الجزائر

ابراهيم بن محمد التازي



إبراهيم بن محمد بن علي اللنتي التازي نزيل وهران الشيخ أبو سالم و أبو إسحاق الإمام العالم العلامة الناظم البليغ الورع الزاهد الولي الصالح العرف القطب صاحب الكرامات و الأحوال البديعة و القصائد الرائقة الأنيقة.
قال أبو عبد الله بن صعد في "النجم الثاقب": كان سيدي إبراهيم من الأولياء الزاهدين و عباده الصالحين إماما في علوم القرآن مقدما في علوم اللسان حافظا للحديث بصيرا بالفقه و اصوله من أهل المعرفة التامة بأصول الدين إماما من أئمة المسلمين و قفت على كثير من تقاييده في الفقه و الأصول و علم الحديث بخطة الرائق من أهل الحفظ العظيم معروفا بجودة النظر و الفهم الثاقب جامعا لمحاسن العلماء ممتعا بآداب الولياء فلا نظير له كمال العقل و متانة الحلم و المتمكن في المعارف و بلوغ الدرجة العليا في حسن الخلق و بلوغ الدرجة العليا في حسن الخلق و جميل العشرة و المعرفة بأقدار الناس و القيام بحقوقهم و حسبك من جلالته و سعادته أن المثل ضرب بعقله و حلمه و اشتهر في الآفاق ذكر فضله و علمه حتى الآن إذا بالغ أحد في وصف رجل قال: كأنه سيدي إبراهيم التازي و إذا امتلأ أحدهم غيظا قال: لو كنت في منزله سيدي إبراهيم التازي ما صبرت لهذا لما كان يتحمله من أذاية الخلق و الصبر على المكاره و اصطناع المعروف للناس و المداراة فهو أحد من أظهره الله لهداية خلقه، و أقامه داعيا لبسط كراماته مجللا برداء المحبة و المهابة مع ما له من القبول في قلوب الخاصة و العامة فدعاهم إلى الله ببصيرة و أرشدهم لعبوديته بعقائد التوحيد و وظائف الأذكار.
كان أحسن الناس صوتا و أنداهم قراءة آية في صحافة اللسان و التجويد ذكر أنه أيام مجاورته إذا قرأ البخاري أو غيره انحشر الناس إليه لحسن قراءته و جودته و صلى الأشفاع هناك في رمضان بالناس لحسن تلاوة و طلاوة حلاوته، وأصله من بني بنت قبيلة لنت قبيلة من بربر تازا و شهر بالتازي لولادته بها و قرأ بها القرآن العالم الصالح الولي العارف أبي زكرياء يحي الوازعي و كان هذا الشيخ يعتني به على صغر سنه و يقول لأقرانه: هذا سيدكم و صالحكم و ما زال على حاله الحسنة و نشأته الصالحة و هديه القويم إلى أن رحل للشرق، و علماؤه على ساق و عرفت صديقيته هناك و اشتهر ذكره و كان رفيقه في وجهته لبلاد المشرقية نظيره في العلم و الدين الولي الصالح الزاهد الناصح أحمد الماجري اهـ. كلام ابن صعد مشخصا.
قلت: و لما حج لبس الخرقة من شرف الدين الداعي و لبسها من الشيخ صالح بن محمد الزواوي يسنده إلى أبي مدين و أخذ عنه حديث المشابكة و تبرك بالشيخ الولي الصالح أبي عبد الله محمد بن عمر الهواري و تلمذ له فنال بركته، و كان عالما زاهد متصرفا له كرمات و مكاشفات كثيرة و قصائد في مدحه صلى الله عليه و سلم أخذ عنه جماعة من الأئمة كالحافظ التنسي و الإمام السنوسي و أخيه سيدي على التالوتي و الإمام أحمد زروق و غيرهم.
قال القلصادي في "فهرسته" أقمت بوهران مع الشيخ المبارك سيدي إبراهيم التازي خليفة الهواري في وقته كان له اعتناء بكلام شيخه و من حكمه: العالم لا تعاديه و الجاهل لا تصافيه و الأحمق لا تواخيه اهـ.
قال ابن صعد: و أخذ بمكة عن علامة علمائها و كبير محدثيها قاضي القضاة المالكية سيدي الشريف تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاس قرأ عليه كثيرا من الحديث و الرقائق و أجازه و بالمدينة على جماعة كإمام الأئمة أبي الفتح ابن أبي بكر القرشي و غيره و كان كلامه في طريق التصوف و مقام العرفان لا يقوم بمعناه إلا من تمكنت معرفته و قويت عارضته و ذاق من طعم الحب ما توفرت به مادته و أخذ بتونس عن شيخ الإسلام الحافظ العلامة عبد الله العبدوسي و بتلمسان عن علامة وقته خاتمة العلماء محمد بن مرزوق و أجازه معا وزار بوهران شيخ المشايخ جنيد أقرانه و حكيم زمانه الهواري اهـ.
قلت: قوله عبد الله العبدوسي لعل صوابه أبي القاسم عبد العزيز فهو نزيل تونس في ذلك الوقت و أما عبد الله العبدوسي فهو ولد أخيه لم أعرف له رحلة لتونس و لا ذكره أحد و إنما كان بفاس و بها توفي و الله أعلم و توفي سيدي إبراهيم تاسع شعبان سنة ست و ستين و ثمان مئة (866) رحمة الله تعالى و نفعنا به هكذا ذكره غير واحد و من شعره رضي اله عنه:
أمـا أن أر عــواؤك عن شنــار
كـفى بالشيـب زجرا عـن عوار
ابعـد الأربـعين تــروم هــزلا
و هـل بـعد الغشيـة مـن عرار
فـخل حظوظ نفسك واله عنـهـا
و عـن ذكـر المنـازل و الـديار
و عـد عن الربـاب و عن سـعاد
و زينـب و الـمعـارف و العقار
فـما الدنـيا وزخرفهـا بـشـيء
و مـا أيـامـها إلا عـــواري
و لـيس بـعـالقـل من يصطفيها
أتشـري الـفـوز و يحـك بالتبار
فـتب و أخـلع عذارك في هوى من
لـه دار الـنـعـيـم و دار نـار
جمـال الله أكـمل كـل حـسـن
فـلله الـكـمـال و لا ممــاري
و حـب الله أشـرف كـل أنـس
فـلا تـنـس الـتخـلق بـالوقـار
و ذكـر الله مـرهـم كـل جرح
و أنــفــع مــن زلال لـلأوار
و لا مـوجـوذ إلا الله حــقـا
فـدع عـنـك الـتـعلق بالشـنار
و له من قصيدة:
يـا صاح من رزق التقى و قلى الدنيا
نـال الـكـرامة و السعـادة و الغنى
فـأصرف هوى دنياك و أصرم حبلها
دار البـلايـا و الـرزايا و الـعـنـا
و ودادها رأس الخــطـايـا كلها
مـلـعـونـة طـوبي لمـن عنها انثنى
لا تـغـترر بـغـرورهـا فمتاعها
عـرض مـعـد للــزوال و للفـنا
لـعب و لهـو زيـنة و تـفـاخر
لا تخـذ عـنـك جـنانها مـر الجـنا
خــداعـة غـدارة نـكــارة
مـا بـلـغـت لخـليـلها قـط المنى
اليـوم عـندك جـاهها و حطامها
و غـدا تـراه بـكـف غـيرك مقتنى
فـاقبل نصيحة ملخص و أعمل بها
تـدنـيك من رضوان ربـك ذي الغنى
يـدخـلك جـنات النعيم بفضله
دار المـقـامة و الـمسـرة و الـهـنا
و له أيضا من القصيدة أخرى:
و غنـم مـريـد في انقياد لكامل
لـه خـبرة بـالـوقت و الـعلم و الحال
هـو السر و الأكسير و الكيميا لمن
أراد وصـولا أو بـغـى نـيـل أمــال
و قـد عـدم الناس الشيوخ بقطرنا
و أخـرهـم شيـخـي و مـوضع إجلالي
و قـد قـال لي: لم يبق شيخ بغربنا
و ذا مـنـذ أعـوام خـلـون و أحـوال
يـشـير إلى أهـل الكمال كمثله
علـيه مـن الله الـرضـى مـا تـلا تـالي
و له أيضا من أخرى:
حسامي و منهاجي القويم و شرعتي
و مـنجاي في الداريـن مـن كـل فتنة
محـبة رب الـعالمـين و ذكـره
علـى كل أحياني بـقـلـبي و لهـجتي
و أفـضل أعـمال الفتى ذكر ربه
فـكـن ذاكرا يذكـرك بـاري الـبرية
و مـا مـن حسام للمردين غيره
و كـم حسموا ظـهـرا لـزار و باهت
و كم بددوا شملا لذي جرأة و كم
أبـادوه عـدوا مـسهـم بمــضـرة
و كـم دافـع الله الكريم بذكرهم
عـن الخـق من مـكـروهـة و مبـيرة
و أفـضل ذكـر دعوة الحي فلتكن
بها لهـجا في كـل وقـت و حـالــة
فـكـثرة ذكـر الشـيء آية حبه
و حـسـب الفـتى تـشـريفة بـالمحبة
و له أيضا من أخرى رحمة الله:
و خـيرة الخلق من من أجـله خلقوا
محمــد خـير محـمـود و مـن حمــــدا
مـن خصـبة بلـواء الحمد حامده
و بـالمـقـام الـقـيـامي الــذي حمــدا
و يـوم حشر الورى للفضل يرشده
إلى محـــامـد لم يـرشـد لهـا أحــــدا
و كثـرة الحمـد من أوصاف أمته
في الـيـسـر و الـعسـر في الـكتب العلا و جدا
صـلى الحميد على المحمود أحمد ما
بـالحـمد أفـصح حـــماد و مـا سـجـدا
الله عـبد شـكـور حامد و على
قـربـاه و الـصـحـب أعـلا الأمة الحــمدا
و له أيضا قدس الله سره من أخرى:
أنـت مهجتي إلا الولوع بمن تهوي
فـدع عـنك لـومي و الـنفوس و مـا تـقـوى
هـوان الهـوى عز و عـذب أجاحـه
و عـلقـمـه أحـلا مـن المــن و السلوى
و تعـذيـبه للـصب عـين نعيـمـه
و سـعى الـلـواحي في السـلي مـن العدوى
و من لم يجد بالنفس في حــب حـبه
فلـوعـتـه إفـك و صـبـوتـه دعــوى
و لـيـس بحـر من تعبـده الهــوى
اللــهو الـدنا فـاختـر لـنفـسك ما تهوى
فما الحب إلا حب ذي الطول و الغـنى
و أمـلاكه و الأنبـيـاء و أولى الـتـقــوى
و خـيرة رسـل الله أفضـل خـلـقه
محـمـد الهـادي إلى جـــنة المــــأوى
و له أيضا قدس الله روحه من أخرى:
روحـي و راحـة روحـي ثـم زيحاني
و جـنـتي مـن سـرور الإنـس و الجـــان
و مـأمـني و أمـاني مـن سـعير لظى
ذكــر المـهـيمن في سـر و إعـــــلان
و مـدح أحــمد أحـنى الـعالمين حمى
و ذو المـــقام الـذي مـا قــامـه ثــاني
إلى أن قال:
هـذا السـراج هـو المنـجى لمعـتصم
هـذا الـــمعاذ و مـلجأ الخـائف الجــاني
يـا رحمــة الله إنـي خـائف و جل
يـا نـــعمة الله أنـي مفـــلس عـــاني
إلى غيرها من قصائد الكثيرة و قد ذكرت كثيرا من أحواله في غير هذا الموضع، بل عرف به الشيخ ابن صعد في نحو كراسين من "النجم الثاقب"



شكرا على هذه المعلومات المتعلقة بالعالم الفقيه ابراهيم بن محمد التازي رحمه الله تعالى
عثمان المنتصر - تقني سمعي بصري - الدارالبيضاء - المغرب

27/04/2014 - 191438

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)