كلماته تخرج كالرصاصة من سلاح جندي طالما دافع عن وطنه ،حاملا جرحه أين حل لتنصف شجاعة رجل تمرد على أنانية و جشع وغدر الآخر ،تخطت أشعاره الحدود الوهمية التي وضعها عدوان الإبداع وانتصرت لإبن الشام البار الذي يكن للجزائر محبة خاصة و لأدبها الذي له خصوصية هائلة في تكوينيه الشخصي ،في دردشة جمعتنا معه أثار الشاعر و الإعلامي السوري هاني نديم شيئا مما يميز مسيرته الإبداعية مع ديوان العرب و هواجسه التي تحرك قلمه الذي نقل حتى معاناة اللاجئين في العالم وغيرها من القضايا التي ترتبط بالإنسان عموما.
هاني نديم، الشاعر والإنسان، من هو؟
أنا إنسان عربي، سوري، أحاول جاهداً أن لا أمايز بيني كشاعر من جهة وإنسان من جهة أخرى. أقابل أخطائي وأواجه نقصي بكل شجاعة.
هل اختارك الشعر أم أنت اخترته؟
هذه علاقة تقوم على الشغف من الطرفين. لا يكفي أن نقول أريد أن أصبح شاعراً، ولا يعني بالضرورة إن عملنا بكل جهد سنكون شعراء!. الموهبة والعمل الدؤوب على خطين متوازيين، الصدق والشغف والكتابة فوق الكتابة. القراءة من قبل ومن بعد، كل ما تم ذكره يشارك في صناعة لدائن جوهر العلاقة بين الإرادة والمشيئة.
لكل شاعر طقوسه الخاصة يمارسها أثناء كتابته القصيدة فما هي طقوسك؟
أدخن..كثيراً...
ماذا تمثل لديك القصيدة؟
إنها جوهري وروحي بجدها وهزلها، بطيشها وحكمتها، بعفويتها وتصنّعها أيضاً.
ما هي مصادر إلهامك الشعري؟
الحياة بوصفها جورب مقلوب!، القطبة الداخلية للقماشة اللامعة في الخارج، جوف الحوت لا صورته الفوتوغرافية، طابع البريد لا الرسالة، قلم كحل المرأة لا صاحبته.
يقولون عن القصيدة أنها سرٌ وعلى القارئ أن يبحث عن مفتاح أسرارها؟
هي حقاً سر، إنما حتى صاحبها لا يفهمه، هوميروس – على ما أذكر - يقول: "على الله أن يلهمنا البيت الأول وعلينا أن نكمل". كما قيل: الشعر رحلة صيدٍ ليلية، لا أحد يعلم بم سيعود من غنائم، حتى الصياد نفسه!.
ما رأيك في تلك المحاولات التي تنادي بإعادة تجديد القصيدة العمودية ما يشكل وجها آخر من وجوه أزمة الشعر التي أصبح بعض الشعراء يعيشونها إزاء المفاهيم التي طرحتها الحداثة الشعرية في الآونة الأخيرة ؟
هذا يعيدنا إلى صراع الأشكال الذي لا طائل له وانتهى من الستينيات ومروجي نظرية المؤامرة!، أعتقد أن هيكلية النص تأتي معه، العمود الشكل الأول للشعر العربي وما زال يمثل الموزون شكلاً محوريا من أشكال الشعر لدى كل الأمم، إنه فطرة الغناء والتقطيع الذي يفضله شعراء بينما ينكره عليهم شعراء آخرون. الشعر شعر، وهذا لا يخفى على أحد مهما كان ثوبه. موزون أو مرسل أو مهمل!.
هل يمكن قراءة سيرة الشاعر من خلال القصيدة؟
لنقل هوامش سيرته، نعم ستكون مطروحة دون أدنى شك، معجمه، ثيمات حياته، صوته وذكرياته. أمانيه وخيباته.
هل نحن في زمن الشعر؟
لا، نحن في عصر الصورة والميديا، إلا أن الشعر حاجة أزلية لا تنقضي، لهذا سيستمر البشر في كتابته وسيظل محبوباً وفارساً.
"لو لابس حنين القصب وبردك لحم وعضام، بعطيك من قلبي حطب شعلان يا برد الخيام" ،هذا المقطع من الأغنية التي ألفتها موخراً للفنانة الأردنية مكادي نحاس حول معاناة اللاجئين في العالم، حدثنا عن هذه التجربة الفنية؟
مكادي نحاس صديقتي منذ عشرين عاماً وأكثر، تعرفني وتعرف ما كتبت وما لم أكتب، وقد أشارت لي أن موضوع النزوح والمخيمات والهجرات الهائلة من دول الحروب وخاصة سوريا، هو موضوع لا بد من تناوله، وكنت بالفعل قد زرت مخيمات النازحين من أهلنا في أكثر من بلد ووقفت على حالتهم المنهكة. فكتبت هذا النص "يا خيام" وإلى اليوم منذ صدوره، تردني رسائل في منتهى الجمال والوجع أحياناً..
كيف تشخص المشهد الأدبي العربي الراهن؟
مفردة "التشخيص" ترافق المرض عادةً، في حقيقة الأمر لا المشهد الأدبي مريض ولا أنا بطبيب، ولكن من وجهة نظري، فالمشهد لم يتغير منذ الجاهلية لليوم، يخرج دوماً وبشكل متصل الكثير من المدعين والأشباه، ويكثر في ساحه الهرج والمرج وفي نهاية المطاف يبقي التاريخ بيده العبقرية من يجب.
كيف ترى سوريا مستقبلا؟
سوريا أقدم حضارة على وجه البسيطة، هذا من الصعب جداً تجاوزه، ستعود سوريا رغم كل هذا الوجع إلى قيمتها وقيمها عاجلاً أم آجلاً.
لمن تقرأ من الأدباء الجزائريين؟
للأدب الجزائري خصوصية هائلة في تكويني الشخصي، قرأت مالك بن نبي باكراً، ثم الطاهر وطار وياسمينة خضرا ورشيد بوجدرة وأحببت كل ما قرأت. وبحكم عملي كصحافي أتابع وأقرأ الكثير ممن أحب، أذكر منهم ابراهيم صديقي، ناصر باكرية، عبدالرزاق بوكبة، سمية محنش، بوزيد حرزالله، نسيمة بوصلاح، رمزي نايلي، عبدالعالي مزغيش، جلال حيدر، حنين عمر، عادل الصياد، فاتحة معمري، بشير مفتي، ربيعة جلطي، عبدالمنعم عامر.
يعرف عليك أنك الشاعر الرحالة الذي لا تشده الحدود للمشاركة في مختلف التظاهرات التي تحتفي بديوان العرب، أين هي الوجهة القادمة لهاني نديم؟
في حقيقة الأمر طبيعة عملي تتطلب مني السفر المتواصل، وهو جزء من تكويني، فالبلاد المجهولة تشبه الشعر كثيراً، لا أعرف تحديداً وجهتي القادمة، أتمنى أن تكون البرازيل، لا أعرف.
ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟
لدي كتابان هذا العام خارج الشعر، الكتابان في الصحافة.
كلمة لقرائك في الجزائر؟
أحب هذه البلاد حبي لسوريا، لدي فيها أهل وخلان، وأتمنى أن يظل علمها الأخضر مرفوعاً عالياً.. خفاقاً بقلوبنا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : سهيلة بن حامة
المصدر : www.sawt-alahrar.net