حذرت أوساط سياسية من أن لبنان، الذي يشهد احتجاجات شعبية متواصلة منذ 17 أكتوبر الماضي، يقف اليوم على مفترق طرق، الأمر الذي يتطلب تكثيف الجهود من خلال تبني أرضية تقوم على أسس قاعدة التوافق الوطني حول أهم المسائل الداخلية الملحة من ضمنها صيغة وتشكيلة الحكومة الجديدة.و على اثر التطورات المتسارعة التي تشهدها البلاد، قالت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، ريا الحسن، أن لبنان يقف على مفترق طرق، معربة عن أملها في أن يختار اللبنانيون ويسلكوا الطريق الصحيح ،حيث أن مازال لديهم الوقت كي يتجاوزوا الصعاب التي يواجهونها في بلدهم من أجل أن يصلوا به إلى بر الأمان.
و كان الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية، قدم استقالته في 29 أكتوبر الماضي على خلفية الاحتجاجات، ولكن لم يتم إلى الآن تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة بحسب الدستور لتكليف رئيس حكومة جديد وسط استمرار الخلاف على شكل الحكومة.
وأكد الحريري في عدة تصريحات له، أنه لا رغبة لديه في تشكيل حكومة جديدة في البلاد وأن قراره هذا قاطع لا رجعة فيه، مشددا على أن الخروج من الأزمة التي يشهدها لبنان منذ أكثر 40 يوما وقرابة الشهر على استقالة الحكومة التي كان يرأسها، "لا يمكن بدون حكومة من الأخصائيين".
و اعتبر الحريري، أن ما هو أخطر من الأزمة الوطنية الكبيرة والأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان وما يمنع المعالجة الجدية لهاتين الأزمتين المترابطتين، هو "حالة الإنكار المزمن التي تم التعبير عنها في مناسبات عديدة طوال الأسابيع الماضية"منتقدا اتهامه بالمسؤولية عن تأخير تشكيل الحكومة الجديدة،حيث أكد انه لا للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة إلا بحكومة أخصائيين.
و على خلفية هذه الأحداث، و سعيا منه لاخراج البلاد من الازمة، دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، مرارا، المتظاهرين في بلاده إلى الحوار، معتبرا "أنها الوسيلة الوحيدة لحل الأزمات".
وشدد على وجوب التوصل إلى حكومة تلبي ما أمكن مِن طموحات اللبنانيين وتطلعاتهم، وتكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، مشيرا إلى أن "التحديات التي تنتظرها ضخمة".
و لاتزال المظاهرات في لبنان مستمرة منذ أكثر من شهر وسط أزمة حكومية جراء عدم التوافق بين القوى السياسية فيما بينها من جهة، وبينها وبين المتظاهرين من جهة أخرى، على شكل الحكومة الجديدة المرتقبة التي يقع على كاهلها حل الأزمة الاقتصادية في البلاد ومكافحة الفساد إلى جانب تنفيذ مطالب معيشية وحياتية.
إضراب عام مفتوح لأصحاب محطات الوقود
وتتواصل الاحتجاجات في لبنان، مما زاد الضغوط على نظامه المال، لتتفاقم أزمة عملة صعبة نالت من قدرة مستوردين عديدين على جلب السلع، في الوقت الذي أعلنت فيه نقابة أصحاب محطات الوقود البدء في تنفيذ إضراب عام مفتوح ابتداء من اليوم الخميس، تمتنع بموجبه المحطات عن تزويد السيارات و المركبات بالوقود أو بيع المحروقات في جميع أرجاء البلاد.
وقالت النقابة أن الدعوة لهذا الإضراب تأتي جراء استمرار أزمة نقص الدولار،و وجود سعرين لصرف الدولار في السوق اللبنانية، وكذا في ظل عدم التزام مصرف لبنان والشركات المستوردة للمشتقات النفطية بالاتفاق المبرم في شأن بيع وتسليم المحروقات إلى المحطات بالليرة اللبنانية مشددة على ان أصحاب محطات الوقود هم الضحايا جراء عدم الالتزام بالاتفاق على نحو كبدهم خسائر مالية كبيرة.
و عن قرار الإضراب، أكدت النقابة على أنها تريث كثيرا قبل اتخاذ هذه الخطوة في انتظار تحديد موعد لرئيس الجمهورية مع نقابة أصحاب المحطات لشرح معاناتهم، وكذا عدم تنفيذ أي من الوعود التي قطعها رئيس الحكومة وعدم اتخاذ وزارتا الطاقة والإقتصاد والمؤسسات المعنية أي إجراء يحمي مصالح هذه الفئة.
وعزت نقابة أصحاب الوقود في لبنان قرار الإضراب، في بيان بثته الوكالة الوطنية للإعلام، إلى الخسائر الناجمة عن ارتفاع تكلفة تدبير الدولار - الضروري لاستيراد الوقود - في السوق الموازية،و تتقاضى المحطات ثمن الوقود بالليرة لكنها تدفع لمستوردي الوقود من القطاع الخاص بالدولار.
و قد شهد قطاع المحروقات في لبنان أزمة كبيرة على مدى شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، جراء النقص الحاد في الدولار الأمريكي لاستيراد المشتقات النفطية، كما جرى مرارا الإعلان عن إضرابات ثم التوصل إلى حلول وانفراج الأزمة لاستمرار استيراد الوقود قبل أن تعاود الظهور مجددا بين الحين والاخر.
ومن المقرر، أن تطرح وزارة الطاقة اللبنانية مناقصة حكومية لشراء البنزين الشهر القادم بعد أن هدد مستوردو الوقود بزيادة الأسعار،وتحدد الوزارة إرشادات سعرية لمحطات الوقود، التي من المعتاد أن تستورد البنزين بنفسها.
و بحسب مصادر إعلامية، يواصل الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، مشاوراته مع الفرقاء السياسيين من أجل إيجاد حل للأزمة الحكومية في بلاده ،حيث الاتصالات مع الفرقاء السياسيين لن تتوقف قبل التوصل إلى حل للأزمة الحكومية بعد استقالة حكومة الحريري، و انه لن يوقع على تشكيل أية حكومة لا تخدم مصلحة لبنان،وهذه المرحلة التي تحتاج إلى توافق.
و سيكون للرئيس عون-بحسب ذات المصادر- لقاءات أخرى في الأيام المقبلة "ليكون العالم الخارجي على بينة مما يجري،حيث عقد لقاءات مع وفود من بريطانيا وفرنسا وروسيا ،لإطلاع المجتمع الدولي على حقيقة الوضع في لبنان،وأكدت المصادر التواصل بين عون و المتظاهرين حيث توجد رغبة للاستقرار في لبنان،ولاسيما في الجانب الاقتصادي.
و يأتي ذلك في وقت يترقب فيه المشهد السياسي بالبلاد،دعوة الرئيس اللبناني إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة اللبنانية خلفا لسعد الحريري،حيث يطالب المتظاهرون بحكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات نيابية مبكرة إلى جانب مكافحة الفساد فضلا عن مطالب معيشية وحياتية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/11/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : وكالة الأنباء الجزائرية
المصدر : www.aps.dz