الجزائر

ارحلوا جزاكم الله خيرا



ارحلوا جزاكم الله خيرا
ماذا بقي من الاحتراف الذي دعا إليه رئيس الاتحادية محمّد روراوة بعد الذي حدث في ملعبي 31 أفريل بسعيدة و5 جويلية بالعاصمة؟.. الخناجر اليوم غزت ملاعبنا ومشاهد الدم والفوضى والصراخ والعويل زادت من اسوداد الصورة القاتمة عن ''المشروع الكروي''، وكانت مختلف مشاهده صراع راش ومرتش ومباريات مشبوهة وضرب واتهامات ببيع وشراء ذمم الحكّام واللاّعبين، وترتيب مسبق لنتائج المباريات.
حين أسمع كلام رئيس الاتحادية أُصاب بالغثيان، وأتساءل إن كان هذا الرجل يعلم بأنه لا يبيع سوى الكلام، وإن كان يعلم أيضا بأننا نعلم بأنه يقول ولا يفعل، فرئيس ''الفاف'' هذا يصوّر لنا المشهد الكروي في الجزائر وفقا لقراءته التي يريدها أن تكون، حتى ولو انطبق على كلامه مقولة ''معزة ولو طارت''.
لقد أطلق ''حالة الطوارئ الرياضية'' بإعلان الجزائر محترفة كرويا ولم يحضّر مسبقا لآليات الاحتراف، وصنع قراره المتسرّع بنظرته الضيقة، الرامي فقط إلى مغازلة بلاتير وولوج ''قصر الفيفا'' بزوريخ''، شركات مفلسة في المهد، وخرج من إشكال الكرة الجديد مثل ''الشعرة من العجين''، وجعل الصورة السلبية لما عرفناه عن الاحتراف مشكلا بين الدولة والأندية.
رئيس الاتحادية لم يصلح حال الكرة الهاوية، لكنه اجتهد للوقوف على ولادة قيصرية لمشروع احترافي قتل في المهد، وغيّر الرجل القوانين ونظام المنافسة، وأنشأ رابطات جديدة، وسنّ قانونا يمنع من يفوق عمره اثنين وثلاثين عاما من ممارسة كرة القدم كهواية، وأبقى على من بلغ الأربعين في بطولة الاحتراف، وكأن المنتخبات الوطنية تجعل من أندية الأقسام السفلى خزّانا لها.. ومع كل مسعى ''أحادي'' للرّجل، مشاكل ''مشتركة'' للكرة.
تعديل القوانين، بإضافة مواد وشطب أخرى، لم يضع حدّا للفوضى ولا للعنف، وبقيت ''الفراغات القانونية'' و''القراءات'' المختلفة للمواد القانونية محل جدل كبير، وترك ''صاحبنا'' الانطباع بأنه فصل بالعدل حين اعتمد على قوانين لا تناسب حجم وخطوة تنامي ظاهرة العنف، وحملت المقاربة بين مادة وأخرى اختلالا، حين تبيّن أن روح لاعب أو مناصر أرخص بكثير من كاميرا تعرّضت للتحطيم.
ويقول السعيديون اليوم بأن ما حدث بملعبهم لا يعبّر عن ميولهم إلى العنف، ويقول هؤلاء أيضا بأن الجماهير المتعصّبة يصعب ترويضها في حال استفزازها، وبأن العنف موجود في كل الملاعب، ويذهبون في قولهم بأن معاقبة إطارات الشرطة هو تحمّل هذا الجهاز لمسؤولياته، وبأن متابعة من دخل الملعب حاملا خنجرا قضائيا إحقاق للحق وبأن معاقبة الفريق المستضيف تحصيل حاصل.. لكن عدم معاقبة رئيس اتحادية يسرق إنجازات غيره ولا يتحمّل تبعات سياسته التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، هو الظلم بعينه.
صور أحداث بورسعيد كانت الأكثر تأثيرا، ومشهد الموت كان بشعا في ملعب أرض الكنانة، ومن هول ما حدث، تحمّل رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر مسؤولياته ورحل حتى لا يرحّل، هذا ما حدث بعد ''بورسعيد'' ولم يحدث بعد ''بورسعيدة''.
وطالما أن الاستقالة ليست ممنوعة قانونا، نقول لروراوة وحاشيته مترجّين ''ارحلوا جزاكم الله خيرا''، وقد كان للوزير يحيى فيدوم بعد نظر، حين عرض على البرلمان قانونا يقضي بترحيل هؤلاء بعد نهاية كل عهدة.

rafeec2005@yahoo.fr




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)