يجمع عدد من التجار الذين تحدثت إليهم "المساء" على أن ممارسة النشاط التجاري في الأحياء يخضع لفوضى وتغيب فيه الاحترافية في اختيار النشاط المراد ممارسته، في ظل غياب الرقابة، وإلا كيف يفسر الانتشار الكبير لبعض الأنشطة التجارية في مكان واحد فيما تغيب أخرى، بينما تتوزع بعض الأنشطة بشكل متناقض، إذ نجد في بعض الأحيان محلات للميكانيك تجاور محلات الأكل السريع، وأخرى لبيع الخضر تجاور محلات الحلاقة.. ومحلات غسل السيارات تجاور محلات بيع أدوات التجميل أو الملابس.سمحت الجولة التي قامت بها "المساء" ببعض الأحياء، على غرار الجزائر الوسطى والأبيار وباب الوادي، بالوقوف على ما أسماه أغلب التجار الذين تحدثت إليهم "المساء" بالفوضى، فهذا التاجر حمزة بائع للمواد الغذائية يقول بأن المبدأ القائم اليوم في ممارسة النشاط التجاري هي المنافسة غير المشروعة والعمل بالمثل، أي أن التاجر اليوم الذي يقرر ممارسة نشاط تجاري يزور المكان المراد اختياره، وعوض دراسة ما يتطلبه المكان، يبحث في الأنشطة التي تنتشر وتلقى رواجا ويقوم على الفور بممارسة نفس النشاط، مما نتج عنه خلق جو مشحون بالمنافسة غير المشروعة، وهو ما حدث معي يضيف حمزة "ففي الحي الذي أقيم به أتذكر أنه يوم باشرت النشاط كنت أول من قام ببيع المواد الغذائية واليوم وبعد فترة وجيزة يزاحمني خمس تجار اختاروا نفس النشاط، على الرغم من صغر الحي موضحا أن القانون يتطلب أن تكون المسافة بين محل وآخر لنفس النشاط هو 500 متر إلا أن الواقع يثبت العكس، الأمر الذي يجعلني أؤكد أن اختيار النشاط التجاري عشوائي ولا يخضع لأية ضوابط، كما أن توزيع الأنشطة غير متجانس وعشوائي.ويضيف حمزة بأن انتشار نفس الأنشطة جعل أخرى تغيب مطلقا، رغم الحاجة إليها، فمثلا في الحي الذي أقيم به بأعالي العاصمة، تنتشر فقط محلات بيع المواد الغذائية، بينما تغيب مثلا محلات بيع الأكل السريع والمخابز، مما يعني أن النشاط التجاري يخضع لرغبات ونزوات التجار.عدم الرضا بالأنشطة التجارية الممارسة من طرف البعض أثر على نشاط البعض الآخر، فهذه السيدة ليلى حلاقة بباب الوادي، أعربت في حديثها إلى "المساء" عن تذمرها من إقدام تاجر على كراء المحل الذي يجاور محلها لتشحيم السيارات، مؤكدة أن الزبونات يعزفن عن دخول المحل بسبب انتشار عدد المركبات التي تحتاج إلى إصلاح، الأمر الذي أضر بنشاطها وأعطى صورة سيئة لمنظر المحل الخارجي، أما وليد خباز بالجزائر الوسطى فيقول؛ إن النشاط التجاري اليوم يفتقر للإحترافية، ولعل أحسن مثال على ذلك أن بالحي الذي يمارس فيه النشاط، تنتشر ثلاث مخابز بينما تغيب بعض الأنشطة كبيع الأكل السريع مثلا أو المواد الغذائية وهذا ما يؤكد وجود حالة من الفوضى، بينما تقول التاجرة ربيعة التي اختصت في بيع الألبسة الداخلية بأن وجود مقهى يجاور محلها جعل الزبونات يجدن حرجا في دخول المحل، خاصة أن عددا كبيرا من مرتادي المقاهي يمضون طيلة اليوم جاثمين في المقهى، الأمر الذي أثر على نشاطها، وترى أنه يفترض أن تكون هناك ضوابط معينة فلا يعقل مثلا أن يجاور محل لبيع الملابس النسائية مقهى أو محلا للخضر بل يفترض أن يكون هناك محل آخر لبيع الملابس ليكون هناك نوع من التناسق ويعطي صورة جميلة حتى من الجانب العمراني.احتكت "المساء" ببعض المواطنين لرصد آرائهم حول توزيع الأنشطة التجارية بالأحياء فصبت معظم الإجابات حول وجود نوع من عدم التناسق، فإما أن يكون هناك عدد من المحلات تمارس نفس النشاط، وتحديدا تلك التي تبيع المواد الغذائية، الأمر الذي يحتم عليهم التنقل بغية الحصول على بعض الحاجيات كمحلات بيع ملابس الأطفال التي تكاد تكون غائبة في الأحياء وتتمركز تحديدا في الأسواق، وإما أن يكون هناك توزيع لا يخدم الزبون كأن تجد مثلا محلا لبيع مواد التجميل يجاوره محل لبيع اللحوم، ويقابله محل لغسل السيارات أو لبيع الأشرطة، فالتنوع حاضر لكن التوزيع غير منظم ولعل أحسن مثال على ذلك ما جاء على لسان السيدة سعاد التي أكدت أنها انقطعت مؤخرا عن التردد إلى صالون الحلاقة بالحي فقط، لأن إلى جانبه مقهى، وعلقت؛ "يفترض أن يجاور محل الحلاقة مثلا محل لبيع الثياب أو مصور، لكن الذين يمارسون التجارة اليوم يفتقرون للاحترافية وينجرون وراء رغباتهم ولا يكترثون لاحتياجات الزبائن، رغم أنهم مصدر أرباحهم.وأرجع حاج الطاهر بولنوار الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الجزائريين، الفوضى الحاصلة في توزيع الأنشطة التجارية إلى عدم إثراء القانون الذي ينظم الأنشطة التجارية باقتراحات وتعديلات جديدة، لأن القانون "يمنح للتاجر الحرية التامة في اختيار النشاط الذي ينوي ممارسته ونتج عنه طغيان عدد من الأنشطة ببعض الأحياء وغياب أخرى، فمثلا نجد في بعض الأحياء ثلاث إلى أربع مخابز في حين تفتقر أحياء أخرى لمخبزة واحدة، مما نتج عنه جو مشحون من المنافسة غير الشرعية".من ناحية أخرى، أكد بولنوار أن التاجر يوم يختار نشاطا معينا فإنه يفترض أن يقوم بدراسة ما يحتاجه المكان، أي يراعي طلب الزبائن، فإن كان الحي يفتقر لحلاق، فإنه يعد محلا للحلاقة وإن كان يفتقر مثلا لمكتبة يباشر هذا النشاط، غير أن تدخل بعض الاعتبارات، منها مكان تواجد المحل، ومساحته وسعره تحديدا، قد تجعله هذه الأمور يغير حساباته ومنه يتجه إلى القيام بأي نشاط حتى وإن كان موجودا بذلك الحي.أما بالنسبة للتوزيع غير المتناسق للأنشطة التجارية، كأن يجاور محل للألبسة محلا للميكانيك، فيرى محدثنا بأن المبدأ يقضي في ممارسة التجارة، إن من لم يرغب في أن يجاوره نشاط تجاري معين، ما عليه إلا أن يحسن اختيار المكان الذي يمارس فيه نشاطه أو يغير محله أو نشاطه إلى حين إعادة النظر في القانون التجاري الذي ينظم سوق النشاط التجاري من خلال تقديم اقتراحات تعيد النظر إلى المقاييس التي تحكم توزيع نشاطات المحلات التجارية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/09/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : رشيدة بلال
المصدر : www.el-massa.com