الجزائر

اضربه على الشعير ينس القمح



 ينظر العرب إلى المفاوضات الجارية بين طرفي النزاع ـ تحت الرعاية الأمريكية السامية ـ كأمر عادي وبكثير من التفاؤل، وكأن ما يجري من همس ولمس سيؤدي حتما إلى إنهاء الصراع وطي صفحة الأحقاد. لكن الواقع غير ذلك، لأن الخلل يكمن في ماهية الحوار نفسه. ما يلفت الانتباه هو أن رئيس دولة قوية يأتي إلى منصة الأمم المتحدة ويتحدث عن رعايته للحوار، ثم يأتي رئيس الهيئة الدولية الموقرة فيبارك الخطاب الذي صفق له الحضور. والأدهى من ذلك أن الطرف الإسرائيلي يقاطع خطاب الرئيس الأمريكي. ولم يأت أي رد فعل من البيت الأبيض ولا من هيئة الأمم تعقيبا على غياب طرف هام في النزاع. لعل غيابه يؤكد ما يشاع عن الاحترام الذي يكنه نتانياهو لأوباما.الخلل الثاني يكمن في موضوع الاستيطان الذي أمسى وبات يمثل حصان طروادة وكأن النزاع القائم بين فلسطين وإسرائيل يتمحور في الاستيطان من عدمه. فصارت جزئيات الاستيطان، أو بالأحرى مهلة التجميد الجزئي للاستيطان، هي المحور. ما يثبت المقولة الشعبية عندنا اضربه على الشعير ينس القمح . إذ أضحت السلطة الفلسطينية لا تفكر في غير الاستيطان والشقراء تداعب أحيانا وتضغط أحيانا أخرى على الرئيس عباس فينسى ما قالت له أمه يوم أنجبته.ثم يقولون إن الحكومة الإسرائيلية حددت مهلة التجميد الجزئي إلى صباح اليوم، فيما قرر الجيش تمديده إلى غاية الثلاثين من الشهر الجاري. فحشروا القضية برمتها في الجزئيات. والجميع يضغط ويلحن لحن الحوار بأشعار الاستيطان والقدس تهوي والسجون تتوسع والأرواح تسقط والقانون الدولي يُنتهك مساء صباح... فيخرج زوج الشقراء من حيث لا أدري فيتحدث عن الروس الذين يشكلون السواد الأعظم في الجيش الإسرائيلي وأنهم يرفضون الحديث عن التنازل. ويخرج من جيبه مبررات تاريخية للمحتل لتجريد الروس من حججهم. أي يضرب لنا خط الرمل ليدعم شعارات الزوجة التي لا تكل ولا تملّ من السفر إلى المشرق، فتذكرني بسفريات الزنجية التي كانت تأتي كل صباح لزيارة تسيبي ليفني ـ الشقراء هي الأخرى لكنها اصطناعية ـ وتعطيها إشارة البدء في قنبلة أبناء غزة في حديث نسوي سخي.هم جميعا إذن يتحدثون عن الاستيطان واللجنة الرباعية تضرب أخماسا بأسداس وتتوقع إبرام السلم الكامل بين اليهود والعرب، على أحسن تقدير، خلال سنة، ذهابا وإيابا لنساء ورجال وأمتعة بين تل أبيب وواشنطن.harichane_a@yahoo.fr نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)