الجزائر

أولمبيادهم وخمسينيتنا



أولمبيادهم وخمسينيتنا
يجبرك البريطانيون على احترامهم، لخصوصية تفكيرهم كشعب راق، ذي حضارة عريقة ومتأصلة. وزاد احترامي لهم بعد مشاهدة حفل افتتاح الأولمبياد، لا للبهرجة التي ميّزته، لأنها لم تكن، ولا لألعابه النارية التي تقل بكثير عن تلك التي استعملناها في حفل الخمسينية، ولا من أجل المخرج العالمي والكوريغرافيا الرائعة، ولا من أجل الملايين التي صرفوها، وطبعا أعطت ثمارها بحفل جميل ومعبّر.. لكن احترمتهم عندما خصصوا فقرة طويلة للاحتفاء بالطفولة، والتذكير بأهمية التعليم والصحة وأدب الطفل ودور المعلم، أي بنظام التعليم البريطاني ككل.
لم يفتخر البريطانيون ولم يقدسوا سياسييهم ولا أبطال معاركهم، ولم يتذكروا لا تشرشل ولا حتى الملكة، بل تذكروا أطفالهم، مستقبل الأمة الذي تراهن عليه المملكة العظمى. علينا أن نحترم أمة تراهن على إنسان المستقبل، وكيف توفر له الصحة والعلم والأدب. أمة تعتز بتاريخها وماضيها، وتغرسه في الطفل أولا. أمة التعليم فيها من المقدّسات، والمساس بالطفل فيها من المحرّمات. أمة أرادت أن تقول للعالم أجمع، لا يهمّني إبهاركم بالتكنولوجيا، ولا عرض للصور ثلاثية الأبعاد، ولا البهرجة الزائدة، فقط يكفيني أن أتذكر أنني انطلقت من الريف، وبنيت حضارتي وتاريخي بسواعد أبنائه البسطاء، ولكن ما يهمني أكثر اليوم، هو كيف أبني الإنسان البريطاني، وأغرس فيه القيم الإنسانية، وأحافظ على سلامة عقله وجسده، ليكون رجلا صالحا في المستقبل..
احتفى ''أولمبياد لندن'' بالطفل، بل احتفى بإنسان الغد ومستقبل الأمة البريطانية، لأنهم يدركون أن كل ما يحيط بالإنسان هو نتاج الإنسان، فإن فَسَدَ هذا الأخير، خَسِرت الأمة بفساده كل شيء، فلا مال يَدفع عنه، ولا علم يَشفع له، ولا صحة تَنفعه. أليس هذا حال أمتنا اليوم وجزائرنا بعد 50 سنة من الاستقلال؟ أردنا أن نصنع كل شيء، ونسينا الإنسان، فذهب الإنسان وأذهب معه كل شيء، فما بقيت صناعة ولا زراعة ولا تعليم ولا سياسة ولا صحة ولا..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)