في الوقت الذي يستعد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لاستقبال التقرير النهائي حول نتائج المشاورات السياسية الموسعة التي تم الاستماع فيها لمقترحات أهم الشخصيات الوطنية والسياسية والحزبية حول التغيير المنشود تشهد الساحة السياسية والإعلامية جدلا ليس الأول من نوعه حول قرار حكومي صادق عليه البرلمان الجزائري بغرفتيه مؤخرا يقضي برفع الحظر عن استيراد الملابس القديمة التي تعرف في الجزائر باسم "الشيفون".
ويشبه الجدل الذي يصنع المادة الأولى لجل الصحف المحلية منذ صادق النواب الجزائريون على رفع الحظر على استيراد الملابس القديمة في إطار قانون المالية التكميلي للعام 2011 ذلك الذي أعقب قرار الحكومة الجزائرية العام 2007 منع استيراد الخمور قبل أن يتم التراجع عن القرار سنة بعد ذلك أدخل المؤيدين والمعارضين له في معارك كلامية كانت الصحف المحلية ميادين رئيسية لنزالاتها.
ويتجاذب القرار الذي رخّص لمستوردي الملابس القديمة بالنشاط مجددا بعد حظر دام قرابة الثلاث سنوات بدعوى حماية صحة الجزائريين، الأحزاب السياسية وعمال قطاع الجلود والنسيج ولوبيات الاستيراد والتصدير والنواب الذين يدافع كل طرف فيهم عن وجهة نظره، لكن المعركة أساسا واقعة بين طرفين اثنين عمال النسيج ولوبيات استيراد الملابس القديمة.
فبالنسبة لعمال قطاع النسيج والجلود فإن الترخيص باستيراد الملابس القديمة التي يجلبها المستوردون في غالبيتها من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا هو بمثابة الضربة القاضية لقطاعهم الذي يحتضر منذ سنوات بفعل اجتياح الصينيين لسوق الملابس وبيعها بأسعار جد تنافسية، واعتصم عمال النسيج كتعبير عن غضبهم أمام مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين أكبر النقابات العمالية العمومية في البلاد وهناك طالبوا الحكومة بحمايتهم وحماية عائلاتهم من شبح الجوع لأن "الملابس القديمة" تهدد مؤسساتهم بالغلق.
أما مستوردو الملابس القديمة فيرون في رفع الحظر على استيراد هذا النوع من الثياب الرثة التي يتخلص منها الأوروبيون بعد ارتدائها عدة مرات "رحمة" لعشرات العائلات الجزائرية الفقيرة والمعوزة التي تواجه غلاء المعيشة ولا تقدر على شراء الثياب الجديدة لأطفالها حتى في العيد و "باب رزق" يفتح مجددا أمام عشرات الشباب الذين يسترزقون من بيع الشيفون الذي تنتشر محلاته وتنمو مثل الفطريات تماما مثل محلات البيتزا والفاست فود.
ولا غرو أن يتفانى مستوردو الشيفون في الدفاع عن أنفسهم إذا علمنا أن الجمارك الجزائرية تورد أرقاما رسمية تتحدث عن قيمة واردات للملابس القديمة تفوق ال 15 مليون دولار كل سنة.
ويعيب المراقبون أن يثير موضوعا مثل استيراد الملابس القديمة كل هذا الجدل في بلد غني بغازه وبتروله مثل الجزائر وتسّجل خزينته العمومية أكثر من 180 مليار دولار. ولا تتردد التعاليق في ربط الموضوع بالسيادة الوطنية وتعيب على الحكومة أن ترخّص لاستيراد الشيفون بعد 50 سنة من استقلال البلاد العام 1962، فإثارة موضوع مثل استيراد الثياب الرثة هو في نظر هؤلاء إهانة للشعب الجزائري الذي لا يستفيد من الريع البترولي وفترة الرخاء التي تشهدها المداخيل بالعملة الصعبة بفضل ارتفاع سعر البترول.
وراحت المعارضة التي انخرطت في الجدل تدعو الرئيس بوتفليقة لوضع حدّ لهذا الجدل بإلغاء المادة التي ترخص لاستيراد الثياب القديمة من قانون المالية المقبل وإقرار تدابير وآليات تعيد الاعتبار للمواطن، وتعينه على ستر عريه بكرامة و ملء "قفة" قوته اليومي دون الشعور بالمهانة والدونية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/09/2011
مضاف من طرف : infoalgerie
صاحب المقال : فتيحة بوروينة
المصدر : alriyadh.com