الجزائر

أي دور للنخبة الجزائرية في التغيير السياسي؟



وفية لنهجها والتزاما ببرامجها في إنارة الرأي العام واقتراحات الحلول لمشاكل معقدة وتراكمات أزمة تضرب بثقلها وتؤثر بانعكاسات على مسار الوطن وتطلعات أمة، بادرت الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، أول أمس، بنادي المجاهد بورسعيد بالعاصمة، بتنظيم ندوة «دور النخبة في التعبير عن الحركية السياسية الحالية في الجزائر». وهي الندوة الثامنة في لقاءات دورية دأبت عليها الرابطة للمرافعة من أجل نخبة فاعلة تعرض مساهماتها في حل تعقيدات ولم تبق على الهامش تتفرج على الأحداث وكأن شيئا لا يعنيها مطبقة القاعدة السلبية «تخطي راسي».حرص على هذا الأمر الدكتور مصطفى بيطام رئيس الرابطة في افتتاح الندوة التي حضرها أساتذة جامعيون، نشطاء سياسيون وإعلاميون تقاطعت آراؤهم حول فكرة واحدة، هم واحد، الإدلاء بالآراء حول كيفية تجاوز أخطر أزمة تعيشها الجزائر منذ الاستقلال بالحوار التوافقي المسؤول المؤمن لمسار بناء ديمقراطي تعددي تفرض فيه لغة الجدل بالتي هي أحسن بعيدا عن التطرف والإقصاء والمغالاة.
ذكر الدكتور بيطام بهذا المعطى والظروف التي تجرى فيها والمحيط الإقليمي والدولي المضرب الواقع تحت اهتزازات تحركها قوى الخارج بتوظيف تناقضات الداخل خدمة لمصالح واستجابة لصراع النفوذ، مبديا إرادة الرابطة الصادق في تقديم ما عليها في سبيل تضافر جهود كل القوى الخيرة من أبناء وبناة الجزائر لتجاوز هذه المرحلة بأمان.
وقال بيطام تحت التأثر وبرؤية تحليلية لواقع متغير، إن الأزمة التي تعيشها البلاد، تدعو كافة النخب والكفاءات والشخصيات الوطنية والقوى السياسية الملتزمة بالخيار الوطني ومختلف شرائح المجتمع التي تعبر عن نفسها كممثلة للحراك الشعبي، إلى دعم المسار الذي التزمت به رئاسة الدولة والمؤسسة العسكرية لتجاوز حالة الانسداد بما يخدم استقرار الجزائر وأمنها وسلامتها، ويستجيب لتطلعات شعبها ضمن الأطر الدستورية بوصفها الضامن الوحيد للحفاظ على وحدة الوطن والتعايش بين أبنائه.
من جهتهم، قدم المتدخلون ورقة تحليلية عن أي دور تلعبه النخبة في الوضع الصعب الذي تعيشه الجزائر وتناضل من أجل الخروج منه بأكبر تحد وأقوى رهان معتمدة على أبنائها المخلصين وكفاءات الطبقة المثقفة التي كانت دوما في أولى الصفوف لإخراجها إلى بر الأمان اعتمادا على استقلالية قرار وسيادة خيار مكسرة الاتكالية على الآخر.
في هذا الإطار أثار نور الدين بكيس أستاذ في علم الاجتماع إشكالية تصادف لأول مرة في جزائر الاستقلال. تتمثل في إشكالية النخب والعلاقة التصادمية مع الشعب.
وقال بكيس الذي ردد أكثر من مرة تناقضات نعيشها بمرارة وحرقة اننا نعيش حرقة إلكترونية واغترابا داخل الوطن، أن انفجارات الواقع تطرح الكثير من الإشكاليات التي تفرض البحث عن الحول الممكنة في أقصر الطرق وأكثرها أمنا وتأمينا للاستقرار. وهي حلول تفرض على النخب غير المرحب بها من الحراك مراجعة الحسابات والعدول عن إدارة الظهر لمطالب شرعية من أجل تغيير النظام السياسي وتأسيس جمهورية جديدة.
نفس الطرح ورد على لسان حميد علوان أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر 3 مذكرا بالوضع الخطير الذي تعيشه البلاد، ما يحتم على النخب الانخراط في مسعى الترميم وسد الفجوات.لأن بهذا الدور تتمكن النخب من الاستحواذ على أدوات التأثير وامتلاك قدرة القيادة في النظام السياسي والتغيير.
لم تبتعد الطبيبة والناشطة السياسية حملاوي ابتسام عن دائرة النقاش المفتوح المرتكز على منطلقات جادة لحوار توافقي حول أرضية مشتركة للنهوض بالبلاد وتضميد جرحها بالقول إن النخب أخطأت الهدف وأساءت التقدير عندما تحلت بالشعبوية في تعاملها مع الحراك بدءا من 22 فيفري. ولم تكلف نفسها عناء الجهد في مرافقة المطالب بدل السعي للانخراط في الخارطة الجديدة من أجل انتزاع مكاسب مستقبلا وتأمين ذاتها في محيط متغيير ومسار تجديد وقطيعة مع الماضي.
وتساءل أحمد كروش الخبير الأمني في مداخلته عن سبب عدم قراءة النخبة المتغيرات قراءة صحيحة وتأخرها عن اتخاذ موقف يليق بدورها عبر العصور كقاطرة تحول وقيادة. لكنها لم تفعل هذا حتى وجدت نفسها خلف التيار.
وقال عامر بغدادي في مداخلته إن التاريخ علمنا أن النخب هي من تقود التغيير وتسير الثورات. لكن العكس وقع هذه المرة حيث وجدت النخبة الجزائرية نفسها خارج الإطار إلى درجة أن الحراك انتزع ثقته منها وصارت حشود الجماهير في مسيرات سلمية من مشارق الجزائر ومغاربها تصرخ بملء الفم أنها لا تريد نخبا تمثلها وهي متمادية في معركة رسم معالم وطن أقسمت بالنازلات الماحقات أن ترفع شأنه بين الأمم مثلما نادى من فجر الكفاح المسلح وترك وصيته الشهيرة «إذا استشهدنا، حافظوا على ذاكرتنا».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)