حد الآن نقطة التقاء مصلحية بينهما، قد تعجل بإنهاء هذا المأزق الذي يدفع الشعب السوري ثمنا غاليا له.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)