أوضح المحامي عمار بن تومي أنه عارض اتفاقيات إيفيان ، التي وضعت إجراءات قانونية تجعل
من الفرنسيين الذين اختاروا البقاء في الجزائر وأخذ الجنسية الجزائرية مواطنين
فوق العادة ، لأن ديغول كان يراهن على بقاء 500 ألف فرنسي، يكونون يد فرنسا في الجزائر ،
مضيفا في حوار لـ الخبر ، أن الذين يحلمون باسترجاع ممتلكاتهم في الجزائر من الأقدام السوداء، ليس بإمكانهم ذلك، لأنه لا يوجد أي مادة في اتفاقيات إيفيان تسمح بذلك .
اعترف عمار بن تومي أول وزير للعدالة في أول حكومة للجزائر المستقلة، أنه كان ضد اتفاقيات إيفيان في شطرها المتعلق بالعدالة، التي تجعل من الفرنسيين الذين يختارون الجنسية الجزائرية والبقاء في الجزائر، مواطنين فوق العادة ، مضيفا في لقاء مع الخبر للحديث عن آخر كتبه الصادر عن دار القصبة بعنوان ميلاد العدالة الجزائرية ، أنه تحدث في هذا الأمر مع مهندس المفاوضات المرحوم سعد دحلب، الذي طمأنه بالقول إن بقاء هؤلاء الفرنسيين غير وارد، كما أن القوانين يمكن تغييرها مستقبلا، مذكرا بقوله لقد فضلنا التنازل في هذا الميدان، على أن نتنازل في قضايا أهم، منها التي تخص الإقليم .وأوضح بن تومي أن الهاجس الأكبر بالنسبة إليه، هو كيف يحول دون بقاء الفرنسيين في الجزائر؟ لأن الهدف من وضع هذه التدابير هو الحفاظ على الوجود الفرنسي في الجزائر، مشيرا في هذا السياق إلى أن هذا ما كان يراهن عليه ديغول وهو بقاء أكثـر من 500 ألف فرنسي، يمكن لفرنسا عن طريقهم التدخل في الشأن الجزائري، ومن ضمن هذه الإجراءات التي تحدثت عنها اتفاقيات إيفيان، والتي حدّدت من السيادة الجزائرية خاصة في العدالة حسب تومي، هي المواد الخاصة بالأقلية الفرنسية في الجزائر، وتتمثل في إنشاء مجلس الضمانات وجمعية الحفاظ على حقوق الجزائريين ذوي الأصل الفرنسي. وللوقوف ضد هذه الإجراءات قال بن تومي إنه أخر وعرقل إنشاء هذه الجمعية وهذا المجلس، رغم إلحاح الجانب الفرنسي، حيث تردّد عليه السفير الفرنسي أكثـر من أربع مرات لإتمام هذا الأمر، لكن بن تومي تعامل مع الفرنسيين الباقين في إطار عام وليس حسب اتفاقيات إيفيان، وكان تبريره للجانب الفرنسي دائما أن الجزائر حديثة الاستقلال وهي بصدد وضع أسس العدالة والقضاء على الفوضى لضمان أمن الجميع، مستطردا أنه كان ذا استقلالية تامة في قراراته وقال رغم خلافي مع بن بلة في عدة أمور إلا أنه لم يكن يتدخل في عملي أبدا، وعندما يشتكي أي طرف، يقول له توجه إلى وزير العدل عندي ما يكفيني من أمور مهمة لأناقشها .أما الإجراء الثاني الذي اتخذ في هذا الإطار، فهو أن كل الفرنسيين الذين كانوا يعيشون في الجزائر وغادروها ولم يعودوا إلى عملهم وأملاكهم ونشاطاتهم، قبل أكتوبر 1962 تصبح أملاكهم شاغرة وتتكفل الدولة بإدارتها، وبدءا من سنة 1968 تم تأميم كل الممتلكات، وفي هذا الإطار يشدد بن تومي أن أولائك الذين يريدون اليوم المطالبة بأملاكهم من الأقدام السوداء ليس لهم أي سند قانوني يعتمدون عليه في اتفاقيات إيفيان، ومذكرا بأن هؤلاء استولوا على أملاك الجزائريين بطرق مختلفة، غير إنسانية، كالقتل والطرد من الأراضي والسجن والنفي وغيرها. والجزائر استردت أملاكها بطرق قانونية لا نقاش فيها. أما عن قضية الحركى، التي تحدث عنها الكتاب يقول بن تومي تعامل القانون الجزائري مع الحركى كمواطنين جزائريين خانوا وطنهم، ليس كفرنسيين، كما أن اتفاقيات إيفيان لم تشر إليهم، لكن تحدثت عن العفو الشامل من الطرفين ، مضيفا لقد تخلى الفرنسيون عن الحركى، بل إن بعضهم جرّد من السلاح، فمنهم من هرب ولحق بالفرنسيين، ومنهم من بقي خاضعا للقانون الجزائري . وكان أول إجراء اتخذته الجزائر حسب تومي هو فتح محتشدات للحركى للحفاظ على حياتهم من أي تجاوز، بعد أن بدأ القتل العشوائي وعمّت الفوضى، بعد خروج الفرنسيين، مذكّرا بقضية 1500 حركي الذين أودعوا حبس الحراش. معترفا في سياق آخر، بأن العدالة الجزائرية لم تحكم على أي جزائري قتل حرْكيا، حتى أولائك الذين قبض عليهم بتهمة القتل أطلق سراحهم، كما كشف أن بعض التحقيقات أثبتت أن هناك من كان ضحية لتصفية الحسابات بين المجاهدين أو بعض العائلات فاتهموا بالخيانة زورا. وقد تم التعامل مع قضية الحركى بعد ذلك على أعلى مستوى، فبعد أن اتهمت الجزائر دوليا بقتلها للمئات من الحركى وأثيرت القضية في الصحافة الفرنسية والدولية، دخلت الجزائر في مفاوضات قادها بن بلة شخصيا، حيث التقى بوفد الصليب الأحمر الدولي، في سفارة سويسرا بالجزائر أين وعد بتحرير الحركى، الأقل من 18 سنة والأكبر من 60 والباقي أودع السجن. لكن حسب الوزير بن تومي بعد سنة 1965 اختلطت الأمور، فهناك من هرب وهناك من أطلق سراحه، بعد تدخل مجاهدين من عائلته، كما بدأت الصراعات الداخلية والمصالح تتضارب.ومن بين صور الفوضى، ما حدث للأراضي الفلاحية الجزائرية، التي تم تأميمها، وهي حوالي 3 ملايين و800 ألف هكتار من أحسن الأراضي الفلاحية الموجودة، حيث سلّمت للفلاحين الذين كانوا يعملون مع الفرنسيين و100 ألف هكتار فقط أعطيت للمجاهدين، لأن أغلبهم لم يعودوا للأرض ودخلوا المدن، والكثير منهم بقي في المعسكرات، بينما كان يجب أن نعود إلى الأرشيف ونعيد الأرض التي سلبتها فرنسا إلى أصحابها، وقد استمر الوضع مع الثورة الزراعية، أين استفادوا منها نفس الأشخاص ثم عقود الاستغلال والآن عقود الامتياز. نسخة للطباعة
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/09/2010
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: مسعودة بوطلعة
المصدر : www.elkhabar.com