الجزائر

اسهامات بارزة في الحضارة العربية الاسلامية مختصون في ملتقى «بن شنب والحداثة»:



تواصلت لليوم الثاني أشغال الملتقى الدولي «محمد بن شنب والحداثة» حول قضايا إسهامات هذه الشخصية في النهضة الجزائرية، العربية والإسلامية، إضافة الى مواقف الفكر العربي المعاصر من الحداثة، والتحولات التي لحقت بالمجتمع العربي وهو يضع أولى خطوات البناء نحو إيجاد مكان يليق به على معمورة الأرض، مما جعله أمام منظومة فكرية ومنهجية، وقيمية تسمى حداثة على الرغم من أن جل المتدخلين استقروا على أنّ لكل عصر حداثته الخاصة به. وهذا ما توقفت عنده «الشعب» في هذه القراءة والتغطية.كانت هذه الأفكار محور مضامين المواضيع التي احتضنتها أمس قاعة المحاضرات ''محمد بن أبي شنب'' بالمركز الجامعي ''الدكتور يحيى فارس''، وقد ترواحت الكلمة فيه من عمر الملتقى في جلستين علميتين، الأولى تحت رئاسة الدكتور شنتوف ناجي وتمحورت حول «إسهامات محمد بن شنب في النهضة الجزائرية والعربية والإسلامية»، وتضمنت عددا من المواضيع المتعلقة بذات العلامة منهاڤ ابن أبي شنب بين التراث والتجديدڤ للدكتور للصادق خشاب من جامعة المدية.
رجل علم وحضارة ألّم بالأصالة
عدّد خشاب مناقب العلامة محمد بن أبي شنب عبر «الملكية الفكرية وتعدد اللغات للعلامة واشتغاله بالعمل الأكاديمي وتميز العلاقات التي وطّدها مع هيئات علمية عربية وعالمية، وكذلك العلاقات التي ربطها مع شخصيات علمية لها حضورها في مجال العلم والإنتاج الفكري»، إذ برأيه أنها كلها عوامل جعلت منه رجل علم وحضارة مكنته من الإلمام بمفهوم الأصالة إلى حد ابداع وادهاش معاصريه بإنتاجاته الفكرية، وكذلك تصحيحه لمفاهيم وآراء لعلماء عرب وآخرين من الغرب بأدلة وبراهين، وأنّه كانت منه الحجة والعَلَم الذي يصدق قوله إذا قال: «ويؤخذ بمشورته إذا استشار، الأمر الذي حاول من خلاله المحاضر توضيح دور العلامة في تجسيد مفهوم دور الحضارات في إنتاجاته الفكرية، وإسهاماته في مجال الاستشراق وتصحيح بعض آراء المستشرقين عن طريق صدور إنتاجاته في هيئات عربية علمية كمجامع اللغة العربية في كل من سوريا ومصر، وكذلك عضويته في هيئة الاستشراق العالمية وكتاباته في مجال الاستشراق وعلاقاته بالمستشرقين العرب والغربيين».
يرى الدكتور لعمى عبد الرحيم في مداخلته «ثلاثة مفاهيم في فكر محمد بن شنب: الحداثة، التراث، الاستشراق جمع أم تضاد »، حيث أن هذه العوامل دفعت بالباحث إلى الشعور بالقلق الإبستمولوجي من مصادر الحداثة المعرفية المشكلة من «اللغة البكر والفكر العلماني، وكون الداخل منبع المعرفة اليقينية، أي أنها انقطاع معرفي عن مصادر التراث، ويرى منظورها في العالم العربي كون جوهرها يتمثل ويعكس معارضة ثلاثية الأبعاد هي التراث، الثقافة البرجوازية القائمة على المنفعة والمبادئ العقلانية، ومعارضة لذاتها كشكل من أشكال الهيمنة والسلطة ثم بالمقابل وأمام تحرر الشهوات الإبداعية وانفجار الطاقات الكامنة»ئ.
من جهة أخرى، وإثر تدخل الدكتور بشير فايد من جامعة سطيف من خلال مداخلة بعنوان: «محمد بن شنب الإنسان والمفكر في منظور البشير الإبراهيمي»، ركّز الباحث على إبراز صورة محمد بن أبي شنب إنسانيا وفكريا وعلميا لدى قطب آخر من أقطاب العلم والفكر والإصلاح في الجزائر وهو الشيخ البشير الإبراهيمي، حيث أظهر المتدخل عدة جوانب من أخلاق بن شنب العالية وذوقه الرفيع وإخلاصه للعلم وتحليه بالمثابرة والاجتهاد، كما وصفه الإبراهيمي بالإضافة إلى منهجه الفكري وأسلوبه في البحث العلمي، واعتبره في هذا الإطار من العلماء والمفكرين المجددين في العلوم الإسلامية، التي غرقت حسبه لعدة قرون في الجمود والتقليد، وشكلت إحدى العقبات الأساسية في طريق النهضة والتحديث.
ابن أبي شنب في عيون معاصريه
من المفيد أن نرصد صورة محمد بن أبي شنب في عيون معاصريه للإلمام بمختلف جوانب شخصيته وتراثه اللذان يجهلهما الجيل الحالي. في شق آخر لا يقل أهمية خلص الدكتور محمد زوقاي من جامعة المدية في محاضرته «البعد الفكري في التأليف بين المنهج والتطبيق عند ابن شنب - الكتاب التعليمي نموذجا» إلى أحد جوانب شخصية ابن شنب العلمية والفكرية والثقافية المتعددة من خلال كتاباته المتنوعة في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، حيث قال في ذلك أنه نابع من جانبه «التعليمي الفذ في هذه الشخصية مازال يحتاج إلى بحث لمعرفة منابعه الأصيلة من خلال الكشف عن المؤثرات التي تركت طابعها واضحا في منهجه التعليمي، مؤكدا أن هذه ڤالقامة العلمية استطاعت بفضل تكوينها البيداغوجي الطويل في ممارسة العملية التعليمية أن تترك بصمات واضحة وهادفة من خلال كثير من الآثار العلمية الموجودة بين أيدينا».
وأكد من جهته الأستاذ أكرم بلعمري من جامعة الوادي في مداخلة «ابن أبي شنب بقلم عبد الرحمن الجيلالي» على أنّه من الأوائل الذين عرفوا بالدكتور محمد بن أبي شنب من خلال كتابه الموسوم «محمد بن أبي شنب حياته وآثاره»، حيث تعد هذه الشهادة من الشيخ عبد الرحمن الجيلالي في الدكتور ابن أبي شنب شهادة حية أصيلة و«شهادة معاصر للدكتور، عارف به وبصفاته وأحواله، فأحسن من يعرّف بابن أبي شنب، هو تلميذه وصاحبه وصديقه الشيخ عبد الرحمن الجيلالي، ولأنه أكثر العارفين من المعاصرين له، يعلمون من هو الرجل وما هي آثاره»ئ.
من كبار المختصين في المخطوط بالجزائر المستعمرة
كما طرح الأستاذ عيساني بلقاسم من جامعة الجزائر في مداخلته «وضعية المرأة بين الإسلام وقيم الحداثة: قراءة في موقف العلامة ابن شنب»، قراءة على قراءة ابن شنب للنصوص القرآنية والأحاديث الشريفة حول وضعية المرأة في الإسلام من خلال مقالتين منشورتين له، ورصد فيها آراء ابن شنب من خلال الإجابة على تساؤلات تنبئ عن كيفية فهم الرجل لأبعاد الموضوع «خاصة أنها قضية أثارت النقاش في الغرب حول حقوق المرأة وحرّيتها، وإلى أيّ مدى كانت طروحات ابن شنب صالحة لمخاطبة الآخر الأوروبي، حيث أنه كان يقدّم هذه المتون عبر اللسان الفرنسي عن طريق ترجمتها».
ونبّه الدكتور علاوة عمارة من جامعة قسنطينة في تدخله «محمد بن شنب والمجلس المعرّبة: ملاحظات حول إنتاج وترجمة النصوص العربية» إلى أن محمد بن شنب فرض نفسه كواحد من كبار المختصين في التراث العربي المخطوط في الجزائر المستعمرة، وعلى أن «هذا الاهتمام بالتراجم والسير يبيّن ارتباط بن شنب بالقيم الإسلامية مما يترك انطباعا بمحاولته التعريف بنموذج من خلال تدوين الذاكرة الجماعية العالمية».
وبين المحاضر ال دواق الحاج من جامعة باتنة عبر مداخلته المعنونة «الحداثة مستأنفة: مقاربة في رؤية عبد الوهاب المسيري» أن البشرية تمر على المراحل ذاتها في كل مكان، وبخصائص كل مرحلة ما يستدعي ضرورة الانخراط في تجارب مكررة، تقود إلى العمل الدائم للحاق بالتجارب الأنجح باعتبارها ملكا كونيا وجوديا للناس جميعاڤ، بحكم إمكانيات وفرص تاريخية أخرى لتنويع ما وصل إليه الغرب من تقدم تحقق جراء الحداثة وخصائصها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)