الجزائر - A la une

إصلاح البكالوريا والإصلاحات الأخرى؟



إصلاح البكالوريا والإصلاحات الأخرى؟
يتوجه الآلاف من الطلبة اليوم إلى مراكز الامتحان في آخر بكالوريا ”العتبة” مثلما وعدت بذلك السيدة الوزيرة، كما أنها آخر بكالوريا لتلاميذ المنظومة السابقة قبل أن تحدد سنوات الطور الابتدائي بخمس سنوات.وستشكل هذه السنة النقطة الفاصلة في حياة المنظومة التربوية التي نزلت بمستوى المدرسة الجزائرية إلى الحضيض، هذا إذا نجحت السيدة بن غبريط في فرض نظرتها للمدرسة، بإعادتها للبكالوريا هيبتها بحيث تحدد نسبة النجاح بناء على مستوى الطلبة وبناء على الإمكانيات المتوفرة لدى الجامعات من إطار تربوي وهياكل ومن حاجة سوق العمل للمتخرجين.ففي السنوات الأخيرة استعملت شهادة البكالوريا وسيلة لامتصاص غضب الشباب، وتلهيتهم لسنوات إضافية تنتهي بحصولهم على شهادات لا تنفع في سوق العمل، إضافة إلى مستوى متدن لأسباب جمّة ومنها على الخصوص العدد الهائل للطلبة في مدرجات الجامعة، بما يعيق توفير الإطار الضروري لتأطيرهم وتوجيههم.فابتداء من السنة المقبلة مثلا وعدت الوزيرة بأن لن تكون نسب البكالوريا بهذه الأرقام الخيالية التي كانت تسجل سابقا، عندما صبغت هذه الشهادة بصبغة سياسية وأهمل فيها الجانب البيداغوجي والعلمي، إذ تسابقت الحكومات المتعاقبة على رفع نسب النجاح، وأهملت بذل التخصصات المهنية، لأن الكل صار يدخل الجامعة حتى وإن كان سينتهي به المطاف في سوق البطالة واليأس.لكن إصلاحات السيدة بن غبريط قد تفتح على البلاد باب جهنم، إذا ما تم تخفيض نسبة النجاح وأبعدت البكالوريا عن اللعبة السياسية، ما لم تصاحبها من جهة أخرى ترقية مجالات التكوين الأخرى في شتى المجالات والمهن. هذه المهن التي أهملت في العشريات الأخيرة، حتى أننا صرنا نستورد اليد العاملة في مجال البناء من الصين، بينما تتزايد أرقام البطالة، هذا إلى جانب إهمال العديد من الصناعات التقليدية وغير التقليدية التي دمرتها حاويات الاستيراد العشوائي لمختلف أنواع السلع الاستهلاكية.فإصلاح المدرسة لن يتوقف عند تنقيح الكتب من الأفكار البائدة أو مطابقة البرامج مع منظومات الدول المتطورة، وإنما يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاجتماعية والثقافية للبلدان، فكم من المهن كانت ستمتص الآلاف من اليد العاملة لو أعيد لها الاعتبار، مثل فن الفندقة والمطاعم، التي بتحسينها وتكوين اليد العاملة المتخصصة فيها، سيتم من خلالها النهوض بقطاع السياحة الذي كنا سننافس فيه بلدان الجوار ويوفر لنا مصدرا مهما للعملة الصعبة. والأمر ذاته بالنسبة للصناعات التقليدية التي ترافق هذا القطاع، وكذلك بالنسبة للصناعات الغذائية العائلية التي كانت منتشرة بكثرة، قبل تحرير التجارة الخارجية، وتعرضت للمنافسة الخارجية.نعم تطوير المنظومة التربوية وإصلاحها لابد أن يهتم بكل هذه الجوانب، فلابد من ضمان مستقبل الآلاف ممن لم يتحصلوا على البكالوريا ولم تؤهلهم مستوياتهم لدخول الجامعة التي سيقتصر دورها على تكوين النخبة التي من خلالها يمكن إصلاح حال البلاد، وإلا فسيكون ما تقوم به بن غبريط وما ستأتي به من أفكار هامة لإصلاح المنظومة مجرد صرخة في واد؟!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)